
تُسأل الموؤودة تبكيتًا لوائدها وإنكارًا عليه؛ كما جاء قوله: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي﴾ الآية. [المائدة: ١١٦] والمخاطبة لعيسى (١) والإنكار على غيره.
٣٥ - وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ﴾، أي: أتموه ولا تبخسوا منه، ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ قال الحسن: هو القَبَّان (٢)، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء (٣).
وقال مجاهد: هو العدل، بالرومية (٤).
وقال الليث: هو أقوم الموازين (٥).
(٢) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٨٥ بلفظه، وورد في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٣ بلفظه، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٨ ب بلفظه، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٢، و"الطوسي" ٦/ ٤٧٦، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦٨. القَبَّان: الذي يوزن به، وهو عربيٌّ أو معرب. انظر (قبن) في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٨٨٠، و"اللسان" ٦/ ٣٥٢٣.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٩٧ بلفظه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ١٢٢ بنصه، و"الطبري" ١٥/ ٨٥ بنصه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٥٤، بنحوه، و"تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠٨ ب بنصه، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٢، بنحوه، و"الطوسي" ٦/ ٤٧٦ بنصه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٢٨ وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. واختُلف في أصل كلمة القسطاس: فقال الفخر الرازي ٢٠/ ٢٠٦: وقيل إنه بلسان الروم أو السرياني، والأصح أنه لغة العرب، وهو مأخوذ من القسط؛ وهو الذي يحصل فيه الاستقامة والاعتدال، وبالجملة فمعناه المعتدل الذي لا يميل إلى أحد الجانبين، وقال الألوسي ١٥/ ٧٢: وعلى القول بأنه رومي معرب وهو الصحيح، لا يقدح استعماله في القرآن في عربيته المذكورة في قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢]؛ لأنه بعد التعريب والسماع في فصيح الكلام يصير عربيًا، فلا حاجة إلى إنكار تعريبه أو ادعاء التغليب أو أن المراد عربي الأسلوب.
(٥) انظر: "تفسير الألوسي" ١٥/ ٧٢.

وقال أبو إسحاق: هو ميزان العدل؛ أيُّ ميزان كان من موازين الدراهم وغيرها (١).
[ذكر أبو (٢) علي جواز (٣) اللغتين فيه؛ ضم القاف (٤) وكسرها (٥)، وهذا كقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: ٩]، وكقوله: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ﴾ [هود: ٨٥]، وقوله: ﴿وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ﴾ [هود: ٨٤]، وقوله: ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا﴾ الآية (٦) [المطففين: ٢].
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ قال عطاء: يريد أقرب إلى الله (٧)، وقال قتادة: يقول: خيرٌ ثوابًا، ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ قال: وأحسن عاقبة في الخير (٨)، المعنى: أحسن ما يؤول إليه أمر صاحب الوفاء.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
(٣) في (ش)، (ع): (جواب).
(٤) أي: (القُسْطاس) قرأ بها: ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. انظر السبعة ص ٣٨٠، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٨، و"حجة القراءات" ص ٤٠٢، و"التيسير" ص ١٤٠، و"النشر" ٢/ ٣٠٧.
(٥) أي: (القِسْطاس) قرأ بها: حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. انظر المصادر السابقة.
(٦) "الحجة للقراء" ٥/ ١٠١، بنحوه.
(٧) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٩٧.
(٨) أخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٧٨، بنحوه، و"الطبري" ١٥/ ٨٥، بنحوه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٥٥، بنحوه، انظر: "تفسير ابن كثير" ٣/ ٤٥، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٢٩ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.