آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٥ الى ٦]

قالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)
[فِي قوله تعالى قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَفْصٌ يَا بُنَيَّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لِيُوسُفَ وَأَخِيهِ فَحَسَدَهُ إِخْوَتُهُ لِهَذَا السَّبَبِ وَظَهَرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَمَارَاتِ الْكَثِيرَةِ فَلَمَّا ذَكَرَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الرُّؤْيَا وَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَنَّ إِخْوَتَهُ وَأَبَوَيْهِ يَخْضَعُونَ لَهُ فَقَالَ لَا تُخْبِرْهُمْ بِرُؤْيَاكَ فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ تَأْوِيلَهَا فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الواحدي: الرؤيا مصدر كالبشرى والسقيا وَالشُّورَى إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا صَارَ اسْمًا لِهَذَا الْمُتَخَيَّلِ فِي الْمَنَامِ جَرَى مَجْرَى الْأَسْمَاءِ. قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الرُّؤْيَا بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ إِلَّا أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْمَنَامِ دُونَ الْيَقَظَةِ فَلَا جَرَمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَرْفَيِ التَّأْنِيثِ، كَمَا قِيلَ: الْقُرْبَةُ وَالْقُرْبَى وَقُرِئَ رُويَاكَ بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَسُمِعَ الْكِسَائِيُّ يَقْرَأُ رُيَّاكَ وَرِيَّاكَ بِالْإِدْغَامِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَنْ وَالْمَعْنَى إِنْ قَصَصْتَهَا عَلَيْهِمْ كَادُوكَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَقُلْ فَيَكِيدُوكَ كَمَا قَالَ: فَكِيدُونِي [هُودٍ: ٥٥].
قُلْنَا: هَذِهِ اللَّامُ تَأْكِيدٌ للصلة كقوله لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ، وَكَقَوْلِكَ نَصَحْتُكَ وَنَصَحْتُ لَكَ وَشَكَرْتُكَ وَشَكَرْتُ لَكَ، وَقِيلَ هِيَ مِنْ صِلَةِ الْكَيْدِ عَلَى مَعْنَى فَيَكِيدُوا كَيْدًا لَكَ. قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ بِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَإِلَّا لَمْ يَعْلَمُوا مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا مَا يُوجِبُ حِقْدًا وَغَضَبًا.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُمْ لَوْ أَقْدَمُوا عَلَى الْكَيْدِ لَكَانَ ذَلِكَ مُضَافًا إِلَى الشَّيْطَانِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشيطان، [في قوله تعالى وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ إلى قوله إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] ثُمَّ إِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَصَدَ بِهَذِهِ النَّصِيحَةِ تَعْبِيرَ تِلْكَ الرُّؤْيَا وَذَكَرُوا أُمُورًا: أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ يَعْنِي وَكَمَا اجْتَبَاكَ بِمِثْلِ هَذِهِ الرُّؤْيَا الْعَظِيمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى شَرَفِ وَعِزِّ وَكِبَرِ شَأْنٍ كَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ لِأُمُورٍ عِظَامٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الِاجْتِبَاءُ مُشْتَقٌّ مِنْ جَبَيْتَ الشَّيْءَ إِذَا خَلَّصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَمِنْهُ جَبَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الِاجْتِبَاءِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ بِالنُّبُوَّةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ مِنْهُ إِعْلَاءُ الدَّرَجَةِ وَتَعْظِيمُ الْمَرْتَبَةِ فَأَمَّا تَعْيِينُ النُّبُوَّةِ فَلَا دَلَالَةَ فِي اللَّفْظِ عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا سَمَّاهُ تَأْوِيلًا لأنه يئول أَمْرَهُ إِلَى مَا رَآهُ فِي الْمَنَامِ يَعْنِي تَأْوِيلَ أَحَادِيثِ النَّاسِ فِيمَا يَرَوْنَهُ فِي مَنَامِهِمْ. قَالُوا: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي عِلْمِ التَّعْبِيرِ غَايَةً، وَالثَّانِي: تَأْوِيلُ الْأَحَادِيثِ فِي كُتُبِ اللَّه تَعَالَى وَالْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، كَمَا أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا يَشْتَغِلُ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلِهِ، وَتَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالثَّالِثُ: الْأَحَادِيثُ جَمْعُ حَدِيثٍ، / وَالْحَدِيثُ هُوَ الْحَادِثُ، وَتَأْوِيلُهَا مَآلُهَا، وَمَآلُ الْحَوَادِثِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى وَتَكْوِينِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ كَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ وَالْجُسْمَانِيَّةِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ وَجَلَالَتِهِ، وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ.

صفحة رقم 420

وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ فَسَّرَ الِاجْتِبَاءَ بِالنُّبُوَّةِ لَا يمكنه أن يفسر إتمام النعمة هاهنا بِالنُّبُوَّةِ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ، بَلْ يُفَسَّرُ إتمام النعمة هاهنا بِسَعَادَاتِ الدُّنْيَا وَسَعَادَاتِ الْآخِرَةِ. أَمَّا سَعَادَاتُ الدُّنْيَا فَالْإِكْثَارُ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْخَدَمِ وَالْأَتْبَاعِ وَالتَّوَسُّعُ فِي الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْحَشَمِ وَإِجْلَالُهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ وَالْحَمْدِ. وَأَمَّا سَعَادَاتُ الْآخِرَةِ: فَالْعُلُومُ الْكَثِيرَةُ وَالْأَخْلَاقُ الْفَاضِلَةُ وَالِاسْتِغْرَاقُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّه تَعَالَى. وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَ الِاجْتِبَاءَ بِنَيْلِ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ، فَهَهُنَا يُفَسِّرُ إِتْمَامَ النِّعْمَةِ بِالنُّبُوَّةِ وَيَتَأَكَّدُ هَذَا بِأُمُورٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ إِتْمَامَ النِّعْمَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا بِهِ تَصِيرُ النِّعْمَةُ تَامَّةً كَامِلَةً خَالِيَةً عَنْ جِهَاتِ النُّقْصَانِ. وَمَا ذَاكَ فِي حَقِّ الْبَشَرِ إِلَّا بِالنُّبُوَّةِ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَنَاصِبِ الْخَلْقِ دُونَ مَنْصِبِ الرِّسَالَةِ نَاقِصٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَمَالِ النُّبُوَّةِ، فَالْكَمَالُ الْمُطْلَقُ وَالتَّمَامُ الْمُطْلَقُ فِي حَقِّ الْبَشَرِ لَيْسَ إِلَّا النُّبُوَّةُ، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّعْمَةَ التَّامَّةَ الَّتِي بِهَا حَصَلَ امْتِيَازُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ عَنْ سَائِرِ الْبَشَرِ لَيْسَ إِلَّا النُّبُوَّةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِإِتْمَامِ النِّعْمَةِ هُوَ النُّبُوَّةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّا لَمَّا فَسَّرْنَا هَذِهِ الْآيَةَ بِالنُّبُوَّةِ لَزِمَ الْحُكْمُ بِأَنَّ أَوْلَادَ يَعْقُوبَ كُلَّهُمْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ:
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ تَمَامِ النِّعْمَةِ لِآلِ يَعْقُوبَ، فَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ هُوَ النُّبُوَّةَ لَزِمَ حُصُولُهَا لِآلِ يَعْقُوبَ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ عَدَا أَبْنَاءَهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَبْقَى مَعْمُولًا بِهِ فِي حَقِّ أَوْلَادِهِ. وَأَيْضًا أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَكَانَ تَأْوِيلُهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا لَهُمْ فَضْلٌ وَكَمَالٌ وَيَسْتَضِيءُ بِعِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ، لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ أَضْوَأُ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَبِهَا يُهْتَدَى وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ وَقَدْ أَقْدَمُوا عَلَى مَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ فِي حَقِّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟
قُلْنَا: ذَاكَ وَقَعَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَعِنْدَنَا الْعِصْمَةُ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ النُّبُوَّةِ لَا قَبْلَهَا.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ خَلَاصُهُ مِنَ الْمِحَنِ، وَيَكُونُ وَجْهُ التَّشْبِيهِ فِي ذَلِكَ بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ هُوَ إِنْعَامُ اللَّه تَعَالَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ بِإِنْجَائِهِ مِنَ النَّارِ وَعَلَى ابْنِهِ إِسْحَاقَ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الذَّبْحِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِتْمَامَ النِّعْمَةِ هُوَ وَصْلُ نِعْمَةِ اللَّه عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِنِعْمَةِ الْآخِرَةِ بِأَنْ/ جَعَلَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا وَنَقَلَهُمْ عَنْهَا إِلَى الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الْجَنَّةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ هُوَ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ النِّعْمَةَ التَّامَّةَ فِي حَقِّ الْبَشَرِ لَيْسَتْ إِلَّا النُّبُوَّةَ، وَكُلُّ مَا سِوَاهَا فَهِيَ نَاقِصَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَعَدَهُ بِهَذِهِ الدَّرَجَاتِ الثَّلَاثَةِ خَتَمَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فَقَوْلُهُ: عَلِيمٌ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الْأَنْعَامِ: ١٢٤] وَقَوْلُهُ:
حَكِيمٌ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى مُقَدَّسٌ عَنِ السَّفَهِ وَالْعَبَثِ، لَا يَضَعُ النُّبُوَّةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ قُدُسِيَّةٍ وَجَوْهَرَةٍ مُشْرِقَةٍ عُلْوِيَّةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْبِشَارَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ كَانَ قَاطِعًا بِصِحَّتِهَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ قَاطِعًا بِصِحَّتِهَا، فَكَيْفَ حَزِنَ عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ، وَكَيْفَ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ

صفحة رقم 421
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية