آيات من القرآن الكريم

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)
(وَكَأَيِّنْ) بمعنى كم الدالة على كثرة العدد، وعن سيبويه أن (كَأَيِّنْ) هي (أيّ) بالتنوين، ودخلت كاف التشبيه وبنيت معها، فصارت في الكلام في معنى (كم)، ولا يهمنا أصلها النحوي، إنما يهمنا أنها للكثرة في العدد، والآية هي الأمر الدال على قدرة الله تعالى في الكون في السماء والأرض، وعلى قدرته على العصاة، وأماكن هلاكهم بما عثوا وأفسدوا، ورسومهم دالة على هلاكهم، وأن اللَّه بدل بهم غيرهم، ولم يضروه شيئا.
وأنهم ليمرون على هذه الآيات، وهم عنها معرضون غير ملتفتين إلى ما فيها من عبر، فالكون كتاب فيه الدلائل على الوحدانية، والأرض كذلك، وفيها عبر من آثار العصاة.

صفحة رقم 3868

وقال ابن كثير في هذا: " عبر تعالى عن غفلة الناس عن التفكر في آيات اللَّه، ودلائل التوحيد بما خلقه في السماوات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت، وسيارات وأفلاك دائرات، والجميع مسخرات، وكم في الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات، وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وأمواج متلاطمات، وقفار شاسعات، وكم من أحياء وأموات، وحيوان ونبات، وثمرات متشابهة، ومختلفات في الطعوم والروائح والألوان والصفات، فسبحان الواحد الأحد خالق أنواع المخلوقات، المتفرد بالبقاء والصمدية للأسماء والصفات " (١).
نقلنا هذه الكلمة مع طولها وسجعها المتكلف، لعموم ما تشير إليه من آيات اللَّه تعالى في السماء والأرض.
وإن العرب كان فيهم إيمان باللَّه، كانوا يؤمنون بأنه الخالق لمن في السماوات والأرض، وأنه هو المغيث، وأنه ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته، ولكنهم مع هذا الإيمان بخلق اللَّه تعالى يشركون معه الأوثان في العبادة، ولذا قال تعالى:
________
(١) تفسير القرآن العظيم: ج ٤/ ٣٥٨.

صفحة رقم 3869
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية