
وحياتها بكون النبات فيها.
وهذا كله تنبيه من الله [ تعالى] لخلقه على صنعه ولطفه ونعمه وإلا لا يفعل ذلك غيره وأن من كان مفرداً / باختراع هذه الأشياء لا تصلح العبادة إلا له لا إله إلا هو، وفيه إشارة على إحياء الموتى كما أحيى الأرض بعد موتها.
ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾.
أي: [إن] في أحياء الأرض بالنبات بعد أن كانت ميتة لا نبات فيها لعلامة ودليلاً على توحيد الله [ تعالى]، وإحياء الموتى لقوم يسمعون هذا القول فيتدبرونه.
قوله: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾.
قوله: ﴿نُّسْقِيكُمْ﴾ مَنْ ضَمَّ النون، أو فَتَح، فهما لغتان عند أبي

عبيدة. وقال الخليل وسيبويه: سقيته ناولته، وأسقيته جعلت له سقياً.
وقوله: ﴿مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ يذهب سيبويه أن العرب تخبر عن الأنعام بخير الواحد. وقال [الكسائي معناه نسقيكم مما في بطون ما ذكرنا. فذكر على ذلك. وقال] الفراء: الأنعام والنعم واحد فرجع هنا إلى تذكير النعم. وحكى عن العرب: هذا نعم وارد.
وقال أبو عبيدة: معناه نسقيكم مما في بطون أيها كان [ذا] لبن لأنها ليست كلها لها [لبن]. وعن الكسائي أن التذكير على البعض أي نسقيكم مما في

بطون بعض الأنعام. وقيل: المعنى: أن التذكير إنما جيء به لأنه راجع على ذكر النعم، لأن اللبن للذكر منسوب. ولذلك قال النبي ﷺ: " اللبن للفحل " وبذلك يحكم أهل المدينة وغيرهم في حكم الرضاع.
ومعنى الآية: وأن لكم لعظة في الأنعام التي نسقيكم مما في بطونها من بين فرث ودم. والفرث ما يكون في الكرش من غذائها. ويقال: أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها. لبنا خالصاً: أي خلص من مخالطة الفرث والدم.
والمعنى: أن الطعام يكون منه [ما] في الكرش، ويكون منه الدم، فيخلص اللبن من الدم.

ومعنى: ﴿خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾ أي: يسوغ لمن شربه، ولا يغص به. وقيل: معناه: سهلاً لا يشجى به من شربه متساغ في الحلق لا يساحه [فيه] مرارة.
وقيل: إنه لم يغص أحد باللبن قط.
وهذه الآية تدل على فساد قول من يقول: أن المني إنما نجس لسلوكه مسلك البول [فهذا اللبن يسلك مسلك البول] وهو طاهر. وهذا إنما يصح على قول: من يرى أن أبوال الإبل والبقر والغنم غير طاهرة. ولا يلزم من قال: إن أبوالها