
أثره ويجري على سنته (١).
وقيل: معنى إخوان الشياطين] (٢): الذين يُقْرَنون به في النار (٣).
ثم ذم الشيطان بقوله: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾؛ ليرتدع المؤمن عن اتباعه فيما يدعو إليه، وفيه أيضًا إشارة إلى ذم المبذّر؛ حيث أخبر أنه أخو الشيطان، ثم ذم الشيطان؛ فإنه كفور لربه، فهو يتضمن أن المنفق في السرف كفور لربه فيما أنعم عليه.
قال ابن عباس في قوله: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ يريد جاحدًا لأنعمه.
٢٨ - قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ﴾ قال [ابن] (٤) زيد: أي عن هؤلاء الذين أوصيناك بهم (٥)، ونحو هذا قال الزجاج؛ فقال: هذه الهاء والميم ترجعان على القُربى والمساكين وابن السبيل (٦).
وقوله تعالى: ﴿ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا﴾ قال الحسن وعكرمة: انتظار رزق من الله يأتيك (٧).
قال الزجاج: وهو نصب؛ لأنه مفعول له، المعنى: وإن أعرضت عنهم لابتغاء رحمة من ربك (٨)، لا يحتمل أن يكون سببًا لإعراضه على ظاهر اللفظ إلا أنْ يُرَدَّ إلى معناه الباطن؛ ومعناه الباطن أن يكون قوله:
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (د).
(٣) ورد بنصه في "تفسير الجصاص" ٣/ ١٩٨، و"الطوسي" ٦/ ٤٦٩.
(٤) التصويب من الطبري، وفي جميع النسخ: (زيد).
(٥) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٧٥ بنصه.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٥ بنصه.
(٧) أخرجه "الطبري" ٨/ ٧٠ بنصه عن عكرمة.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٥ بنصه.

﴿ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ﴾، قد أومئ به إلى الإضاقة والإعسار؛ لأن معناه: رجاء صنيع الله وكفايته، وفيه إشارة إلى الإضاقة، فيكون المعنى أن تُعرض عن السائل إضاقة وإعسارًا.
وذكر الكلبي وغيره: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (كان إذا سأله فقراء أصحابه فلا يجد ما يعطيهم، أعرض عنهم حياءً منهم ويسكت، فعلمه الله كيف يصنع، فقال: ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾ (١).
وقال الزجاج: يُروى أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سُئل وليس عنده ما يعطي أمسك انتظار الرزق يأتي من الله؛ كأنه يكره الرَّدّ، فلما نزلت هذه الآية: (كان إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي قال: "يرزقنا الله وإياكم من فضله") (٢) (٣)، فذلك قوله: ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾، قال ابن زيد: قولًا جميلًا، رزقك الله وبارك الله فيك (٤).
وقال الكلبي: عِدْهم عِدَةً حسنة (٥)، وهو قول الفراء ومجاهد (٦).
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" [مجمع البحرين] ٦/ ١٩٧، بنحوه عن علي، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠٧ ب بنصه، و"القرطبي" ١٠/ ٢٤٩، و"ابن عطية" ٩/ ٦٢، وأورده الهيثمي في "المجمع" ٩/ ١٣ وقال: وفيه محمد بن كثير الكوفي، وهو ضعيف. فالحديث ضعيف.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٥ بنصه.
(٤) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٧٥ - ٧٦ بنصه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٢٩، و"الدر المنثور" ٤/ ٣٢١ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٥) ورد عن ابن عباس والحسن، كما في "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٢٩، و"تنوير المقباس" ص ٢٩٩، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦٦ بنصه، و"الطوسي" ٦/ ٤٧٠، بنحوه.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٢٢ بنصه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٢٩، عن مجاهد.