
صدره من العلم.
قال ابن جبير: المعنى ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾.
وقيل: المعنى: وإنه لعامل بما علم ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون: ما يعلمه يعقوب.
قوله: ﴿وَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ - إلى قوله - ﴿وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾
المعنى: لما دخل إخوة يوسف عليه، قالوا: هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به، فشكر لهم ذلك. ثم قال لصاحب ضيافته: أنزلهم رجلين في كل مسكنٍ، وأكرمهم، فبقي أخوهم: وهو شقيق يوسف. فقال لهم يوسف: إن هذا يبقى وحده، لا ثاني معه، فأنا أضمه إلى نفسي. فأنزله عنده، وضمه ليه. وقال له: أنا أخوك - يوسف -

لا (تَبْتَئِسْ) (بشيء) من فعلهم، ولا تعلمهم بشيء مما أعلمتك به. وقيل: [إنه] لم يعترف له أنه أخوه، يعني: من النسب. وإنما قال له: أنا أخوك مكان أخيك الهالك. قاله وهب ابن منبه.
وإنما أخبره أنه يوسف بعد انصرافه وتركه عند يوسف.
ثم قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السقاية فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ والمعنى: أن يوسف لما حمَّل إبل إخوته الميَرَة، جعل السقاية في رحل أخيه: وهو المكيال الذي كانوا يكتالون به، وهي المشربة التي يشرب بها [الملك] وكانت من فضة،

وذهب تُشْبِهُ الملوك مُرَصَّعَةً بالجوهر.
وقيل: كانت شبه الكأس، فجعلها في رحل أخيه، والأخ لا يشعر. فلما ارتحلوا ناجى مناد: يا ﴿أَيَّتُهَا العير إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ قيل: إنما قال لهم: ﴿إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾، وهم لم يسرقوا: يريد إنهم سرقوه، وباعوه، لأنهم سبب بيعه. وقيل: بل تركهم حتى مشوا، وخرجوا، ثم لحقوا، فقيل لهم: ﴿أَيَّتُهَا العير إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾. قالوا: وما ذاك. قالوا: ﴿صُوَاعَ الملك﴾ وإنما دعاهم بالسرقة كلهم لأن المنادي لم يعلم ما صنع يوسف.
وقيل: إنما فعله عن أمر يوسف فأعقبه الله تعالى بقولهم له: ﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [يوسف: ٧٧].

وقيل: إنما [جاز] أن يقال لهم ذلك، لأنهم باعوا يوسف، فاستجازوا أن يخاطبوا بذلك.
وقيل: المعنى: حالكم حال السراق. وقرأ أبو هريرة " صَاعَ الملك ".
وقال أبو رجاء " صوع الملك ".
(قوله): ﴿وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾: أي: (وقِرُ بَعير) من الطعام.
(قوله): ﴿قَالُواْ تالله لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرض﴾ أي: لنعصي الله، ونسرق، وإنما ادعوا ذلك. وقالوا: " قد علمتم " لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوا في رحالهم، إذ رجعوا وراء أخيهم. فالمعنى: " لو كنا سارقين ما رددنا البضاعة (التي وجدنا)