
﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) ﴾
يُقرر تَعَالَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّهُ مَالِكُ كُلُّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ وَرَبُّهُ.
﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ وعِكْرِمة (١) وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْران، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَيْ دَائِمًا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: وَاجِبًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَالِصًا. أَيْ: لَهُ الْعِبَادَةُ وَحْدَهُ مِمَّنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٨٣]. هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ الطَّلَبِ، أَيِ: ارْهَبُوا أَنْ تُشْرِكُوا بِهِ (٢) شَيْئًا، وَأَخْلِصُوا لَهُ الطَّلَبَ (٣)، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزُّمَرِ: ٣].
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَالِكُ النَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَأَنَّ مَا بِالْعَبْدِ مِنْ رِزْقٍ وَنِعْمَةٍ (٤) وعافية ونصر فمن فضله
(٢) في أ: "بي".
(٣) في أ: "الطاعة".
(٤) في ت، ف: "بالعباد من نعمة ورزق".