آيات من القرآن الكريم

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

* * *
و"الآصال": جمع أصُلٍ، و"الأصُل": جمع"أصيلٍ"، و"الأصيل": هو العشيُّ، وهو ما بين العصر إلى مغرب الشمس، (١) قال أبو ذؤيب:

لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيْتُ أُكْرِمَ أَهْلَهُ وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالأصَائِلِ (٢)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله: مَنْ رَبُّ السموات والأرض ومدبِّرها، فإنهم سيقولون الله. وأمر الله نبيّه ﷺ أن يقول:"الله"، فقال له: قل، يا محمد: ربُّها، الذي خلقها وأنشأها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو الله. ثم قال: فإذا أجابوك بذلك فقل لهم: أفاتخذتم من دون رب السموات والأرض أولياء لا تملك لأنفسها نفعًا تجلبه إلى نفسها، ولا ضرًّا تدفعه عنها، وهي إذ لم تملك ذلك لأنفسها، فمِنْ مِلْكه لغيرها أبعدُ فعبدتموها، وتركتم عبادة من بيده النفع والضر والحياة والموت وتدبير الأشياء كلها. ثم ضرب لهم جل ثناؤه مثلا فقال: (قل هل يستوي الأعمى والبصير).
* * *
(١) انظر تفسير" الآصال" فيما سلف ١٣: ٣٥٤، ٣٥٥.
(٢) ديوانه: ١٤١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٣٩، ٣٢٨، والإنصاف: ٣٠٤، ٣٠٥، والخزانة ٢: ٤٨٩، ٥٦٤، واللسان (أصل). وللنحاة فيه لجاجة كثيرة.

صفحة رقم 405

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عَبدُوا من دون الله الذي بيده نفعهم وضرهم ما لا ينفع ولا يضرُّ: (هل يستوي الأعمى) الذي لا يُبصر شيئًا ولا يهتدي لمحجة يسلكها إلا بأن يُهدى= و"البصير" الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق الذي لا يُبصر؟ إنهما لا شك لغير مستويين. يقول: فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يُبصر الحق فيتبعه ويعرف الهدى فيسلكه، وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رَشَدًا.
* * *
وقوله: (أم هل تستوي الظلمات والنور)، يقول تعالى ذكره: وهل تستوي الظلماتُ التي لا تُرَى فيها المحجة فتُسْلَك ولا يرى فيها السبيل فيُرْكَب= والنور الذي تبصر به الأشياء ويجلو ضوءه الظّلام؟ يقول: إن هذين لا شك لغير مستويين، فكذلك الكفر بالله، إنما صاحبه منه في حَيرة يضرب أبدًا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة، والإيمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه، ومعرفةٍ منه بأن له مثيبًا يثيبه على إحسانه ومعاقبًا يعاقبه على إساءته ورازقًا يرزقه ونافعًا ينفعه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:

صفحة رقم 406

٢٠٣٠٥- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور)، أما (الأعمى والبصير) فالكافر والمؤمن= وأما (الظلمات والنور) فالهدى والضلالة.
* * *
وقوله: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخَلَق أوثانُكم التي اتخذتموها أولياء من دون الله خلقًا كخلق الله، فاشتبه عليكم أمرُها فيما خَلقت وخَلَق الله فجعلتموها له شركاء من أجل ذلك، أم إنما بكم الجهل والذهابُ عن الصواب؟ فإنه لا يشكل على ذي عقل أنّ عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع من الفعل جهلٌ، وأن العبادة إنما تصلح للذي يُرْجَى نفعه وُيخْشَى ضَرَّه، كما أن ذلك غير مشكل خطؤه وجهلُ فاعله، كذلك لا يشكل جهل من أشرك في عبادة من يرزقه ويكفله ويَمُونه، من لا يقدِرُ له على ضررّ ولا نفع.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٢٠٣٠٦- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) حملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان.
٢٠٣٠٧- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٢٠٣٠٨- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم)، خلقوا كخلقه، فحملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان.

صفحة رقم 407
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية