آيات من القرآن الكريم

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ

﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ أيْ ما ينتظر كفارُ مكةَ المارُّ ذكرُهم ﴿إِلا أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة﴾ لقبض أرواحِهم بالعذاب جُعلوا منتظرين لذلك وشتان بينهم وبين انتظارِه لا لأنه يلحقهم البتةَ لحوقُ الأمر المنتظرِ بل لمباشرتهم لأسبابه الموجبة المؤديةِ إليه فكأنهم يقصِدون إتيانه ويترصدون لوردوه وقرئ بتذكير الفصل ﴿أو يأتي أمر ربك﴾ التعرُّض لوصفِ الربوبيةِ مع الإضافة إلى ضميره ﷺ إشعارٌ بأن إتيانَه لطفٌ به ﷺ وإن كان عذاباً عليهم والمرادُ بالأمر العذابُ الدنيويُّ لا القيامةُ لكن لا لأن انتظارها يجامع انتظارِ إتيان الملائكةِ فلا يلائمة العطفُ بأو لأنها ليست نصافى العناد إذ يجوز أن يعتبر منعُ الخلوّ ويرادَ بإيرادها كفايةُ كل واحد من الأمرين في عذابهم بل لأن قوله تعالى فيما سيأتي ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ فأصابهم الآية صريحٌ في أنَّ المرادَ به ما أصابهُم من العذابِ الدنيوي ﴿كذلك﴾ أي مثلَ فعلِ هؤلاء من الشرك والظلمِ والتكذيب والاستهزاء ﴿فَعَلَ الذين﴾ خلَوا ﴿مِن قَبْلِهِم﴾ من الأممِ ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ الله﴾ بما سيُتلى من عذابهم ﴿ولكن كَانُواْ﴾ بما كانوا مستمرين عليه من القبائح الموجبةِ لذلك ﴿أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ كان الظاهرُ أن يقال ولكن كَانُواْ هُمُ الظالمين كما في سورة الزخرف لكنه أوثر مَا عليهِ النظمُ الكريمُ لإفادة أن غائلةَ ظلمِهم آيلةٌ إليهم وعاقبتَه مقصورةٌ عليهم مع استلزام اقتصارِ ظلمِ كل أحد على نفسه من حيث الوقوعُ اقتصارَه عليه من حيث الصدور وقد مرَّ تحقيقُه في سورة يونس

صفحة رقم 111
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية