آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ

وحياتها بكون النبات فيها.
وهذا كله تنبيه من الله [ تعالى] لخلقه على صنعه ولطفه ونعمه وإلا لا يفعل ذلك غيره وأن من كان مفرداً / باختراع هذه الأشياء لا تصلح العبادة إلا له لا إله إلا هو، وفيه إشارة على إحياء الموتى كما أحيى الأرض بعد موتها.
ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾.
أي: [إن] في أحياء الأرض بالنبات بعد أن كانت ميتة لا نبات فيها لعلامة ودليلاً على توحيد الله [ تعالى]، وإحياء الموتى لقوم يسمعون هذا القول فيتدبرونه.
قوله: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾.
قوله: ﴿نُّسْقِيكُمْ﴾ مَنْ ضَمَّ النون، أو فَتَح، فهما لغتان عند أبي

صفحة رقم 4027

عبيدة. وقال الخليل وسيبويه: سقيته ناولته، وأسقيته جعلت له سقياً.
وقوله: ﴿مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ يذهب سيبويه أن العرب تخبر عن الأنعام بخير الواحد. وقال [الكسائي معناه نسقيكم مما في بطون ما ذكرنا. فذكر على ذلك. وقال] الفراء: الأنعام والنعم واحد فرجع هنا إلى تذكير النعم. وحكى عن العرب: هذا نعم وارد.
وقال أبو عبيدة: معناه نسقيكم مما في بطون أيها كان [ذا] لبن لأنها ليست كلها لها [لبن]. وعن الكسائي أن التذكير على البعض أي نسقيكم مما في

صفحة رقم 4028

بطون بعض الأنعام. وقيل: المعنى: أن التذكير إنما جيء به لأنه راجع على ذكر النعم، لأن اللبن للذكر منسوب. ولذلك قال النبي ﷺ: " اللبن للفحل " وبذلك يحكم أهل المدينة وغيرهم في حكم الرضاع.
ومعنى الآية: وأن لكم لعظة في الأنعام التي نسقيكم مما في بطونها من بين فرث ودم. والفرث ما يكون في الكرش من غذائها. ويقال: أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها. لبنا خالصاً: أي خلص من مخالطة الفرث والدم.
والمعنى: أن الطعام يكون منه [ما] في الكرش، ويكون منه الدم، فيخلص اللبن من الدم.

صفحة رقم 4029

ومعنى: ﴿خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾ أي: يسوغ لمن شربه، ولا يغص به. وقيل: معناه: سهلاً لا يشجى به من شربه متساغ في الحلق لا يساحه [فيه] مرارة.
وقيل: إنه لم يغص أحد باللبن قط.
وهذه الآية تدل على فساد قول من يقول: أن المني إنما نجس لسلوكه مسلك البول [فهذا اللبن يسلك مسلك البول] وهو طاهر. وهذا إنما يصح على قول: من يرى أن أبوال الإبل والبقر والغنم غير طاهرة. ولا يلزم من قال: إن أبوالها

صفحة رقم 4030
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية