
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع﴾ قَالَ قَتَادَة: الروع: الْفَزع؛ وَأما الروع بِالرَّفْع هُوَ النَّفس، وَمِنْه قَوْله: " ألْقى روح الْقُدس فِي روعي: (أَن لن) تَمُوت
صفحة رقم 444
﴿لوط (٧٤) إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب (٧٥) يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن هَذَا إِنَّه قد جَاءَ﴾ نفس حَتَّى تستكمل رزقها، فَاتَّقُوا الله واجملوا فِي الطّلب ". وَقَوله: ﴿وجاءته الْبُشْرَى﴾ قيل: إِن الْبُشْرَى بِإسْحَاق وَيَعْقُوب. وَقيل: إِنَّهَا بإهلاك قوم لوط. وَقَوله: ﴿يجادلنا﴾ مَعْنَاهُ: جعل إِبْرَاهِيم يجادلنا، والمجادلة هَاهُنَا كَمَا قَالَ فِي سور الذاريات وَالْحجر: ﴿قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ﴾ فَإِن قيل: كَيفَ يجوز أَن يُجَادِل إِبْرَاهِيم ربه فِي شَيْء قَضَاهُ وَأمر بِهِ؟
الْجَواب: أَن هَذِه المجادلة كَانَت مَعَ اللائكة لَا مَعَ الرب، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿يجادلنا﴾ على توسع الْكَلَام. وَفِي التَّفْسِير: أَن مجادلته كَانَت أَنه قَالَ للْمَلَائكَة: أَرَأَيْتُم لَو كَانَ فِي مَدَائِن قوم لوط خَمْسُونَ من الْمُؤمنِينَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن كَانَ فيهم أَرْبَعُونَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا، فَمَا زَالَ ينقص عشرَة عشرَة حَتَّى بلغ خَمْسَة نفر وَكَانَ عِنْد إِبْرَاهِيم أَن امْرَأَة لوط مُؤمنَة. وَكَانَت هِيَ الْخَامِسَة، وَلم يعلم أَنَّهَا كَافِرَة، فَمَا بلغ عدد الْمُؤمنِينَ خَمْسَة ﴿فِي قوم لوط﴾.