
الطبع على قلوبهم.
ونزلت هذه الآية في قوم كانوا يسبّون النبي ﷺ بمكة إذا سمعوه يقرأ ليشتدَّ على الناس فأعلمه الله [ تعالى] أنه يحول بينه وبينهم حتى لا يفهمون ما يقول.
قال /: ﴿وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ﴾.
أي: جعلنا على قلوبهم أغشية تغشاها فلا تفهم ما تقرأ.
والأكنة: جمع كنان: " أيفقهوه ": أي: كراهة أن يفقهوه وقيل: معناه [ا] لا يفقهوه.
و ﴿وفيءَاذَانِهِمْ وَقْراً﴾.
أي: جعلنا في ءاذانهم صمماً لئلا يسمعوه.

أي: قال: ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرءان وَحْدَهُ﴾.
[أي]: إذا قلت لا إله إلا الله في القرءان ﴿وَلَّوْاْ على أدبارهم نُفُوراً﴾ أي: انفضوا عنك وذهبوا نفوراً من قولك واستعظاماً من تويحد الله جل ذكره. وقال عبد الله بن الحسن: هو قوله: بسم الله الرحمن الرحيم. وقال ابن زيد " نفوراً " بغضاً لما تكلم به لئلا يسمعوه كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في ءاذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به نوح [ ﷺ] من الاستغفار والأمر بالتوحيد.
وروي عن ابن عباس: أنه عني به الشياطين إذا سمعوا ذكر الله [ تعالى] وحده في القرءان هربوا.
ووحده: منصوب عند سيبويه على المصدر. ولا يكون إلا مضافاً ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في ذاته، فإذا قلت جاءني زيد وحده، فكأنك قلت أفرد زيد نفسه بمجيئه إليّ إفراداً. أي: لم يأتني مع غيره. وإذا قلت: رأيت القوم وحدهم. فمعناه:

أفردتهم برؤيتي لهم أفراداً. أي: لم أجاوزهم إلى غيرهم. فكأنه مصدر عمل فيه فعال في معناه من غير لفظه.
فأما قولهم: هو نسيج وحده. فهو مجرور في هذا المثل. ومعناه: المدح للرجل المنفرد برأيه. وهو مأخوذ من الثوب النفيس الذي لا ينسج على منواله [غيره]. وكذلك قولهم: هو عُيير وحدِه وجُحيش وحدِه أتى مخفوضاً مضافاً إليه، ولا يقاس على هذه الثلاثة غيرها.
فأما قولهم: رأيتهم ثلاثتهم وخميستهم، ونحوه من العدد فيحسن نصبه على المصدر كأنك قلت: ثلثتهم تثليثاً وخمستهم تخميساً.
وبعضهم يجر [ي] هـ على ما قبله من الأعراب. يجعله بمنزلة كلهم. فيقول: فعلنا ذلك خمستنا، فيرفع كما تقول: كلنا.
وإن شئت نصبت على المصدر وكذلك: مروا بنا خمستنا. وخمستنا تخفض على