آيات من القرآن الكريم

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ أي لا تصدّقنا ولو كنا عندك من أهل الصدق، فكيف وأنت تتهمنا، وقيل: معناه لا تصدقنا وإن كنا صادقين في هذه المقالة، فذلك على وجه المغالطة منهم، والأول أظهر
وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ أي: ذي كذب أو وصف بالمصدر مبالغة، وروي أنهم لطخوا قميصه بدم جدي، وقالوا ليعقوب: هذا دمه في قميصه فقال لهم: ما بال الذئب أكله ولم يخرق قميصه، فاستدل بذلك على كذبهم سَوَّلَتْ أي زينت فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وعد من نفسه بالصبر، وارتفاعه على أنه مبتدأ تقديره: صبر جميل أمثل، أو خبر مبتدإ تقديره: شأني صبر جميل وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ روي أن هؤلاء السيارة من مدين، وقيل:
هم أعراب وارِدَهُمْ الوارد هو الذي يستقي الماء لجماعة، ونقل السهيلي أن اسم هذا الوارد مالك بن دعر من العرب العاربة، ولم يكن له ولد فسأل يوسف أن يدعو له بالولد فدعا له، فرزقه الله اثني عشر ولدا، أعقب كل واحد منهم قبيلة قالَ يا بُشْرى «١» أي نادى البشرى كقولك: يا حسرة، وأضافها إلى نفسه، وقرئ يا بشرى بحذف ياء المتكلم، والمعنى كذلك وقيل: على هذه القراءة نادى رجلا منهم اسمه بشرى، وهذا بعيد، ولما أدلى الوارد الحبل في الجب تعلق به يوسف فحينئذ قال: يا بشراي هذا غلام وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً الضمير الفاعل للسيارة والضمير المفعول ليوسف أي أخفوه من الرفقة، أو قالوا لهم: دفعه لنا قوم لنبيعه لهم بمصر وَشَرَوْهُ أي باعوه، والضمير أيضا للذين أخذوه، وقيل: الضمير لإخوة يوسف وأنهم رجعوا إليه فقالوا: للسيارة هذا عبدنا بِثَمَنٍ بَخْسٍ أي ناقص عن قيمته، وقيل: البخس هنا الظلم دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ عبارة عن قلتها وَكانُوا الضمير للذين أخذوه أو لإخوته وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ يعني العزيز، وكان حاجب الملك وخازنه، وقال السهيلي: اسمه قطفير مِنْ مِصْرَ هو البلد المعروف، ولذلك لم ينصرف، وكان يوسف قد سيق إلى مصر فنودي عليه في السوق حتى بلغ ثمنه وزنه ذهبا، وقيل:
فضة فاشتراه العزيز تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ قد تقدم وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ في عود الضمير وجهان: أحدهما أن يعود على الله فالمعنى أنه يفعل ما يشاء لا رادّ لأمره، والثاني: أنه يعود على يوسف أي يدبر الله أمره بالحفظ له والكرامة
بَلَغَ أَشُدَّهُ قيل: الأشدّ البلوغ،

(١). قرأ عاصم وحمزة والكسائي: يا بشرى، وقرأ الباقون: يا بشراي.

صفحة رقم 383

وقيل: ثماني عشرة سنة وقيل: ثلاث وثلاثون، وقيل: أربعون حُكْماً هي الحكمة والنبوة وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ أي طلبت منه ما يكون من الرجل إلى المرأة وهي زليخا امرأة العزيز وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ روي أنها كانت سبعة أبواب هَيْتَ لَكَ «١» اسم فعل معناه تعال وأقبل، وقرئ بفتح الهاء وكسرها وبفتح التاء وضمها، والمعنى في ذلك كله واحد، وحركة التاء للبناء، وأما من قرأ بالهمز فهو فعل من تهيأت كقولك: جئت مَعاذَ اللَّهِ منصوب على المصدرية، والمعنى أعوذ بالله إِنَّهُ رَبِّي يحتمل أن يكون الضمير لله تعالى، أو للذي اشتراه، لأن السيد يقال له رب، فالمعنى لا ينبغي لي أن أخونه إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ الضمير للأمر والشأن، ويحتمل ذلك في الأوّل أي الضمير وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها أكثر الناس الكلام في هذه الآية حتى ألفوا فيها التآليف، فمنهم مفرط ومفرّط، وذلك أن منهم من جعل همّ المرأة وهمّ يوسف من حيث الفعل الذي أرادته، وذكروا في ذلك روايات من جلوسه بين رجليها، وحله التكة وغير ذلك، مما لا ينبغي أن يقال به لضعف نقله، ولنزاهة الأنبياء عن مثله، ومنهم من جعل أنها همت به لتضربه على امتناعه وهمّ بها ليقتلها أو يضربها ليدفعها وهو بعيد، يرده قوله: لولا أن رأى برهان ربه، ومنهم من جعل همها به من حيث مرادها وهمه بها ليدفعها، وهذا أيضا بعيد، لاختلاف سياق الكلام، والصواب إن شاء الله: إنها همت به من حيث مرادها وهمّ بها كذلك، لكنه لم يعزم على ذلك، ولم يبلغ إلى ما ذكر من حل التكة وغيرها بل كان همه خطرة خطرت على قلبه لم يطعها ولم يتابعها، ولكنه بادر بالتوبة والإقلاع عن تلك الخطرة حتى محاها من قلبه لما رأى برهان ربه، ولا يقدح هذا في عصمة الأنبياء لأن الهمّ بالذنب ليس بذنب ولا نقص عليه في ذلك، فإنه من همّ بذنب ثم تركه كتبت له حسنة لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ جوابه محذوف تقديره: لولا أن رأى برهان ربه لخالطها، وإنما حذف لأن قوله همّ بها يدل عليه، وقد قيل: إن «هم بها» هو الجواب، وهذا ضعيف لأن جواب لولا لا يتقدم عليها، واختلف في البرهان الذي رآه، فقيل ناداه جبريل: يا يوسف أتكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء، وقيل: رأى يعقوب ينهاه، وقيل: تفكر فاستبصر، وقيل: رأى زليخا غطت وجه صنم لها حياء منه، فقال: أنا أولى أن أستحي من الله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ الكاف في موضع نصب متعلقة بفعل مضمر، التقدير: ثبتناه مثل ذلك التثبيت، أو في موضع رفع تقديره: الأمر مثل ذلك السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ خيانة سيده والوقوع في الزنا الْمُخْلَصِينَ

(١). قرأ أهل العراق: هيت. وأهل المدينة والشام: هيت. وابن كثير: هيت، وهشام: هئت.

صفحة رقم 384
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية