آيات من القرآن الكريم

وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

قوله تعالى: ﴿وَمَا بِكُم﴾ : يجوز في «ما» وجهان، أحدهما: أن تكونَ موصولةً، والجارُّ صلتُها، وهي مبتدأٌ، والخبرُ قولُه ﴿فَمِنَ الله﴾ والفاءُ زائدةٌ في الخبر لتضمُّنِ الموصولِ معنى الشرطِ، تقديره: والذي استقرَّ بكم. و ﴿مِّن نِّعْمَةٍ﴾ بيان للموصول. وقدَّر بعضُهم متعلِّق «بكم» خاصَّاً فقال: «وما حَلَّ بكم أو نزل بكم» وليس بجيدٍ؛ إذ لا يُقَدَّرُ إلا كونٌ مطلقٌ.
والثاني: أنها شرطية، وفعلُ الشرطِ بعدها محذوفٌ وإليه نحا الفراء، وتبعه الحوفيُّ وأبو البقاء. قال الفراء: «التقدير: وما يكنْ بكم». وقد رُدَّ هذا بأنه لا يُحْذَفُ فعلٌ إلا بعد «إنْ» خاصةً، في موضعين، أحدُهما: أن يكون في باب الاشتغال نحو: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك﴾ [التوبة: ٦] لأنَّ المحذوفَ في حكمِ المذكورِ. والثاني: أن تكونَ «إنْ» متلوَّةً ب «لا»

صفحة رقم 238

النافية، وأنْ يَدُلَّ على الشرطِ ما تقدَّمه من الكلامِ كقوله:

٢٩٨ - ٢- فطلِّقْها فَلَسْتَ لها بكُفْءٍ وإلاَّ يَعْلُ مَفْرِقَك الحُسامُ
أي: وإن لا تُطَلِّقْها، فَحَذَفَ لدلالةِ قوله «فَطَلِّقْها» عليه فإن لم توجَدْ «لا» النافيةُ، أو كانت الأداةُ غيرَ «إنْ» لم يُحْذَفْ إلا ضرورةً، مثالُ الأول:
٢٩٨ - ٣- قالَتْ بناتُ العمِّ يا سَلْمَى وإنْ... كان غنياً مُعْدِماً قالت: وإنْ
أي: وإن كان غنياً رَضِيْتُه. ومثالُ الثاني:
٢٩٨ - ٤- صَعْدَة نابتةٌ في حائرٍ اَيْنَما الريحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقول الآخر:
٢٩٨ - ٥- فمتى واغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو هـ وتُعْطَفْ عليه كأسُ الساقي
قوله: ﴿فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ الفاءُ جوابُ «إذا». والجُؤار رَفْعُ الصوتِ، قال رؤبة يصفُ راهباً. /
٢٩٨ - ٦-

صفحة رقم 239

يُراوِحُ مِنْ صلواتِ المَلِي كِ طَوْراً سُجوداً وطَوْراً جُؤاراً
ومنهم مَنْ قَيَّده بالاستغاثة، وأنشد الزمخشري:
٢٩٨ - ٧- جَآَّرُ ساعاتِ النيامِ لربِّه ..........................
وقيل: الجُؤَار كالخُوار، جَأَر الثورُ وخارَ واحد، إلا أنَّ هذا مهموزُ العين وذلك معتلُّها. وقال الراغب: «جَأَر إذا أفرط في الدعاء والتضرع، تشبيهاً بجُؤَارِ الوَحْشِيَّات».
وقرأ الزهري: «تَجَرون» بحذفِ الهمزةِ وإلقاء حركتها على الساكنِ قبلَها، كما قرأ نافع «رِدَّاً» في «رِدْءاً».

صفحة رقم 240
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية