وهو بعيد، وإنما يجوز في الشعر وإن كان يريد جمع مالا وجمع عدده على أنه مفعول أي أحصى عدده فهو جائز.
[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ٣ الى ٤]
يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) يقال: هي لغة النبي صلّى الله عليه وسلّم بكسر السين جاء على فعل يفعل، وله نظائر يسيرة قد ذكرناها. «أنّ» وما عملت فيه في موضع المفعولين، والمعروف من قراءة الحسن «لينبذانّ في الحطمة» «١» بعينه وماله، وقد روي عنه (لينبذنّ) بضم الذال. فقيل لا يجوز لأنه إنما تقدّم ذكر اثنين، وقيل: هو للهمزة واللمزة والذي جمع مالا.
[سورة الهمزة (١٠٤) : آية ٥]
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥)
قال الفراء: اسم للنار، ولو كانت بغير ألف ولام لم تنصرف. قال أبو جعفر:
يقال: حطمه إذا كسّره كما قال: [الرجز] ٥٨٦- قد لفّها اللّيل بسوّاق حطم «٢» ورجل حطم أي أكول.
[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ٦ الى ٧]
نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)
نارُ اللَّهِ أي هي نار الله «الموقدة» نعت للنار، وكذا الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) اطّلعت على فلان وطلعت أي بلغت وواحد الأفئدة فؤاد.
[سورة الهمزة (١٠٤) : آية ٨]
إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)
خبر «إن» يقال: آصدت أوصد فمن قال: أوصدت قال: موصدة فلم يهمز، ومن قال: آصدت قال: مؤصدة، وجاز أن يخفّف الهمزة فيقول: موصدة واللغتان حسنتان كثيرتان، وكذا أكّدت ووكدت وهو التأكيد والتوكيد، وكذا أرّخت وورّخت وهو التأريخ والتوريخ، وأكفت وأوكفت وهو الاكاف والوكاف.
[سورة الهمزة (١٠٤) : آية ٩]
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
فِي عَمَدٍ هكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن مسعود وزيد بن
(٢) الشاهد لرشيد بن رميض في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٣٥٥، والأغاني ١٥/ ١٩٩، وللأغلب العجلي في الحماسة الشجرية ١/ ١٤٤، وللحطم القيسي في الكتاب ٣/ ٢٤٦، وشرح المفصّل ١/ ٦٢، وله أو لأبي زغيبة الأنصاري في شرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٨٦، وله أو لأبي زغبة الخزرجي أو لرشيد بن رميض في لسان العرب (حطم)، وبلا نسبة في أساس البلاغة (حطم) وجمهرة اللغة ٨٣٠، وسمط اللآلي ٥٩، وشرح المفصّل ٦/ ١١٢. [.....]
ثابت وهي قراءة عاصم ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ المدنيون وأبو عمرو فِي عَمَدٍ «١» وإذا جاء الشيء على هذا الاجتماع حظر في الديانة أن يقال:
إحداهما أولى من الأخرى. وأجود ما قيل هكذا أنزل كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف» «٢» ولكن تلخّص القراءات من العربية فيقال: عمود وعمد فهكذا فعول وفعيل وفعال يجمعن على فعل نحو كتاب وكتب ورغيف ورغف، وقد قالوا: أديم وأدم، وهذا كعمود وعمد اسم للجميع لا جمع على الحقيقة وكذا أفيق وأفق وإهاب وأهب ونعيم ونعم، وقال: خادم وخدم فأما معنى «في عمد» فقد تكلّم فيه أهل التفسير وأهل العربية. قال عطاء الخراساني يعني عمدا من نار ممددة عليهم، وقال ابن زيد: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ أي هم مغلّلون بعمد من حديد قد احترقت فصارت نارا، وقيل: توصد عليهم الأبواب أي تطبق ويقام عليها عمد من حديد ليكون ذلك أشدّ ليأسهم من الخروج، وقيل «في عمد» أي بين عمد، كما تقول: فلان في القوم أي بينهم، وقيل مع عمد، كما قال: [الطويل] ٥٨٧-
وهل ينعمن من كان آخر عهده | ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال «٣» |
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٢٣٢، والهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٥٠، وابن كثير في تفسيره ٢/ ٩، والهيثمي في موارد الظمآن (١٧٧٩).
(٣) مرّ الشاهد رقم (٣٩٦).