
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ﴾ أي ذَلَّله للركوب والغوص، ﴿لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ قال ابن الأعرابي: لحم طري غير مهموز، وقد طرو طرواة.
وقال الفراء في "المصادر": ما كان طريًّا، ولقد طري يطرى طراءً ممدود وطراوةً، كما يقال: شقي يشقى شقاءً وشقاوةً، قال ابن عباس: يريد السمك والحيتان (١)، ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ قال: يريد الدر واللؤلؤ والمرجان والزبرجد والياقوت، وربما وجدوا فيه الذهب.
قال أبو علي: الحِلْيَة والحُلِي واحد، كما يقال: بِرْكَة للمصدر وبِرَك (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ يجوز أن يكون هذا فصلاً مبتدأً غير معطوف على ما قبله، ويجوز أن يكون معطوفًا على ما قبله.
واختلف ألفاظ المفسرين في تفسير الماخر؛ فروى ابن عباس أنه قال: جواري (٣)، وقال في رواية عطاء: يريد ملججين فيه، وأهل البحر يقولون: مَخَرْنا، يريد لججنا؛ إذا انقطع البر عنهم فلم يروه، وقال قتادة ومقاتل: مقبلة ومدبرة (٤).
(٢) لم أقف على مصدره، وانظر: "اللسان" (حلا) ٢/ ٩٨٥، بنحوه منسوبًا إليه.
(٣) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٥ أ، بلفظه، وورد غير منسوب في البغوي ٣/ ٦٤.
(٤) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" ٢/ ٣٥٤ بلفظه عن قتادة، والطبري ١٤/ ٨٩ بلفظه عن قتادة من طريقين، ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٥ أ، بلفظه عنهما، والماوردي ٣/ ١٨٢، عن قتادة، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ١٢، عن قتادة.

قال الكلبي: يذهب ويجيء (١).
وقال الحسن: مواقر (٢).
وقال أبو عبيدة: صوائح (٣)، ونحو هذا قال الفراء (٤)، وكل هذا معان وليس بتفسير، وتفسير المواخر ما ذكره أهل اللغة.
قال المنذري: سمعت أحمد بن يحيي يقول وسئل عن المواخر، فقال: الماخرةُ السفينةُ التي تَمْخَرُ الماءَ؛ تدفعه وتدفع الموج بصدرها (٥)، قال: وأنشدني الحرَّانيُّ عن ابن السكيت أنه أنشده للراجز في صفة نساء ضرائر:
وصارَ أمثالَ الفغا ضرائري | مُقَدِّماتٍ أَيْدِيَ المَواخِرِ (٦) |
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ٨٨ بلفظه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٥ أ، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٨٢.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥٧ بمعناه، قال: من مخرت الماء، شقَّته بجآجِئها.
(٤) قال: واحدها ماخرة؛ وهو صوت جري الفلك بالرياح. "معاني القرآن" ٢/ ٩٨.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦، بنصه.
(٦) نُسب لابن السِّكِّيت في التهذيب واللسان. ورد في "التهذيب" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦ برواية:
يافِىَّ مالِي عَلِقَتْ ضَرَائري | مقدماتٍ أيديَ المواخِرِ |
(٧) ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦، بنحوه.
(٨) وهو قول الليث، ورد في "تهذيب اللغة" (فغا) ٣/ ٣٨٠٩، وقد خطأه الأزهري، =

يقال: ما الذي أفغاك، أي: أغضبك وورّمك.
وقال أبو الهيثم: مَخْرُ السفينةِ: شَقُّها الماءَ بصدرها (١).
وقال الفراء: يقال: مَخَرَتْ تَمْخُرُ وتَمْخَرُ (٢) مَخرًا ومخُورًا.
قال الأزهري: والقول في تفسير المواخر ما قاله ثعلب وأبو الهيثم؛ أنها تشق الماء شقًّا (٣)، وسمعت أعرابيًّا يقول: مَخَرَ الذئبُ شاةً، أي شقَّ بطنَها (٤)، وأصل المخر الشق، ومنه الحديث: "إذا أراد أحدكم الخلا فليتمخر الريح" (٥). قال أبو عبيد: يعني أن ينظر مجراها فلا يستقبلها (٦)، فأما ما ذكره المفسرون فإنه يصح في المعنى؛ لأنها لا تشق الماءَ إلا إذا كانت جارية موقرة ويسمع لجريها وشقها الماءَ صوتٌ، وهي تشق الماء مقبلةً ومدبرةً، وذاهبةً وجائيةً.
وقوله تعالى: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ يعني لتركبوا للتجارة فتطلبوا
(١) ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦، بنصه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٩٨، بنصه، وهو في "تهذيب اللغة" بنصه.
(٣) "تهذيب اللغة" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦، وعبارته: قلت: والمخْرُ أصله الشَّقُّ.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" بنحوه.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة"، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٥ أ، برواية: (البول) بدل (الخلاء)، وأورده الطبري بهذه الرواية ونسبه لواصل مولى ابن عيينة ١٤/ ٨٩، وورد في "تفسير البغوي" ٥/ ١٣، وفي "النهاية" برواية: (إذا بال أحدكم فليتمخر الريح) ٤/ ٣٠٥، وورد بمعناه في "المجروحين" لابن حبان ٣/ ١٠٨، قال: (إذا أراد أحدكم الخلاء فلا يستقبل الريح).
(٦) "الغريب" لأبي عبيد ١/ ٣١٢ بنصه، وانظر: "تهذيب اللغة" (مخر) ٤/ ٣٣٥٦، بنصه.