آيات من القرآن الكريم

قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قَالُواْ تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (٩١) قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣)
شرح الكلمات:.
إذ أنتم جاهلون: أي لا تعلمون ما يؤول إليه أمر يوسف.
قد منّ الله علينا: أي أنعم علينا بأن جمع بيننا بعد افتراق طويل أنتم سببه.
من يتق ويصبر: أي يتق الله فيخافه فلا يعصيه ويصبر على ما يناله من وصب ونصب.
لقد آثرك الله علينا: أي فضلك علينا بما من عليك من الإنعام والكمال.
لا تثريب عليكم: أي لا عتب عليكم ولا لوم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث مع يوسف وإخوته، إنه لما وصلوا إليه من أرض كنعان بأمر والدهم وشكوا إليه ما هم فيه من ضيق الحال إذ قالوا له: قد مسنا الضر١ وجئنا ببضاعة٢ مزجاة، لما سمع منهم ذلك رق قلبه وارفَضَّت عيناه بالدموع وأراد أن ينهي التكتم الذي كان عليه وهو إخفاء حاله عليهم فقال لهم: ﴿هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه﴾ ٣ ذكرهم

١ في الآية دليل على جواز الشكوى عند الضرّ بل يتعين على العبد إذا خاف على نفسه الضرر من جوع أو مرض أن يشكو ذلك لرفعه.
٢ بضاعة مزجاة: البضاعة: القطعة من المال يقصد بها شراء شيء يقال: أبضعت الشيء واستبضعته أي: جعلته بضاعة، والمزجاة: المدفوعة الني لا تقبل من الإزجاء الذي هو السوق بدفع، ومنه قوله تعالى: ﴿يزجي سحاباً﴾ يريدون أنها بضاعة رديئة.
٣ كأنه يقول: أنا يوسف أنا المظلوم أنا المراد قتله.

صفحة رقم 642

بما صنعوا به من إلقائه في الجب وبيعه عبداً وبذلك فرقوا بينه وبين والده وأخيه شقيقه وقوله: ﴿إذ أنتم جاهلون﴾ أي بما يصير إليه أمر يوسف وهنا قالوا في اندهاش وتعجب: ﴿أإنك لأنت يوسف﴾ فأجابهم قائلاً بما أخبر تعالى به عنه ﴿قال أنا يوسف١ وهذا أخي قد منّ الله علينا﴾ أي أنعم علينا فجمع بيننا على أحسن حال ثم قال: ﴿إنه من يتق ويصبر﴾ أي يتق الله يخافه فيقيم فرائضه ويتجنب نواهيه ويصبر على ذلك وعلى ما يبتليه به ﴿فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ ٢ أي في طاعة ربهم والإسلام له ظاهراً وباطناً. وهنا قالوا له ما أخبر به تعالى عنهم: ﴿قالوا تالله لقد آثرك الله علينا﴾ ٣ أي بالعلم والعمل والفضل ﴿وإن كنا لخاطئين﴾ فيما فعلنا بك، فكان هذا توبة منهم فقال لهم: ﴿لا تثريب٤ عليكم اليوم﴾ أي لا عتب ولا لوم ولا ذكر لما صنعتم لأنه يؤذي ﴿يغفر٥ الله لكم وهو أرحم الراحمين﴾ سأل الله تعالى له ولهم المغفرة وأثنى على الله تعالى بأنه أرحم الراحمين متعرضاً لرحمته تعالى له ولإخوته. ثم سألهم عن والده فأخبروه أنه قد عمي من الحزن عليه فقال: ﴿اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً﴾ ٦ أي يرجع بصيراً كما كان ﴿وأتوني بأهلكم أجمعين﴾ ٧ يريد أبويه والنساء والأطفال والأحفاد. وهو تحول كامل للأسرة الشريفة من أرض كنعان إلى أرض مصر تدبيراً من الله العزيز الحكيم.
هداية الآيات

١ الجملة تعليلية، والمعلل له محذوف هو جواب الشرط تقديره: ينعم الله تعالى عليه وينصره ويكرمه، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
٢ آثره بكذا: إذا فضّله به، والمصدر: الإيثار، واسم الفاعل مؤثر.
٣ التثريب: التوبيخ، والتقريع، واللوم، وفي الحديث الصحيح: "إذا زنت أمَة أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يثرِّب عليها" أي: لا يعيّرها. قال الشاعر:
فعفوت عنهم غير مثرّب
وتركتهم لعقاب يوم سرمد
٤ لا يصحّ تعليق اليوم بيغفر الله إذ لا يعلم الغفران متى يتم لهم فكيف يصح أن يقال: يغفر الله لكم اليوم أوغدا؟ بل يتعلق اليوم بكلمة لا تثريب.
٥ قال عطاء الخرساني: طلب الحوائج من الشباب أسهل منها من الشيوخ ألم تَرَ إلى قول يوسف: يغفر الله لكم، وقال يعقوب: سوف استغفر لكم ربي.
٦ لا شك أنّ هذا العلم حصل ليوسف بوحي من الله تعالى، ولعل يوسف بنئ ساعتئذ وأراد يوسف بإلقاء القميص على وجه أبيه المفاجأة السارة لتكون سبباً في رجوع البصر.
٧ قال مسروق: كانوا ثلاثة وتسعين نسمة ما بين رجل وامرأة.

صفحة رقم 643

من هداية الآيات:
١- تقرير مبدأ أن المعاصي لن تكون إلا نتيجة للجهل بالله تعالى وجلاله وشرائعه ووعده ووعيده.
٢- فضل التقوى والصبر وما لهما من حسن العاقبة.
٣- فضل الصفح والعفو وترك عتاب القريب إذا أساء.
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (٦٤) قَالُواْ تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (٩٦) قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨) فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠)

صفحة رقم 644
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية