آيات من القرآن الكريم

وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ
ﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ ﮃﮄ

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة أرأيت
مكية
قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدين﴾ إلى آخرها.
يجوز، أن تكون " أرأيت " من رؤية العين، فلا يقدر في الكلام حذف. ويجوز أن يكون من رؤية القلب، فتُقَدّرُ لحذف للمفعول الثاني، والتقدير على ذلك: أرأيت الذي يكذب بالدين بعد/ ما ظهر له من البراهين، أليس مستحقاً عذاب الله؟... والمعنى: أرأيت - محمد - الذي يكذب بثواب الله وعقابه؟! فلا تطعه في أمره ونهيه. قال ابن عباس: ﴿الذي يُكَذِّبُ بالدين﴾ أي: بحكم الله جل ذكره. وقال ابن جريج ﴿بالدين﴾: بالحساب.

صفحة رقم 8459

[والدين] عند أهل اللغة في هذا وشبهه بمعنى الجزاء، كما قال ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾ [الفتح: ٤]، أي: يوم الجزاء، ومنه قولهم: كما تدين تدان، أي كما تجزي تجازى.
فالمعنى: أرأيت يا محمد هذا الذي يكذب بالجَزاء فلا يعمل خبراً ولا ينتهي عن شر، فهو الذي يدع اليتيم، أي: يدفعه، لأنه لا ينتظر عقاباً على عَمله ولا جزاء.
ثم قال تعالى: ﴿فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم﴾ أي: فهذا الذي يدفع اليتيم [عن] حقه ويظلمه.
[يقال]: دعَعْت فلاناً عن حقه، فأنا أدعهُ دعَّا.
قال ابن عباس: " ﴿يَدُعُّ اليتيم﴾، أي: " يدفَعُ اليتيم.
وقال مجاهد: ﴿يَدُعُّ اليتيم﴾، أي: يدفع اليتيم فلا يطعمه ".

صفحة رقم 8460

وقال قتادة: " يقهره ويظلمه ". وقال إبراهيم بن عرفة: يدفع اليتيم عن حقه.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين﴾ أي: لا يحض غيره على طعام المحتاج إلى الطعام.
ثم قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي: فالوادي الذي يسيل من صديد أهل النار للسّاهين عن صلاتهم الذين يصلون ولا يريدون بصلاتهم وجه الله.
وقال ابن عباس: [هم] الذين يؤخرونها عن وقتها. وهذه رواية تخالف [قول] جميع المفسرين، وقد رويت عن النبي ﷺ. فهي من أشد أية نزلت في المصلين على هذا التأويل إن صح. وعن ابن عباس أيضا أنه قال: هم المنافقون، كانوا يراءون (الناس) بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعون

صفحة رقم 8461

المؤمنين العارية من الماعون بُغْضاً لهم.
وقال مجاهد: ﴿الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ هو " الترك لها ". وعنه أنه قال: هم لاهون عنها.
وقال قتادة: هم غافلون لا يبالي أحدهم صلى أو لم يصل.
وقال ابن زيد: " يصلون وليس الصلاة من شأنهم ".
وقال [سعد] بن أبي وقاص: " [سألت] رسول الله ﷺ عن ﴿الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فقال: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ".
ورَوى [أبو بزرة الأسلمي] " أن رسول الله ﷺ قال - لما نزلت هذه

صفحة رقم 8462

الآية: الله أكبر هذه خير لكم من [أن لو أعطي] رجل منكم مثل جميع الدنيا، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه "
وقال عطاء بن يسار: الحمد لله الذي قال: " عن صلاتهم ساهون " ولم يقل " في صلاتهم ساهون ".
ثم قال تعالى: ﴿الذين هُمْ يُرَآءُونَ﴾ الناس بصلاتهم إذا صلوا، لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب، ولا [خوفاً] من عقاب، إنما يصونها ليكفوا الناس عن دمائهم وأموالهم وذَرَاريهم، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله ﷺ، وعلى ذلك أكثر أهل التفسير.
ثم قال تعالى ﴿وَيَمْنَعُونَ الماعون﴾.

صفحة رقم 8463

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنهـ: الماعون " الزكاة " وقاله ابن عمر، وقال ابن مسعود: هو المتاع يتعاطاه الناس بينهم. وهو قول ابن الحنيفة وقتادة والحسن والضحاك وابن زيد، وذلك نحو الفأس والقدر والدلو. وقال ابن عباس: " هو متاع البيت. وروي ذلك (أيضا) عن علي رضي الله عنهـ. قال محمد بن كعب: " الماعُونَ: المعروف ". وقال ابن المسيّب: " المَاعُونَ " بلسان قريش: المال ". وحكى الفراء عن بعض العرب أنه قال: المَاعُونَ: الماء. وسئل النبي ﷺ عمّا لا يحل أن يمنع فقال: " الماء والملح ".

صفحة رقم 8464

والمَاعُونَ في اللغة من المعْن، وهو الشيء القليل.

صفحة رقم 8465
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية