آيات من القرآن الكريم

وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ ۖ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ

قوله تعالى -: ﴿وعلى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ﴾ الآية لما بيَّن ما يحلُّ وما يحرم لأهل الإسلام، أتبعه ببيان ما خصَّ اليهودية من المحرَّمات، فقال: ﴿وعلى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ﴾ وهو المذكور في سورة الأنعام عند قوله - تعالى -: ﴿وَعَلَى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦].
وقوله: «مِنْ قَبْلُ» متعلق ب «حَرَّمْنَا» أو ب «قَصَصْنَا» والمضاف إليه قبل تقديره: من قبل تحريمنا على أهل ملتك.
«ومَا ظَلمْنَاهُمْ» بتحريم ذلك عليهم ﴿ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ فحرَّمنا عليهم ببغيهم، وهو قوله: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ﴾ [النساء: ١٦٠].
قوله - تعالى -: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السواء بِجَهَالَةٍ﴾ الآية بين ههنا أن الافتراء على الله ومخالفة أمره، لا يمنعهم من التوبة وحصول المغفرة والرحمة، ولفظ «السُّوء» يتناول كل ما لا ينبغي، وهو الكفر والمعاصي، وكل من يفعل السوء فإنما يفعله جهلاً، أما الكفر فلأن أحداً لا يرضى به مع العلم بكونه كفراً؛ لأنه لو لم يعتقد كونه حقًّا، فإنَّه لا يختاره ولا يرتضيه، وأما المعصية، فلأن العالم لم تصدر عنه المعصية ما لم تصر الشَّهوة غالبة للعقل، فثبت أن كلَّ من عمل السوء فإنما يقدم عليه بسبب الجهالة، ثم تابوا من بعد ذلك، أي: من بعد تلك السَّيئة.
وقيل: من بعد تلك الجهالة، ثم إنَّهم بعد التوبة عن تلك السَّيِّئات أصلحوا، أي: آمنوا وأطاعوا الله.
قوله: «من بعدها» أي: من بعد عمل السوء والتوبة، والإصلاح، وقيل: على الجهالة، وقيلك على السوء، لأنه في معنى المعصية.
«بجهالة» حال من فاعل «عملوا»، ثم أعاد قوله: «إن ربك من بعدها» على سبيل

صفحة رقم 181

التأكيد، «لغَفُورٌ رَّحيمٌ» لذلك السوء الذي صدر عنه بسبب الجهالة.

صفحة رقم 182
اللباب في علوم الكتاب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
سنة النشر
1419 - 1998
الطبعة
الأولى، 1419 ه -1998م
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية