آيات من القرآن الكريم

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

بأصوافها إلى أن يموتوا، ويقال: إلى الحين بعد الحين (١).
٨١ - قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد ظلال الغمام والسحاب (٢)؛ كما قال: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ [البقرة: ٥٧] يريد لتقيكم من حر الشمس ومن شدة البرد، وقال الكلبي: ﴿مِمَّا خَلَقَ﴾ يعني البيوت (٣)، وقال قتادة: يعني الشجر (٤)، واختاره الزجاج. فقال: أي جعل لكم من الشجر ما تَسْتَظِلُّون به (٥) (٦).
وقوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا﴾ قالوا: يعني الغيران والأسْرَاب (٧)، وواحد الأَكْنَان كِنٌّ، على قياس حِمْل

= وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٩٧، بلفظه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٣٧، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٢. بنصه.
(٢) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٧، وأبي حيان ٥/ ٥٢٤، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ٢٠٥
(٣) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٧، وأبي حيان ٥/ ٥٢٤، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ٢٠٥
(٤) أخرجه الطبري ١٤/ ١٥٥ بلفظه من طريقين، ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٤٥ بلفظه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٧، وأبي حيان ٥/ ٥٢٤، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٣٨، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٥، بنصه.
(٦) هذه الأقوال -في معنى الظلال- من اختلاف التنوع، ولا يجوز تخصيصها بأي منها، والأَوْلَى حَمْلُه على العموم؛ لعدم وجود مخصص، ولكونه جاء على سبيل الامتنان، والمنّة حاصلة بكل ذلك، لذلك فالأرجح ما قاله أبو سليمان الدمشقي: إنه كل شيء له ظل؛ من حائط، وسقف، وشجر، وجبل، وغير ذلك. "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٧.
(٧) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٤٥، بنصه، والثعلبي ٢/ ١٦١ أ، بنصه، وانظر: =

صفحة رقم 159

وأَحْمَال (١)، والكِنُّ: كل شيء وقى شيئًا، ويقال: اسْتَكَنَّ واكْتَنَّ، إذا صار في كِنّ (٢) (٣) ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ السرابيل: القُمُص، واحدها سربال (٤)، قال الفراء: سَرْبَلْتُ الرجلَ إذا لَبَّسْتَه سَرْبَلَةً وسِرْبَالًا (٥)، وأنشد:

عَمّى أبو مالك بالمجدِ سَرْبَلَني ودَنَّس العبد عبد القيس سربالي (٦)
قال أبو إسحاق: كلُ ما لَبِسْتَه فهو سربالٌ؛ من قميص أو دِرْع أو جَوْشَنٍ أو غيره (٧)، قال ابن عباس وقتادة: هي القُمُص من الكَتّان،
= "تفسير البغوي" ٥/ ٣٦، وابن الجوزي ٤/ ٤٧٨، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٥٩، والخازن ٣/ ١٢٩، (الغيران): جمع غار؛ وهو مغارةٌ في الجبل كالسَّرب، وقيل: الغارُ كالكَهْف في الجبل، (الأسْرَاب): جمع سَرْب، وهو المسلك في خفية، وأصله جُحر الثعلب والوحشي، وهو حفير تحت الأرض، وقيل: بيت تحت الأرض. انظر: (سرب) في "المحيط في اللغة" ٨/ ٣١٢، و"اللسان" ٤/ ١٩٨٠، (غور) ٦/ ٣٣١٣، و"معاني اللغة" ٣/ ١٣٣.
(١) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٥، بنصه.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (كن) ٤/ ٣١٩٦، بنصه، وهو قول الليث.
(٣) انظر: (كن) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٩٦، و"المحيط في اللغة" ٦/ ١٤٤، و"الصحاح" ٦/ ٢١٨٨، و"اللسان" ٧/ ٣٩٤٢، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٩٣، بنصه بلا نسبة.
(٤) انظر: (سربل) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٦٤، و"الصحاح" ٥/ ١٧٢٩، و"اللسان" ٤/ ١٩٨٣، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٩٣، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٦٠.
(٥) ليس في معانيه.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٥، بنصه. (جوشن): درع أو زَرَدٌ يُلْبَس على الصدر، والجمع: جواشن. انظر: "متن اللغة" ١/ ٦٠٣.

صفحة رقم 160

والقطن والصوف (١)، قال الفراء: ولم يقل: والبرد، وهي تقي الحرّ والبرد، فترك؛ لأن معناه معلوم (٢)، قال الزجاج: ولم يقل: وتقيكم البردَ؛ لأن ما وَقَى من الحرّ وَقَى من البرد (٣)، فعندهما أنه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر لدلالة المذكور على الآخر، وقال عطاء الخرساني: الذين خوطبوا بهذا أهل حَرّ في بلادهم فحاجتهم إلى ما يقي الحرّ أشد، لذلك لم يذكر البرد؛ لأن القوم خُوطبوا على قدر معرفتهم، كما قال: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا﴾: وما جعل من غير ذلك أعظم، ولكنهم كانوا أصحابَ وَبَر وشَعَر، وكذلك قوله: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور: ٤٣] يُعَجِّبُهم بذلك، وما أنزل من الثلج أعظم ولكنهم كانوا لا يعرفونه (٤)، قال المبرد: والقرآن قد أحاط بمن يخاطب وبمن يكون بعده، وأحاط بالغائب كما أحاط بالحاضر، ولكن العرب من شأنها إذا كان

(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٣٥٩)، بنحوه، والطبري ١٤/ ١٥٥ - ١٥٦ بنصه من طريقين، وبنحوه من طريق، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٩٧، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٤٥، والطوسي ٦/ ٤١٣، بنحوه، وورد بنحوه غير منسوب في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٥٦أ، والثعلبي ٢/ ١٦١أ، وهود الهواري ٢/ ٣٨١.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٢، بنصه.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٢، بنصه.
(٤) أخرجه الطبري ١٤/ ١٥٣ - ١٥٥ بنصه تقريبًا مع تقديم وتأخير، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٩٨، مختصرًا، و"تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦١أ، بنصه تقريبًا مع تقديم وتأخير، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٠٧، مختصرًا، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٣٦، والفخر الرازي ٢٠/ ٩٣، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٦٠، والخارن ٣/ ١٢٩، وابن كثير ٢/ ٦٣٩، وهذا القول هو الذي رجَّحه الطبري.

صفحة رقم 161
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية