آيات من القرآن الكريم

قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

الفوائد الربانية إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ إلا أن يغالب عليكم الأحكام الأزلية لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ لا تتقربوا إلى القلب بنوع واحد من المعاملات فللأسباب مدخل في التقريب إلا أن الكل موكول إلى مسبب الأسباب.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٦٩ الى ٨٣]
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣)
قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦) قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (٧٧) قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)
قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩) فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢) قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣)
القراآت:
إِنِّي أَنَا أَخُوكَ بفتح الياء: أبو عمرو وأبو جعفر ونافع. نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالإضافة وبياء الغيبة في الفعلين: سهل ويعقوب. بالنون وبالتنوين: عاصم وحمزة وعلي وخلف. الباقون: بالنون وعلى الإضافة. فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا وبابه بالألف ثم الياء: أبو ربيعة عن البزي وحمزة في الوقف وإن شاء لين الهمزة. الباقون: بياء ثم همزة على الأصل لِي أَبِي بفتح الياء فيهما: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو وافق ابن كثير في أبي.
الوقوف:
يَعْمَلُونَ هـ لَسارِقُونَ هـ تَفْقِدُونَ هـ زَعِيمٌ هـ سارِقِينَ هـ كاذِبِينَ هـ فَهُوَ جَزاؤُهُ ط الظَّالِمِينَ هـ مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ ط لِيُوسُفَ ط يَشاءَ

صفحة رقم 108

اللَّهُ ط لأن ما بعده مستأنف نَشاءُ ط عَلِيمٌ هـ مِنْ قَبْلُ ط مَكاناً ج تَصِفُونَ ٥ مَكانَهُ ج الثلاثة لانقطاع النظم مع اتصال المعنى الْمُحْسِنِينَ هـ عنده لا لتعلق «إذا» بما قبلها لَظالِمُونَ هـ نَجِيًّا ط يُوسُفَ ط للابتداء بالنفي مع فاء التعقيب يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ج لاحتمال ما بعده الابتداء أو الحال الْحاكِمِينَ هـ سَرَقَ ج لانقطاع النظم مع اتحاد القائل حافِظِينَ هـ أَقْبَلْنا فِيها ط لاختلاف الجملتين والابتداء بأنّ.
لَصادِقُونَ هـ أَمْراً ط جَمِيلٌ ط جَمِيعاً ط الْحَكِيمُ هـ.
التفسير:
روي أنهم لما أتوه بأخيهم بنيامين أنزلهم وأكرمهم ثم أضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة، فبقي بنيامين وحده فبكى وقال: لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه. فقال يوسف: بقي أخوكم وحيدا فأجلسه معه على مائدته. ثم أمر أن ينزل كل اثنين منهم بيتا وقال: هذا لا ثاني له فاتركوه معي فآواه إليه أي أنزله في المنزل الذي كان يأوي إليه، فبات يوسف يضمه إليه ويشم رائحته حتى أصبح. ولما رأى تأسفه لأخ هلك قال له: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ قال: من يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل. فبكى يوسف وقام إليه وعانقه وقالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ
قال وهب: أراد إني أقوم لك مقام أخيك في الإيناس وعدم التوحش. وقال ابن عباس وسائر المفسرين:
أراد تعريف النسب لأن ذلك أقوى في إزالة الوحشة ولا وجه لصرف اللفظ عن ظاهره من غير ضرورة فَلا تَبْتَئِسْ افتعال من البؤس الشدّة والضر أراد نهيه عن اجتلاب الحزن بِما كانُوا يَعْمَلُونَ من دواعي الحسد والأعمال المنكرة التي أقدموا عليها.
يروى أن بنيامين قال ليوسف: أنا لا أفارقك. فقال له يوسف: قد علمت اغتمام والدي بي فإذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن أنسبك إلى ما ليس يحسن. قال: أنا راض بما رضيت. قال: فإني أدس صاعي في رحلك ثم أنادي عليك أنك قد سرقته
فذلك قوله سبحانه فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ والسقاية مشربة يسقى بها وهي الصواع كان يسقى بها الملك أو الدواب ثم جعلت صاعا يكال به. وكان مستطيلا من ذهب أو فضة مموهة بالذهب أو مرصعا بالجواهر أقوال ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ نادى مناد ومعناه راجع إلى الإيذان والإعلام إلا أن التشديد يفيد التكثير أو التصويت بالنداء أَيَّتُهَا الْعِيرُ أراد أصحاب العير
كقوله صلى الله عليه وسلم: «يا خيل الله اركبي»
والعير الإبل التي عليها الأحمال لأنها تعير أي تذهب وتجيء. وقيل: هي قافلة الحمير كأنها جمع عير وأصلها «فعل» بالضم كسقف فأبدلت الضمة كسرة لأجل الياء كما في «بيض» ثم كثر في الاستعمال حتى قيل لكل قافلة عير. وهاهنا سؤال وهو أنه كيف جاز لنبي الله أن يرضى بنسبة قومه إلى السرقة وهم برآء؟ وأجاب العلماء بأنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم لأنهم لما لم يجدوا السقاية

صفحة رقم 109

غلب على ظنونهم أنهم أخذوها، أو المؤذن ذكر ما ذكر على سبيل الاستفهام، أو المراد أنهم سرقوا يوسف عليه السلام من أبيهم، أو المراد أن فيكم سارقا وهو الأخ الذي رضي بذلك البهتان فلا ذنب لأن الخصم رضي بأن يقال في حقه ذلك. ثم إن إخوة يوسف قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ قيل: صواع اسم للصاع والسقاية وصف وَلِمَنْ جاءَ بِهِ أي بالصواع حِمْلُ بَعِيرٍ من طعام جعلا لمن حصله وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل هو من قول المؤذن وفيه أن الكفالة كانت صحيحة في شرعهم أيضا إذا كان معلوما فكأن حمل بعير كان عندهم شيئا معلوما كوسق مثلا إلا أن هذه كفالة مال لرد السرقة وهو كفالة ما لم يجب لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئا على رد السرقة ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم قالُوا تَاللَّهِ التاء مبدلة من الواو فضعفت عن التصرف في سائر الأسماء وجعلت فيما هو أحق بالقسم وهو اسم الله عز وجل. حلفوا على أمرين معجبين: أحدهما أنهم علموا أن إخوة يوسف ما جاءوا لأجل الفساد في الأرض بالنهب والغصب ونحو ذلك حتى روي أنهم دخلوا وأفواه دوابهم مشدودة خوفا من أن تتناول زرعا أو طعاما لأحد في الطرق والأسواق، وكانوا مواظبين على أنواع الطاعات ورد المظالم حتى حكي أنهم ردوا بضاعتهم التي وجدوها في رحالهم. وثانيهما أنهم ما وصفوا قط بالسرقة. قالُوا أي أصحاب يوسف: فَما جَزاؤُهُ قال في الكشاف: الضمير للصواع والمضاف محذوف أي فما جزاء سرقته إن كنتم من الكاذبين في جحودكم وادعائكم البراءة؟ قلت: ويحتمل أن يعود إلى السارق، وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترق سنة فلذلك استفتوا في الجزاء حتى قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أي جزاؤه الرق. قال الزجاج: وقوله فَهُوَ جَزاؤُهُ زيادة في البيان أي فأخد السارق نفسه هو جزاؤه لا غير كما يقال حق السارق القطع جزاؤه لتقرر ما ذكر من استحقاقه، ويجوز أن يكون مبتدأ وباقي الكلام جملة شرطية مرفوعة المحل بالخبرية على أن الأصل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو ليكون الضمير الثاني عائد إلى المبتدأ والأول إلى «من» ولكنه وضع المظهر مقام المضمر للتأكيد والمبالغة. وجوز في الكشاف أن يكون جَزاؤُهُ خبر مبتدأ محذوف أي المسئول عنه جزاؤه، ثم أفتوا بقولهم من وجد في رحله فهو جزاؤه. أما قوله: كَذلِكَ أي مثل ذلك الجزاء نَجْزِي الظَّالِمِينَ فيحتمل أن يكون من بقية كلام إخوة يوسف وأن يكون من كلام أصحاب يوسف والله أعلم.
ثم قال لهم المؤذن ومن معه: لا بد من تفتيش أوعيتكم فانصرف بهم إلى يوسف فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ لنفي التهمة والوعاء كل ما إذا وضع فيه شيء أحاط به.

صفحة رقم 110

قال قتادة: كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثما مما قذفهم به حتى إذا لم يبق إلا أخوه قال: ما أظن هذا أخذ شيئا. فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله فنظر. ثُمَّ اسْتَخْرَجَها أي السقاية أو الصواع لأنه يذكر ويؤنث. مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فأخذوا برقبته وحكموا برقيته. ثم قال سبحانه كَذلِكَ أي مثل ذلك الكيد العظيم كِدْنا لِيُوسُفَ يعني علمناه إياه وأوحينا به إليه. والكيد مبدؤه السعي في الحيلة والخديعة ونهايته إلقاء الإنسان من حيث لا يشعر به في أمر مكروه ولا سبيل إلى دفعه، وقد سبق فيما تقدم أن أمثال هذه الألفاظ في حقه تعالى محمولة على النهايات لا على البدايات. وما هذا الكيد؟
قيل: هو أن إخوة يوسف سعوا في إبطال أمره والله تعالى نصره وقواه. وقيل: الكيد يستعمل في الخير أيضا والمعنى كفعلنا بيوسف من الإحسان إليه ابتداء فعلنا به انتهاء.
وقيل: تفسير هذا الكيد هو قوله: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ لأن حكم الملك في السارق أن يضرب ويغرم مثلي ما سرق فما كان يوسف قادرا على حبس أخيه بناء على دين الملك وحكمه. ومعنى إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هو أن الله كاد له فأجرى على لسان إخوته أن جزاء السارق هو الاسترقاق حتى توصل بذلك إلى أخذ أخيه، وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى بعض الأغراض الدينية والدنيوية. ثم مدحه على الهداية إلى هذه الحيلة كما مدح إبراهيم على ما حكى عنه من دلائل التوحيد والبراءة من إلهية الكوكب ثم القمر ثم الشمس فقال: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ فوقه أرفع درجة منه في علمه. ثم إن أطلق على الله تعالى أنه ذو علم كان هذا العام مخصوصا لأنه لا عليم فوقه، وإن قيل: إنه عالم بلا علم كما يقوله بعض المعتزلة كان النص باقيا على عمومه، وإن قلنا إن الكل بمعنى المجموع كان المعنى وفوق جميع العلماء عليم هم دونه في العلم وهو الله تعالى. والميل إلى هذا التفسير لأن قوله: لَذُو عِلْمٍ مشعر بكون علمه زائدا على حقيقته ووصفه تعالى عين ذاته، وفي هذا البحث طول وفي الرمز كفاية.
يروى أنهم لما استخرجوا الصاع من رحل بنيامين نكس إخوته رؤوسهم حياء وأقبلوا عليه وقالوا له: ما الذي صنعت ففضحتنا وسودت وجوهنا يا بني راحيل، ما يزال لنا منكم بلاء متى أخذت هذا الصاع؟ فقال: بنو راحيل هم الذين لا يزال منكم عليهم البلاء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه ووضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع البضاعة في رحالكم
فعند ذلك قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ عنوا به يوسف. واختلف في تلك السرقة فعن سعيد بن جبير أن جده أبا أمه كان يعبد الوثن فأمرته أمه بأن يسرق تلك الأوثان ويكسرها فلعله يترك عبادتها. وقيل: سرق عناقا من أبيه أو دجاجة ودفعها إلى مسكين. وقيل: كانت لإبراهيم عليه السلام منطقة يتوارثها أكابر ولده فورثها إسحق

صفحة رقم 111

ثم وقعت إلى ابنته عمة يوسف فحضنت يوسف إلى أن شب فأراد يعقوب أن ينتزعه منها وكانت تحبه حبا شديدا فشدت المنطقة على يوسف تحت ثيابه ثم زعمت أنه قد سرقها، وكان في شرعهم استرقاق السارق فتوسلت بهذه الحيلة إلى إمساكه عند نفسها. وقيل:
إنهم كذبوا عليه وبهتوه حسدا وغيظا. فَأَسَرَّها يُوسُفُ قال الزجاج وغيره: الضمير يعود إلى الكلمة أو الجملة كأنه قيل: فأسر الجملة في نفسه ولم يبدها لهم، ثم فسرها بقوله:
قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً والمعنى أنه قال هذه الجملة على سبيل الخفية. وطعن الفارسي في هذا الوجه فقال: إن هذا النوع من الإضمار على شريطة التفسير غير مستعمل، والحق أن القرآن حجة على غيره. وقيل: الضمير عائد إلى الإجابة أي أسر يوسف إجابتهم في ذلك الوقت إلى وقت آخر. وقيل: يعود إلى المقالة أو السرقة أي لم يبين يوسف أن تلك السرقة كيف وقعت وأنه ليس فيها ما يوجب الذم والعار. وعن ابن عباس أنه قال: عوقب يوسف ثلاث مرات: عوقب بالحبس لأجل همه بها، وبالحبس الطويل لقوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ وبقولهم: فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ لقوله: إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ومعنى شَرٌّ مَكاناً شر منزلة لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم على التحقيق وقلتم أكله الذئب وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ المراد أنه يعلم أني لست بسارق في التحقيق ولا أخي، أو الله أعلم بأن الذي وصفتموه هل يوجب ذما أم لا.
قال ابن عباس: لما قال يوسف هذا القول غضب يهوذا وكان إذا غضب وصاح لم تسمع صوته حامل إلا وضعت وقام شعره على جلده فلا يسكن حتى يضع بعض آل يعقوب يده عليه. فقال لبعض إخوته: اكفوني أسواق أهل مصر وأنا أكفيكم الملك فقال يوسف لابن صغير له: مسه فمسه فذهب غضبه وهم أن يصيح فركض يوسف رجله على الأرض ليريه أنه شديد وجذبه فسقط فعند ذلك قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً في السن أو في القدر وهو أحب إليه منا فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ استعبادا أو رهنا حتى نبعث الفداء إليك فلعل العفو أو الفداء كان جائزا أيضا عندهم إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ لو فعلت ذلك أو من المحسنين إلينا بأنواع الكرامة ورد البضاعة إلى رحالنا أو أرادوا الإحسان إلى أهل مصر حيث أعتقهم بعد ما اشترى رقابهم بالطعام قالَ يوسف مَعاذَ اللَّهِ من أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً أي إذا أخذنا غيره لَظالِمُونَ في مذهبكم لأن استعباد غير من وجد الصواع في رحله ظلم عندكم، أو أراد إن الله أمرني وأوحى إليّ بأخذ بنيامين فلو أخذت غيره كنت عاملا بخلاف الوحي فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ حيث لم يقبل الشفاعة أي يئسوا والزيادة للمبالغة. خَلَصُوا اعتزلوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم نَجِيًّا مصدر والمضاف محذوف أي ذوي نجوى، أو المراد أنهم

صفحة رقم 112

التناجي في أنفسهم لاستجماعهم بذلك واندفاعهم فيه بجد واهتمام كما يقال: رجل جور ورجال عدل، أو صفة لموصوف محذوف أي فوجا نجيا بمعنى مناجيا بعضهم لبعض كالعشير بمعنى المعاشر. وفيم كان تناجيهم؟ الجواب في تدبير أمرهم على أيّ وجه يذهبون وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم فعند ذلك قالَ كَبِيرُهُمْ في السن وهو روبيل، أو في القدر وهو شمعون لأنه كان رئيسهم، أو في العقل والرأي وهو يهوذا.
وقوله: ما فَرَّطْتُمْ إما أن تكون «ما» صلة أي ومن قبل هذا قصرتم فِي شأن يُوسُفَ ولم توفوا بعهدكم أباكم، وإما أن تكون مصدرية محله الرفع على الابتداء وخبره بالظرف تقديره ومن قبل تفريطكم أي وقع من قبل تقصيركم في حقه، أو النصب عطفا على مفعول ألم تعلموا كأنه ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا وتفريطكم من قبل، وإما أن تكون موصولة بمعنى ومن قبل هذا ما فرطتموه أي قدمتموه في شأن يوسف من الجناية والخيانة ومحل الموصول الرفع أو النصب على الوجهين. فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ فلن أفارق أرض مصر حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي في الانصراف أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالخروج منها أو بالانتصاف من أخذ أخي أو بخلاصه من يده بسبب من الأسباب.
ثم إنه بقي ذلك الكبير في مصر وقال لغيره من الإخوة: ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ قاله بناء على ما شاهد من استخراج الصواع من وعائه، أو أراد أنه سرق في قول الملك وأصحابه كقول قوم شعيب إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود: ٨٧] أي في زعمك واعتقادك، أو المراد إن ابنك ظهر عليه ما يشبه السرقة. وإطلاق اسم أحد الشبيهين على الآخر جائز أو القوم ما كانوا حينئذ أنبياء فلا يبعد منهم الذنب. وعن ابن عباس أنه قرأ سَرَقَ مشددا مبنيا للمفعول أي نسب إلى السرقة. وعلى هذا فلا إشكال، ومما يدل على أنهم بنوا الأمر على الظاهر قوله وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا أي إلا بقدر ما تيقناه من رؤية الصواع في وعائه وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ للأمر الخفي حافِظِينَ فإن الغيب لا يعلمه إلا الله. وعن عكرمة أن الغيب الليل معناه لعل الصواع دس في رحله بالليل من حيث لا يشعر، أو ما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الموثق قاله مجاهد والحسن وقتادة، أو ما علمنا أنا إذا قلنا إن شرع بني إسرائيل هو استرقاق السارق أخذ أخونا بتلك الحيلة.
ثم بالغوا في إزالة التهمة فقالوا: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها الأكثرون على أنها مصر.
وقيل: قرية على باب مصر وقع فيها التفتيش أي أرسل إلى أهلها فاسألهم عن كنه القصة وَاسأل أصحاب الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب.
وقيل: قوما من أهل صنعاء. وقال ابن الأنباري: إن يعقوب كان من أكابر الأنبياء فلا يبعد أن يحمل سؤال القرية على الحقيقة بأن ينطق الله الجمادات لأجله معجزة، فالمراد اسأل

صفحة رقم 113

القرية والعير والجدران والحيطان فإنها تجيبك بصحة ما ذكرنا. وقيل: إن الشيء إذا ظهر ظهورا تاما فقد يقال سل عنه السماء والأرض وجميع الأشياء ويراد إنه ليس للشك فيه مجال. ثم زادوا في تأكيد نفي التهمة قائلين وَإِنَّا لَصادِقُونَ وليس غرضهم إثبات صدقهم فإن ذلك يجري مجرى إثبات الشيء بنفسه ولكن الإنسان إذا ذكر الدليل القاطع على صحة الشيء فقد يقول بعده أنا صادق فتأمل فيما ذكرته ليزول عنك الشك. وهاهنا إضمار التقدير فرجعوا إلى أبيهم فقالوا له ما قال لهم أخوهم فعند ذلك: قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وقد مر تفسيره في أول السورة. ولكن المفسرين زادوا شيئا آخر فقيل: المراد أنه خيل إليكم أنه سرق وما سرق. وقيل: أراد سوّلت لكم أنفسكم إخراج بنيامين والمصير به إلى مصر طلبا للمنفعة فعاد من ذلك شر وضرر وألححتم عليّ في إرساله معكم ولم تعلموا أن قضاء الله ربما جاء على خلاف تقديركم. وقيل: أراد فتواهم وتعليمهم وإلا فما أدرى ذلك الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته. واعترض على هذا القول بأنه كيف يجوز على يعقوب السعي في إخفاء حكم الله تعالى؟ وأجيب بأن ذلك الحكم لعله كان مخصوصا بما إذا كان المسروق له مسلما وكان الملك في ظن يعقوب كافرا، ولما طال بلاؤه ومحنته علم بحسن الظن والرجاء أنه سبحانه سيجعل له فرجا ومخرجا عما قريب، أو لعله علم بالوحي أن يوسف حي وكان بنيامين والكبير الذي قال:
فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ قد بقيا في مصر فلذلك قال: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ أي بالثلاثة الغائبين جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بحالي الْحَكِيمُ في كل ما يفعله من الابتلاء والإبلاء.
التأويل:
لما دخل الأوصاف البشرية ومعهم السر عَلى يُوسُفَ القلب آوى القلب السر إِلَيْهِ لأنه أخوه الحقيقي بالمناسبة الروحانية فَلا تَبْتَئِسْ إذا وصلت بي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ معك في مفارقتي لأن السر مهما كان مفارقا من قلب مقارنا للأوصاف كان محروما عن كمالات هو مستعد لها فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ جهز القلب الأوصاف بما يلائم أحوالها جَعَلَ السِّقايَةَ وهي مشربة كان منها شربه فِي رَحْلِ أَخِيهِ لأنهما رضيعا لبان واحد إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ سرقتم في الأول يوسف القلب وشريتموه بثمن بخس من متاع الدنيا وشهواتها، وسرقتم في الآخر مشربة ليست من مشاربكم، وفيه أن من ادعى الشرب من مشارب الرجال وهو طفل بعد أخذ بالسرقة واستردت منه وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ من علف الدواب ومراتع الحيوانات لأنه ليس مستحقا للشرب من مشارب الملوك لَقَدْ عَلِمْتُمْ أنا من المقبولين المقبلين على يوسف القلب لا نريد الإفساد في أرض الدنيا كما قالت الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [البقرة: ٣٠] وَما كُنَّا سارِقِينَ إذ

صفحة رقم 114

أخذنا يوسف القلب وألقيناه في غيابة الجب البشرية بل سعينا في أن ينال مملكة مصر العبودية ليكون عزيزا فيها ونحن أذلاء له جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أي لكل شارب مشرب ولكل شرب فدية. ففدية الشارب من مشرب الدنيا صنعته وحرفته وكسبه، وفدية الشارب من مشرب الآخرة الدنيا وشهواتها، وفدية الشارب من شرب المحبة بذل الوجود كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الذين وضعوا صواع الملك في غير موضعه طمعا في أن يكونوا حريف الملك وشريبه كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي كما كاد الأوصاف البشرية في الابتداء بيوسف القلب إذ ألقوه في جب البشرية كدنا بهم عند قسمة الأقوات من خزانة الملك فجعلنا قسمتهم من مراتع الحيوانات يأكلون كما تأكل الأنعام، وقسمة بنيامين السر من مشربة الملك. وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ آتيناه علم الصعود عَلِيمٌ بجذبه من المصعد الذي يصعد إليه بالعلم المخلوق إلى مصعد لا يصعد إليه إلا بالعلم القديم وهو السير في الله بالله إلى الله، وهذا صواع لا تسعه أوعية الإنسانية إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فيه إشارة إلى السر والقلب مع أنهما مخصوصان بالحظوظ الأخروية والروحانية فإنهما قابلان للاسترقاق من الشهوات الدنياوية والنفسانية. ولما رأت الأوصاف البشرية عزة القلب وعرفت اختصاص البشرية أرادت أن تفدي نفسها وسيلة إلى يعقوب الروح فقالت: فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ قالَ مَعاذَ اللَّهِ أن نقبل بالصحبة والمخالطة إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا من الصدق والمحبة والإخلاص عنده أي لا تكون صحبتنا بالكراهية والنفاق وإنما تكون بعلة الجنسية فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا من صحبة القلب خَلَصُوا عن الأوصاف الذميمة للتناجي قالَ كَبِيرُهُمْ هو العقل ألم تعلموا أن أباكم وهو الروح قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ يوم الميثاق أن لا تعبدوا إلا الله فَلَنْ أَبْرَحَ أرض فناء القلب وهي الصدر. والحاصل أن صفة العقل لما تخلصت عن الأوصاف البشرية خرجت عن أوامر النفس وتصرفاتها وصارت محكومة لأوامر الروح مستسلمة لأحكام الحق. ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ الروح على أقدام العبودية وتبديل الأخلاق إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ لأنه وجد في رحله مشربة المحبة التي بها يكال الحب على وفده. وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ عند ارتحالنا من الغيب إلى الشهادة حافِظِينَ لأنه جعل السقاية في رحله في غيبتنا. وَسْئَلِ أهل مصر الملكوت وأرواح الأنبياء والأولياء قالَ بَلْ سَوَّلَتْ فيه أن للنفس تزيينات وللأوصاف البشرية خيالات يتأذى بها يعقوب الروح لكن عليه أن يصبر على إمضاء أحكام الله وتنفيذ قضائه عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي فيه أن متولدات الروح من القلب والأوصاف وغيرها وإن تفرقوا وتباعدوا عن الروح في الجسد للاستكمال فإن الله بجذبات العناية يجمعهم في مقعد صدق عنده مليك مقتدر إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بافتراقهم الْحَكِيمُ بما في التفريق والجمع من الفوائد.

صفحة رقم 115
غرائب القرآن ورغائب الفرقان
عرض الكتاب
المؤلف
نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري
تحقيق
زكريا عميرات
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية