آيات من القرآن الكريم

ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

(ادع إلى سبيل ربك) وحذف المفعول للتعميم لكونه بعث إلى الناس كافة أو المعنى افعل الدعاء والأول أولى وكأن المعنى وخاطب الناس في دعائك لهم وسبيل الله هو الإسلام (بالحكمة) أي بالمقالة المحكمة الصحيحة الموضحة للحق المزيلة للشبهة والشك، قيل وهي الحجج القطعيّة المفيدة لليقين وقيل القرآن وقيل النبوة.
(والموعظة الحسنة) وهي المقالة المشتملة على الموعظة الحسنة التي

صفحة رقم 339

يستحسنها السامع وتكون في نفسها حسنة باعتبار انتفاع السامع بها قيل هي الحجج الظنية الإقناعية الموجبة للتصديق بمقدمات مقبولة قيل وليس للدعوة إلا هاتان الطريقتان.
ولكن الداعي قد يحتاج مع الخصم الألدّ إلى استعمال المعارضة والمناقضة ونحو ذلك من الجدل ولهذا قال سبحانه (وجادلهم بالتي هي أحسن) أي بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف وإيثار الوجه الأيسر والمقدمات التي هي أشهر فإن ذلك أنفع في تسكين شرهم وهو ردّ على من يأبى المناظرة في الدين وإنما أمر سبحانه بالمجادلة الحسنة لكون الداعي محقاً وغرضه صحيحاً وكان خصمه مبطلاً وغرضه فاسداً.
قيل أن الناس خلقوا وجبلوا على ثلاثة أقسام:
الأول: هم العلماء وهم المشار إليهم بقوله: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة).
والثاني: هم أصحاب النظر السليم والخلقة الأصلية وهم غالب الناس وهم المشار إليهم بقوله (والموعظة الحسنة).
والثالث: هم أصحاب جدال وخصام ومعاندة وهم المشار إليهم بقوله وجادلهم الخ، وقال مجاهد في الآية أعرض عن أذاهم إياك ولا تقصر في تبليغ الرسالة، وعلى هذا فالآية منسوخة بآية السيف، قال بعضهم لا حاجة إلى دعوى النسخ إذ الأمر بالمجادلة ليس فيه تعريض للنهي عن المقاتلة.
(إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) لما حث سبحانه على الدعوة بالطرق المذكورة بين أن الرشد والهداية ليس إلى النبي ﷺ وإنما ذلك إلى الله تعالى وهو الأعلم بمن يضل.
(وهو أعلم بالمهتدين) أي بمن يبصر الحق فيقصده غير متنعت، وإنما شرّع لك الدعوة وأمرك بها قطعاً للمعذرة وتتميماً للحجة وإزاحة للشبهة وليس

صفحة رقم 340

عليك غير ذلك، وفي إيثار الفعلية في الضالين والإسمية في مقابليهم إشارة إلى أنهم غيّروا الفطرة وبدّلوها بإحداث الضلال ومقابلوهم استمروا عليه وتقديم أرباب الضلال لأن الكلام وارد فيهم.
ثم لما كانت الدعوة تتضمن تكليف المدعوين بالرجوع إلى الحق فإن أبوا قوتلوا، أمر الداعي بأن يعدل في العقوبة فقال

صفحة رقم 341
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية