
قاله مقاتل. والثالث: أنهم المحسنون في أعمالهم، قاله أبو سليمان.
[سورة هود (١١) : آية ١١٦]
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦)
قوله تعالى: فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ قال ابن عباس، والفراء: المعنى: فلم يكن. وقال ابن قتيبة: المعنى: فهلاَّ كان من القرون من قبلكم أولو بقية. وروى ابن جماز عن أبي جعفر «أولو بِقْيَةٍ» بكسر الباء وسكون القاف وتخفيف الياء. وفي معنى «أولو بقيَّة» ثلاثة أقوال: أحدها: أولو دين، قاله ابن عباس. قال ابن قتيبة: يقال: قوم لهم بقية، وفيهم بقية: إِذا كانت بهم مُسكة وفيهم خير. والثاني:
أولو تمييز. والثالث: أولو طاعة، ذكرهما الزجاج، وقال: إِذا قلت: فلان فيه بقية، فمعناه: فيه فضل.
قوله تعالى: إِلَّا قَلِيلًا استثناء منقطع، أي: لكنّ قليلاً ممن أنجينا منهم ممن نهى عن الفساد. قال مقاتل: لم يكن من القرون من ينهى عن المعاصي والشرك إِلا قليلاً ممن أنجينا من العذاب مع الرسل.
قوله تعالى: وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ أي: اتبعوا مع ظلمهم ما أُترفوا فيه مع استدامة نعيمهم، فلم يقبلوا ما ينقص من ترفهم. قال الفراء: آثروا اللذات على أمر الآخرة. قال: ويقال: اتبعوا ذنوبهم السيئة إلى النار.
[سورة هود (١١) : آية ١١٧]
وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧)
قوله تعالى: وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ فيه قولان: أحدهما: بغير جرم، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: بشرك، ذكره ابن جرير، وأبو سليمان. وفي قوله: وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ثلاثة أقوال: أحدها: ينتصف بعضهم من بعض، رواه قيس بن أبي حازم عن جرير. قال أبو جعفر الطبري: فيكون المعنى: لا يهلكهم إِذا تناصفوا وإِن كانوا مشركين، وإِنما يهلكهم إِذا تظالموا.
والثاني: مصلحون لأعمالهم، متمسكون بالطاعة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: مؤمنون، قاله مقاتل.
[سورة هود (١١) : الآيات ١١٨ الى ١١٩]
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)
قوله تعالى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً قال ابن عباس: لو شاء أن يجعلهم كلَّهم مسلمين لفعل. قوله تعالى: وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ في المشار إِليهم قولان «١» : أحدهما: أنهم أهل