
الْكَيْدِ وَالْمَكْرِ لَا جَرَمَ افْتُضِحْتُ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَرِيئًا عَنِ الذَّنْبِ لَا جَرَمَ طَهَّرَهُ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ. قَالَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَانَ حَاضِرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حَتَّى يُقَالَ لَمَّا ذَكَرَتِ الْمَرْأَةُ قَوْلَهَا: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ/ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَقُولُ يُوسُفُ:
ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ بَلْ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ الرَّسُولُ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ إِلَى السِّجْنِ وَيَذْكُرَ لَهُ تِلْكَ الْحِكَايَةَ، ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ يَقُولُ ابْتِدَاءً ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَمِثْلُ هَذَا الْوَصْلِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ مَا جَاءَ الْبَتَّةَ فِي نَثْرٍ وَلَا نَظْمٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمَرْأَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الذَّنْبِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَلِكَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَطَلَبَهُ فَلَوْ كَانَ يُوسُفُ مُتَّهَمًا بِفِعْلٍ قَبِيحٍ وَقَدْ كَانَ صَدَرَ مِنْهُ ذَنْبٌ وَفُحْشٌ لَاسْتَحَالَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يَتَفَحَّصَ عَنْ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ أَقْدَمَ عَلَى الذَّنْبِ ثُمَّ إِنَّهُ يطلبه مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يَتَفَحَّصَ عَنْ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا مِنْهُ فِي فَضِيحَةِ نَفْسِهِ وَفِي تَجْدِيدِ الْعُيُوبِ الَّتِي صَارَتْ مُنْدَرِسَةً مَخْفِيَّةً وَالْعَاقِلُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَهَبْ أَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ لِبَعْضِهِمْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ فِي نُبُوَّتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا، وَالْعَاقِلُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَسْعَى فِي فَضِيحَةِ نَفْسِهِ وَفِي حَمْلِ الْأَعْدَاءِ عَلَى أَنْ يُبَالِغُوا فِي إِظْهَارِ عُيُوبِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ النِّسْوَةَ شَهِدْنَ فِي المرأة الْأَوْلَى بِطَهَارَتِهِ وَنَزَاهَتِهِ حَيْثُ قُلْنَ: حاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يُوسُفَ: ٣١] وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ قُلْنَ: حاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ وَالثَّالِثُ:
أَنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ أَقَرَّتْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى بِطَهَارَتِهِ حَيْثُ قَالَتْ: وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ [يُوسُفَ: ٣٢] وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَتِهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا: قَوْلُ الْمَرْأَةِ: أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَثَانِيهَا:
قَوْلُهَا: وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ: هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي [يُوسُفَ: ٢٦] وَثَالِثُهَا: قَوْلُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَالْحَشْوِيَّةُ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ يُوسُفُ هَذَا الْكَلَامَ قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَا حِينَ هَمَمْتَ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَاتِهِمُ الْخَبِيثَةِ وَمَا صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ، بَلْ هُمْ يُلْحِقُونَهَا بِهَذَا الْمَوْضِعِ سَعْيًا مِنْهُمْ فِي تَحْرِيفِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْخِيَانَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُفْتَضَحَ، فَلَوْ كُنْتُ خَائِنًا لَوَجَبَ أَنْ أُفْتَضَحَ وَحَيْثُ لَمْ أُفْتَضَحْ وَخَلَّصَنِي اللَّه تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنِّي ما كنت من الخائنين، وهاهنا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْكُلِّ، وَهُوَ أَنَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ تِلْكَ الْوَاقِعَةُ صَارَتْ مُنْدَرِسَةً، وَتِلْكَ الْمِحْنَةُ صَارَتْ مُنْتَهِيَةً، فَإِقْدَامُهُ عَلَى قوله: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ مَعَ أَنَّهُ خَانَهُ بِأَعْظَمِ وُجُوهِ الْخِيَانَةِ إِقْدَامٌ عَلَى وَقَاحَةٍ عَظِيمَةٍ، وَعَلَى كَذِبٍ عَظِيمٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مَصْلَحَةٌ بِوَجْهٍ مَا، وَالْإِقْدَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْوَقَاحَةِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ أَصْلًا لَا يَلِيقُ بِأَحَدٍ مِنَ الْعُقَلَاءِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ إِسْنَادُهُ إِلَى سَيِّدِ الْعُقَلَاءِ، وَقُدْوَةِ الْأَصْفِيَاءِ؟ فَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ دَلَالَةً قَاطِعَةً عَلَى/ بَرَاءَتِهِ مِمَّا يَقُولُهُ الْجُهَّالُ وَالْحَشْوِيَّةُ.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٥٣]
وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا إِنَّ قَوْلَهُ: ذلِكَ

لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ
[يُوسُفَ: ٥٢] كَلَامُ يُوسُفَ كَانَ هَذَا أَيْضًا مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمَرْأَةِ كَانَ هَذَا أَيْضًا كَذَلِكَ وَنَحْنُ نُفَسِّرُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا كَلَامُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالْحَشْوِيَّةُ تَمَسَّكُوا بِهِ وَقَالُوا: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِفَكِّ سَرَاوِيلِكَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ يُوسُفُ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أَيْ بِالزِّنَا إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي أَيْ عَصَمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ لِلْهَمِّ الَّذِي هَمَمْتُ بِهِ رَحِيمٌ أَيْ لَوْ فَعَلْتُهُ لَتَابَ عَلَيَّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ ضَعِيفٌ فَإِنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ بُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ عَنِ الذَّنْبِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ:
فَمَا جَوَابُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَنَقُولُ فِيهِ وَجْهَانِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ كَانَ ذَلِكَ جَارِيًا مَجْرَى مَدْحِ النَّفْسِ وَتَزْكِيَتِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ [النَّجْمِ: ٣٢] فَاسْتَدْرَكَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي وَالْمَعْنَى: وَمَا أُزَكِّي نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ مَيَّالَةٌ إِلَى الْقَبَائِحِ رَاغِبَةٌ فِي الْمَعْصِيَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ الْبَتَّةَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ: أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ بَيَّنَ أَنَّ تَرْكَ الْخِيَانَةِ مَا كَانَ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ وَلِعَدَمِ مَيْلِ النَّفْسِ وَالطَّبِيعَةِ، لِأَنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَالطَّبِيعَةَ تَوَّاقَةٌ إِلَى اللَّذَّاتِ فَبَيَّنَ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ التَّرْكَ مَا كَانَ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ، بَلْ لِقِيَامِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّه تَعَالَى. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمَرْأَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي عَنْ مُرَاوَدَتِهِ وَمَقْصُودُهَا تَصْدِيقُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ: هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي الثَّانِي: أَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [يُوسُفَ: ٥٢] قَالَتْ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي عَنِ الْخِيَانَةِ مُطْلَقًا فَإِنِّي قَدْ خُنْتُهُ حِينَ قَدْ أَحَلْتُ الذَّنْبَ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ/ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ [يُوسُفَ: ٢٥] وَأَوْدَعْتُهُ السِّجْنَ كَأَنَّهَا أَرَادَتِ الِاعْتِذَارَ مِمَّا كَانَ.
فَإِنْ قِيلَ جَعْلُ هَذَا الْكَلَامِ كَلَامًا لِيُوسُفَ أَوْلَى أَمْ جَعْلُهُ كَلَامًا لِلْمَرْأَةِ؟
قُلْنَا: جَعْلُهُ كَلَامًا لِيُوسُفَ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف: ٥١] كَلَامٌ مَوْصُولٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَى آخِرِهِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ بَعْضَهُ كَلَامُ الْمَرْأَةِ وَالْبَعْضَ كَلَامُ يُوسُفَ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَوَاصِلِ الْكَثِيرَةِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَبَيْنَ الْمَجْلِسَيْنِ بِعِيدٌ، وَأَيْضًا جَعْلُهُ كَلَامًا لِلْمَرْأَةِ مُشْكِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي كَلَامٌ لَا يَحْسُنُ صُدُورُهُ إِلَّا مِمَّنِ احْتَرَزَ عَنِ الْمَعَاصِي، ثُمَّ يُذْكَرُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى سَبِيلِ كَسْرِ النَّفْسِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي اسْتَفْرَغَتْ جُهْدَهَا فِي الْمَعْصِيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالُوا: (مَا) فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي بِمَعْنَى «مَنْ» وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا مَنْ رَحِمَ ربي، وما ومن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ [النِّسَاءِ: ٣] وَقَالَ:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ [النُّورِ: ٤٥] وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ، فِيهِ وَجْهَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَفِي تَقْرِيرِهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي أَيْ إِلَّا الْبَعْضَ الَّذِي رَحِمَهُ رَبِّي بِالْعِصْمَةِ كَالْمَلَائِكَةِ. الثَّانِي: إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي أَيْ إِلَّا وَقْتَ رَحْمَةِ رَبِّي يَعْنِي أَنَّهَا أَمَارَةٌ بِالسُّوءِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي وَقْتِ الْعِصْمَةِ.