آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ

﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١) ﴾.
﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَفَرَضَهُ عَلَيْهِمْ فَلَا يُخَالِفُونَهُ، ﴿وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾ وَقِيلَ: أَرَادَ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ.
﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْإِيمَانَ بِجَمِيعِ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ (١) صِلَةَ الرَّحِمِ (٢).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَانِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَادَ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ -يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ-: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "أَنَا اللَّهُ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي اسْمًا، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ" (٣).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَانِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ (٤)، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوَيِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ"، ثُمَّ

(١) جملة "أراد به" ساقطة من "ب".
(٢) ولم يذكر الطبري غيره، وأما ابن عطية فقال: "ووصل ما أمر الله به أن يوصل، ظاهرة في القرابات، وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات". المحرر الوجيز ٨ / ١٦٠. وعلى ذلك فيدخل في معنى الآية أيضا الإيمان بجميع الكتب والرسل وسائر ما يجب الإيمان به.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ٨ / ٥٣٦، وعبد الرزاق في مصنفه: ١١ / ١٧٢، وأخرجه أبو داود في الزكاة، باب صلة الرحم: ٢ / ٢٦٢، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في قطيعة الرحم: ٦ / ٣٣، وقال: حديث صحيح. قال المنذري: وفي تصحيحه نظر، فإن يحيى بن معين قال: أبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئا، وذكر غيره أن أبا سلمة وأخاه لهما سماع من أبيهما. وصححه الحاكم في المستدرك: ٤ / ١٥٧-١٥٨، وابن حبان ص (٤٩٨-٤٩٩) من موارد الظمآن، وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ١ / ١٩٤، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٢٢. وانظر: مجمع الزوائد: ٨ / ١٤٩.
(٤) في "ب": أوس.

صفحة رقم 310

قَالَ أبو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (١) "﴾ (مُحَمَّدٍ -٢٢).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَانِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْقُرْآنُ يُحَاجُّ الْعِبَادَ، لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، وَالْأَمَانَةُ، وَالرَّحِمُ تُنَادِي أَلَا مَنْ وَصَلَنِي وَصْلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ" (٢).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَانِيُّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (٣).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ" (٤).

(١) أخرجه البخاري في الأدب، باب من وصل وصله الله: ١٠ / ٤١٧، وفي التفسير أيضا، وأخرجه مسلم في البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها برقم (٢٥٥٤) : ٤ / ١٩٨٠-١٩٨١ وليس فيه "فأخذت بحقوي الرحمن" وفي بعض الروايات "بحقو الرحمن" وفي بعضها "بحجزة الرحمن"، انظر: فتح الباري ١٠ / ٤١٧-٤١٨. وأخرجه المصنف بهذا اللفظ في شرح السنة: ١٣ / ٢١، ثم قال: قيل في معنى التعلّق بحقْو الرحمن: إنه الاستجارة والاعتصام بالله سبحانه وتعالى، يقال: عُذْتُ بحِقْوِ فلان: إذا استجرت به. وقيل: الحقو: الإزار، وإزاره: عزّه، ولاذت الرحم بعزِّه من القطيعة، كما جاء في الحديث في دعاء المشتكي: "أعوذ بعزة الله من شر ما أجد" (أخرجه مالك، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه).
(٢) أخرجه المصنف في شرح السنة: ١٣ / ٢٢-٢٣، ونسبه السيوطي في الجامع الصغير للحكيم الترمذي في نوادره، ومحمد بن نصر في فوائده. قال المناوي في "فيض القدير": ٣ / ٣١٧ "وفيه كثير بن عبد الله اليشكري، متكلّم فيه"، وقال الذهبي في "الميزان": ٣ / ٤٠٩: "كثير بن عبد الله، عن الحسن بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، وعنه عن مسلم بن إبراهيم، قال العقيلي: لا يصح إسناده" وذكر له هذا الحديث.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب، باب من بسط له في الرزق لصلة الرحم: ١٠ / ٤١٥، ومسلم في البر والصلة، باب صلة الرحم، برقم (٢٥٥٧) : ٤ / ١٩٨٢، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ١٨-١٩. وقوله: "ينسأ في أثره" معناه: يؤخَّر في أجله، يقال: نسأ الله في عمرك، وأنسأ عمرك. والأثر ها هنا: آخر العمر، وسمى الأجل أثرا؛ لأنه يتبع العمر.
(٤) أخرجه أبو داود في الأدب، باب في النهي عن البغي: ٧ / ٢٢٥، والترمذي في صفة القيامة، باب انظروا إلى مَنْ أسفل منكم: ٧ / ٢١٣-٢١٤، وقال: هذا حديث صحيح، وابن ماجه في الزهد، باب البغي، برقم (٤٢١١) : ٢ / ١٤٠٨، وصححه الحاكم في المستدرك: ٤ / ١٦٣. وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ٥ / ٣٨، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٢٦.

صفحة رقم 311
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية