آيات من القرآن الكريم

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَحَفْصٌ بِالْكَسْرِ وَالتَّنْوِينِ وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْفَاءِ غَيْرَ مُنَوَّنٍ وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَهِيَ كَلِمَةُ كَرَاهِيَةٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَصْلُ الْتُّفِّ وَالْأُفِّ الْوَسَخُ عَلَى الْأَصَابِعِ إِذَا فَتَلْتَهَا.
وَقِيلَ: "الْأُفُّ": مَا يَكُونُ فِي الْمَغَابِنِ مِنَ الْوَسَخِ وَ"الْتُّفُّ": مَا يَكُونُ فِي الْأَصَابِعِ.
وَقِيلَ: "الْأُفُّ": وَسَخُ الْأُذُنِ وَ"الْتُّفُّ" وَسَخُ الْأَظَافِرِ.
وَقِيلَ: "الْأُفُّ": وَسَخُ الظُّفْرِ وَ"الْتُّفُّ": مَا رَفَعْتَهُ بِيَدِكَ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ حَقِيرٍ.
﴿وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾ وَلَا تَزْجُرْهُمَا.
﴿وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ حَسَنًا جَمِيلًا لَيِّنًا قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: كَقَوْلِ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ لِلسَّيِّدِ الْفَظِّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تُسَمِّيهِمَا وَلَا تُكَنِّهِمَا وَقُلْ: يَا أَبَتَاهُ [يَا أُمَّاهُ] (١).
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا: إِذَا بَلَغَا عِنْدَكَ مِنَ الْكِبَرِ مَا يَبُولَانِ فَلَا تَتَقَذَّرْهُمَا وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ حِينَ تُمِيطُ عَنْهُمَا الْخَلَاءَ وَالْبَوْلَ كَمَا كَانَا يُمِيطَانِهِ عَنْكَ صَغِيرًا.
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤) ﴾
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ أَيْ: أَلِنْ جَانِبَكَ لَهُمَا وَاخْضَعْ. قال عروة ٢٠٨/ب بْنُ الزُّبَيْرِ: لِنْ لَهُمَا حَتَّى لَا تَمْتَنِعَ عَنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ ﴿مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ مِنَ الشفقة ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ أَرَادَ: إِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ" (التَّوْبَةِ-١٣).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي السُّلَمِيَّ-عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَحَافِظْ إِنْ شِئْتَ أَوْ ضَيِّعْ" (٢).

(١) ساقط من "ب".
(٢) أخرجه الترمذي في البر والصلة باب الفضل في رضا الوالدين: ٦ / ٢٤-٢٥ وقال هذا حديث صحيح وابن ماجه في الأدب باب بر الوالدين: ٢ / ١٢٠٨ وصححه ابن حبان برقم (٢٠٢٣) ص (٤٩٦) من موارد الظمآن والحاكم في المستدرك: ٢ / ١٩٧ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٨ / ٥٤٠) والطحاوي في مشكل الآثار: (٢ / ١٥٨) والإمام أحمد في المسند: ٥ / ١٩٦، ٦ / ٤٤٥، ٤٤٨، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ١٠. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (٩١٤) : ٢ / ٦١٨-٦١٩.

صفحة رقم 86

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّرَّادُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْجُرْجَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَالِينِيُّ أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عُدَيٍّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ" (١).
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصِّفَارُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ تِمْتَامٍ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ وَلَا عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ" (٢).
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَامَوَيْهِ الْأَصْفَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَتَى عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ الْكِبَرُ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ" (٣).

(١) أخرجه الترمذي في البر باب الفضل في رضا الوالدين: ٦ / ٢٥ مرفوعا وموقوفا وقال: وهذا -الموقوف- أصح وأخرجه ابن حبان برقم (٢٠٢٦) ص (٤٩٦) من موارد الظمآن وصححه الحاكم ٤ / ١٥٢ والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ١٢. وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (٥١٦) : ٢ / ٢٩-٣١، ومجمع الزوائد: ٨ / ١٣٦، الكافي الشاف ص (٩٨) كشف الحفاء: ١ / ٥٢٠.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٢٨، ٤٤ عن أبي سعيد الخدري، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ١٧، وفيه: يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وللحديث شواهد كثيرة عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأنس. انظر: سنن النسائي، كتاب الأشربة باب الرواية في المدمنين في الخمر: ٨ / ٣١٨، وسنن الدارمي في الأشربة باب مدمن الخمر: ٢ / ١١٢، وابن حبان ص (٤٩٨) من موارد الظمآن، والمصنف لابن أبي شيبة: ٨ / ٥٤٤، والمسند للإمام أحمد: ٣ / ٢٢٦، ومشكل الآثار للطحاوي ١ / ٣٩٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: ٢ / ٢٨٥-٢٩١، وانظر: الدر المنثور: ٥ / ٢٦٦.
(٣) أخرجه الترمذي في الدعوات باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رغم أنف رجل: ٩ / ٥٣٠-٥٣١، وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". والمصنف في شرح السنة: ٣ / ١٩٨. وأخرج الحاكم القطعة الأولى منه في المستدرك: ١ / ٥٤٩، وأخرج مسلم الثانية منه في البر والصلة، برقم (٢٥٥١) : ٤ / ١٩٧٨، وله شاهد عن كعب بن عجرة، أخرجه الحاكم في المستدرك: ٤ / ١٥٣، وقال: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي. وانظر: إرواء الغليل: ١ / ٣٦، مشكاة المصابيح: ١ / ٢٩٢، الترغيب والترهيب: ٢ / ٥٠٦-٥٠٨، الكافي الشاف ص (١٣٧)، فتح الباري: ١١ / ١٦٨، جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم ص (٣٤-٣٥).

صفحة رقم 87
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية