ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة البقرة (٢)«الم» (١) سكّنت الألف واللام والميم، لأنه هجاء، ولا يدخل فى حروف الهجاء إعراب، قال أبو النّجم العجلىّ:
أقبلت من عند زياد كالخرف | أجر رجلىّ بخط مختلف «١» |
فجزمه لانه هجاء، ومعنى «الم» : افتتاح، مبتدأ كلام، شعار للسورة.
«ذلِكَ الْكِتابُ» (٢) معناه: هذا القرآن وقد تخاطب العرب الشاهد فتظهر له مخاطبة الغائب.
قال خفاف بن ندبة السلمىّ، وهى أمه، كانت سوداء، حبشية. وكان من غربان العرب فى الجاهلية:
فان تك خيلى قد أصيب صميمها | فعمدا على عين تيمّمت مالكا «٢» |
(٢) خفاف: هو خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد بن رياح، وهو أحد فرسان قيس وشعراءها المذكورين، مخضرم، نشأ فى الجاهلية وأدرك الإسلام وشهد فتح مكة، وكان معه لواء بنى سليم واللواء الآخر مع العباس بن مرداس وشهد حنينا والطائف وثبت على إسلامه فى الردة وبقي إلى زمن عمر بن الخطاب، له ترجمة فى الشعراء ١٩٦ والمؤتلف ١٠٨ والأغانى ١٦/ ١٣٤ والخزانة ٢/ ٤٧٢، وأما ندبة:
فهى أمه كان سباها الحارث بن الشريد حين أغار على بنى الحارث بن كعب فوهبها لابنه عمير فولدت له خفافا، وكانت امرأة سوداء. - والبيتان فى المراجع السابقة، والكامل ٥٦٩، والطبري ١/ ٧٤ والبيت الثاني فى الزجاج ١/ ٣١ ا، والقرطبي ١/ ١٣٦، واللسان، والتاج (صمم).
أقول له والرّمح يأطر متنه | تأمّل خفافا إنّني أنا ذلكا |
«لا رَيْبَ فِيهِ» (٢) لا شكّ فيه، وأنشدنى أبو عمرو الهذلىّ لساعدة بن جؤيّة الهذلىّ:
فقالوا تركنا الحىّ قد حصروا به | فلا ريب أن قد كان ثمّ لحيم «٢» |
لا شكّ.
«هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» (٢) أي بيانا للمتقين.
«الْمُفْلِحُونَ» (٥) : كل من أصاب شيئا من الخير فهو مفلح، ومصدره الفلاح وهو البقاء، وكل خير، قال لبيد بن ربيعة:
(٢) ساعدة بن جؤية: هو من بنى تميم بن سعد بن هذيل، مخضرم، ترجمته فى السمط ١١٥. - والبيت فى ديوان الهذليين ٢/ ٢٣٢ والطبري ١/ ٧٥ والصحاح واللسان والتاج (لحم).
نحلّ بلادا كلها حلّ قبلنا | ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير «١» |
أفلح بما شئت فقد يدرك بالضّعف | وقد يخدع الأريب «٢» |
إنّ الحديد بالحديد يفلح «٤»
أي يفلق والفلاح هو المكاري فى قول ابن أحمر أيضا:
لها رطل تكيل الزيت فيه | وفلّاح يسوق لها حمارا «٥» |
(٢) ديوانه ٧- وشرح العشر ١٦١، والطبري ١/ ٨٣، والجمهرة ٢/ ١٧٧، والسمط ٣٢٧، واللسان، والتاج (فلح)، والقرطبي ١/ ١٥٨.
(٣) «والفلاح... يثيرها» : أنظر اللسان والتاج (فلح)
(٤) ذكره ابن دريد (٢/ ١٧٧) بغير عزو فى كلمة، آخرها:
حتى ترى جماجما تطوّح | إن الحديد بالحديد يفلح |
(٥) ابن أحمر: هو عمرو بن أحمر الباهلي، شاعر إسلامى يكنى أبا الخطاب، أنظر ترجمته فى المؤتلف ٣٧ والإصابة رقم ٦٤٦٦. - والبيت فى الجمهرة ٢/ ١٧٧ والزجاج ١/ ١٢ ب، واللسان والتاج (فلح).
اعقلى إن كنت لمّا تعقلى | ولقد أفلح من كان عقل «١» |
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» (٦) : هذا كلام هو إخبار، خرج مخرج الاستفهام وليس هذا إلا فى ثلاثة مواضع، هذا أحدها، والثاني: ما أبالى أقبلت أم أدبرت، والثالث: ما أدرى أولّيت أم جاء فلان.
«خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ» (٧) : ثم انقطع النصب، فصار خبرا، فارتفعت «٢» فصار «غشاوة» كأنها فى التمثيل، قال: «وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ» أي غطاء، قال الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة:
تبعتك إذ عينى عليها غشاوة | فلما أنجلت قطّعت نفسى ألومها «٣» |
«قاتَلَهُمُ اللَّهُ» (٩/ ٣١) »
معناها: قتلهم الله.
(٢) «فارتفعت» : كذا فى الأصلين.
(٣) الحارث... المغيرة: بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، شاعر إسلامى، وهو من الشعراء المعدودين فى قريش، انظر أخباره فى الأغانى ٣/ ٣١١ (الدار) والبيت فى الطبري ١/ ٨٨، واللسان، والتاج (غشو).
(٤) «يخادعون... قاتلهم» : روى أبو على الفارسي تفسير أبى عبيدة هذا، فقال:
وقال أبو عبيدة: يخادعون الله يخدعون... وقال أبو عبيدة أيضا: يخادعون الله والذين آمنوا فيظهرون بما يستخفون خلافه... إلخ (الحجة- نسخة مراد منلا ١/ ١٦ آ)، وقال الطبري (١/ ٩١) : وقد كان بعض أهل النحو من أهل البصرة يقول: لا تكون المفاعلة إلا من شيئين، ولكنه إنما قيل يخادعون عند أنفسهم أن لا يعاقبوا... إلخ.
«عَذابٌ أَلِيمٌ» (١٠) أي موجع من الألم، وهو فى موضع مفعل، قال ذو الرمة:
ونرفع فى صدور شمر دلات | يصكّ وجوهها وهج أليم «١» |
«الشياطين» (١٤) كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب فهو شيطان. «٢»
«فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ» (١٥) : أي بغيهم وكفرهم، يقال: رجل عمه وعامه، أي جائر عن الحق، قال رؤبة:
ومهمه أطرافه فى مهمه | أعمى الهدى بالجاهلين العمّه «٣» |
وجاء الاستئناف: «صُمٌّ بُكْمٌ» (١٨)، قال النابغة:
(٢) «كل... شيطان» : هذا الكلام فى اللسان، وباختلاف يسير عند الراغب (شيطان).
(٣) من أرجوزة فى ديوانه ١٦٦- وهو فى الطبري ١/ ١٠٤ والسمط ٥٥ والقرطبي ١٣/ ١٥٥ واللسان والتاج (عمه) والعيني ٣/ ٣٤٥ وشواهد الكشاف ١٥١.
توهّمت آيات لها فعرفتها | لستّة أعوام وذا العام سابع «١» |
رماد ككحل العين لأيا أبينه | ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع |
كأنهم صابت عليهم سحابة | صواعقها لطيرهن دبيب «٢» |
فلا تعدلى بينى وبين مغمّر | سقتك روايا المزن حيث تصوب |
ولست لانسىّ ولكن لملأك | تنزّل من جوّ السماء يصوب «٣» |
(٢) البيت الأول هو الرابع والثلاثون والثاني هو الخامس من القصيدة الموجودة فى ديوانه من الستة ص ١٠٥- ١٠٧ وهما معا فى الطبري ١/ ١١٤، والأول فى اللسان والتاج (صوب) والثاني فقط فى القرطبي ١/ ١٨٦.
(٣) قد اختلفوا فى نسبة هذا البيت، قال العيني ٤/ ٥٢٤: قائله رجل من عبد القيس يمدح به النعمان بن المنذر، وقيل قائله هو أبو وجزة، يمدح به عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما، ويقال قائله علقمة بن عبدة... إلخ. وأنشده سيبويه من غير عزو ٢/ ٤٢٠ ونسبه الأعلم (٢/ ٣٧٩) إلى علقمة، والبيت فى الطبري ١/ ١١٣ والاشتقاق ١٧ وابن الشجري ٢/ ٢٠ والقرطبي ٩/ ١٨٣ والصحاح واللسان والتاج (صوب) وشواهد الكشاف ٣٥. [.....]
«فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً» (٢٢) «١» واحدها ندّ، معناها: أضداد، قال حسّان:
أتهجوه ولست له بندّ | فشرّكما لخيركما الفداء «٢» |
«وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ» (٢٤) : حطبها الناس، والوقود مضموم الأول التلهب.
«وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً» (٢٥) أي يشبه بعضه بعضا، وليس من الاشتباه عليك، ولا مما يشكل عليك.
«وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ» (٢٥) واحدها زوج، الذكر والأنثى فيه سواء.
«وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ» (٢/ ٣٥).
«لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً» (٢٦) معناها: أن يضرب
(٢) البيت فى ديوانه ٨ وهو من قصيدة يخاطب بها أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ويهجوه، والخبر مع البيت فى السيرة (جوتنجن) ٨٣٠، وبحاشية الروض ٢/ ٢٨١ وهو فى الشعراء ١٧٣ والطبري ١/ ١٥٥ والسمط ٣٥٣ والاقتضاب ٣٠٠ والقرطبي ١/ ١٩٨ واللسان والتاج (ندد)
قالت ألا ليت ما هذا الحمام لنا | إلى حمامتنا ونصفه فقد «١» |
قال: «٢» وسأل يونس رؤبة عن قول الله تعالى «ما بَعُوضَةً»، فرفعها، وبنو تميم يعملون آخر الفعلين والأداتين فى الاسم، وأنشد رؤبة بيت النابغة مرفوعا:
قالت ألا ليت ما هذا الحمام لنا | إلى حمامتنا ونصفه فقد (٤٢) |
«وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ» (٣٠) : الهمزة فيها مجتلبة، لأن واحدها ملك بغير همزة، قال الشاعر فهمز:
ولست لإنسىّ ولكن لملأك | تنزّل من جوّ السماء يصوب (٤٠) |
(٢) «قال» : القائل هو أبو عبيدة.
(٣) فما دونها: قال ابن قتيبة فى أدب الكاتب ٢٣٣ فى كلامه على آية «إِنَّ اللَّهَ...
فَما فَوْقَها» فما دونها، هذا قول أبى عبيدة، وقال الفراء: فما فوقها يعنى الذباب والعنكبوت انتهى. وقول الفراء هذا فى معانى القرآن (٤ آنسخة بغداد لى وهبى).
وتقول وأنت تضرب الغلام على الذنب: ألست الفاعل كذا؟ ليس باستفهام ولكن تقرير.
«نُقَدِّسُ لَكَ» (٣٠) نطهّر، التقديس: التطهير.
و «نُسَبِّحُ» (٣٠) نصلىّ، تقول: قد فرغت من سبحتى، أي من صلاتى.
«وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» (٣١) اسماء الخلق، «ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ» (٣١) أي عرض الخلق.
«سُبْحانَكَ» (٣٢) تنزيه للرب، وتبرؤ، قال الأعشى تبرءا وتكذيبا لفخر علقمة:
أقول لمّا جاءنى فخره... سبحان من علقمة الفاخر «٢»
«وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا» (٣٤) معناه: وقلنا للملائكة، وإذ من «٣»
(٢) : ديوانه ١٠٦، الكتاب ١/ ١٣٥- والجهرة ١/ ٢٢٩ والشبنتمرى ١/ ١٦٣ والراغب والأساس واللسان والتاج (سبح)، والقرطبي ١/ ٢٣٦ والخزانة ٢/ ٤١ وغيرهم. - علقمة: هو علقمة بن علاثة، صحابى، قدم على رسول الله عليه السلام وهو شيخ فأسلم وبايع وروى حديثا واحدا واستعمله عمر بن الخطاب على حوران فمات بها. انظر ترجمته وخبره مع الأعشى فى الأغانى ١٥/ ٥٥ والخزانة ٢/ ٤٢- ٤٤
(٣) «وإذ من... إلخ» : قال القرطبي ١/ ٢٢٤ فى تفسير الآية: وقال معمر ابن المثنى «إذ» زائدة والتقدير: وقال ربك، واستشهد بقول الأسود بن يعفر...
وأنكره الزجاج والنحاس وجميع المفسرين، قال النحاس: هذا خطأ لأن «إذ» اسم وهى ظرف زمان ليس مما يزاد، وقال الزجاج هذا اجتراء من أبى عبيدة، وقال الطبري:
(١/ ١٠٥) زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة: أن تأويل «وإذ قال»، وأن «إذ» من حروف الزوائد، وإن معناها الحذف وأعتل لقوله الذي... إلخ.
فإذا وذلك لا مهاه لذكره | والدهر يعقب صالحا بفساد «١» |
حتى إذا أسلكوهم فى قتائدة | شلّا كما تطرد الجمّالة الشردا «٢» |
والبيت فى ديوانه ملحق ديوان الأعشى ٢٩٨ وفى القصيدة المفضلية ٤٤٥/ ٤٥٧ وهو فى الطبري ١/ ١٥٠ والقرطبي ١/ ٢٢٤ واللسان (مهه)
(٢) عبد مناف: له خبر فى الخزانة ٣/ ١٧٣. - والبيت فى ديوان الهذليين ٢/ ٤٢- والشعراء ٤٠٢ والطبري ١٤/ ٧، ١٨/ ١٢ والجمهرة ٢/ ٩ والاقتضاب ٤٠٣ والقرطبي ١٢/ ١١٩ ومعجم البلدان (قتائدة) واللسان والتاج (قتد) والخزانة ٣/ ١٧٠، ١٨٢.
قال ابن دريد: وأجاز أبو عبيدة «سلكت وأسلكت» واحتج بقول الهذلي...
قال أبو حاتم: قال أبو عبيدة: هذا مكفوف عن خبره لأن هذا البيت آخر القصيدة.
وقال ابن السيد فى معنى البيت: وصف قوما هزموا حتى ألجئوا إلى الدخول فى قتائدة وهى ثنية ضيقة، وقال الأصمعى: كل ثنية قتائدة، الإسلاك الإدخال، والشل: الطرد والجمالة أصحاب الجمال، قال أبو عبيدة: إذ زائدة فلذلك لم يأت لها جواب، وذهب الأصمعى إلى أن الجواب محذوف... إلخ.
«وَقُلْنا يا آدَمُ» (٣٥) هذا شىء تكلمت به العرب، تتكلم بالواحد على لفظ الجميع.
«وَكُلا مِنْها رَغَداً» (٣٥) الرغد: الكثير الذي لا يعنّيك من ماء أو عيش أو كلأ أو مال، يقال: قد أرغد فلان، أي أصاب عيشا واسعا، «١» قال الأعشى:
زبدا بمصر يوم يسقى أهلها... رغدا تفجّره النبيط خلالها «٢»
«فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ» (٣٦) أي استزلهما.
«وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ» (٣٦) إلى غاية ووقت.
«فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ» (٣٧) أي قبلها وأخذها عنه، قال أبو مهدى، «٣» وتلا علينا آية فقال: تلقيتها من عمّى، تلقّاها عن أبى هريرة، تلقّاها عن النبي عليه السلام.
هو من تفسير أبى عبيدة قال: الرغد الكثير الذي... كثيرا. انظر فتح الباري ٨/ ١٢٥.
(٢) : ديوانه ٢٤ من قصيدة يمدح الأعشى بها قيس بن معدى كرب الكندي
(٣) أبو مهدى: هو أحد فصحاء الأعراب. أنظر لسان الميزان ٦/ ٤٤٣.
«وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ» (٤٥) العرب تقتصر على أحد هذين الاسمين، فأكثره: الذي يلى الفعل، قال عمرو بن امرى، القيس من الخزرج:
نحن بما عندنا وأنت بما... عندك راض والرأى مختلف «١»
الخبر للآخر وفى القرآن مما جعل معناه على الأول قوله: «وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها» (٦٢/ ١١)، «الخاشعون» (٤٥) المخبتون المتواضعون.
«الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ» (٤٦) معناها: يوقنون، فالظن على وجهين: يقين، وشك قال دريد بن الصّمّة: «٢»
قائله قيس بن الخطيم... وقال ابن هشام: قائله عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، وكذا قال ابن برى، وقد ورد البيت فى ملحق ديوان قيس ابن الخطيم من رقم ١٤ وفى الطبري ١٠/ ٧٦ والمرزباني ٢٣٣ وابن الشجري ١/ ٣٣ والشنتمرى ١/ ٣٨ والقرطبي ٨/ ١٢٨ والمعاهد ١/ ٩٠. [.....]
(٢) دريد بن الصمة: ابن عبد الله بن الطفيل بن مرة بن هبيرة عامر بن سلمة، شاعر، إسلامى، بدوي مقل من شعراء الدولة الأموية. له ترجمة فى المؤتلف ١٤٤ والأغانى ٥/ ١٢٤. - والبيتان من قصيدة فى الاصمعيات ٢٣ والحماسة ٢/ ٣٠٥- ٣٠٦ والأغانى ٩/ ٤ وجمهرة الأشعار ١١٧، والطبري ١/ ٢٠٠ والقرطبي ١/ ٣٢١ وأسرار العربية ٦٤ واللسان (ظنن)
فقلت لهم ظنّوا بألفى مدجّج | سراتهم فى الفارسىّ المسرّد |
فلما عصونى كنت منهم وقد أرى | غوايتهم واننى غير مهتد |
«يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ» (٤٩) [يولونكم أشدّ العذاب]. «١»
«وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» (٤٩) أي ما ابتليتم من شدة، وفى موضع آخر: البلاء الابتلاء، يقال: الثناء بعد البلاء، أي الاختبار، من يلوته، ويقال: له عندى بلاء عظيم أي نعمة ويد، وهذا من: ابتليته خيرا.
«آلَ فِرْعَوْنَ» (٥٠) قومه وأهل دينه، ومثلها: «أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ» (٤٠/ ٤٦).
«آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ» (٥٣) أي التوراة. «وَالْفُرْقانَ» (٥٣) ما فرّق بين الحق والباطل.
«بارِئِكُمْ» (٥٤) : خالقكم من برأت.
«الْمَنَّ» (٥٧) شىء كان يسقط فى السّحر على شجرهم فيجبتنونه حلوا يأكلونه.
«وَالسَّلْوى» (٥٧) : طائر [بعينه، وهو الذي سمّاه المولّدون سمانى].
«وَقُولُوا حِطَّةٌ» (٥٨) رفع، وهى مصدر من حطّ عنا ذنوبنا تقديره مدّة من مددت، حكاية أي قولوا: هذا الكلام، فلذلك رفع. «١»
«الرجز» (٥٩) : العذاب.
«وَلا تَعْثَوْا» (٦٠) : أي لا تفسدوا، من عثيت تعثى عثوّا، وعثا يعثوا عثوا وهو أشدّ الفساد.
[ «وَفُومِها» ] (٦١) : الفوم: الحنطة، «٢» وقالوا: هو الخبز.
(٢) «الفوم... فومتان» : قال ابن دريد الفوم الحنطة والله أعلم وأزد... فوما وهكذا قال أبو عبيدة فى كتاب المجاز وأنشد، وقال... فومتان، فخفف الهاء غير مشبع، هكذا لغته (الجمهرة ٣/ ١٦٠). وهذا الكلام فى اللسان (فوم) أيضا وفيه: والهاء فى قوله بكفه غير مشبعة، وقال اليزيدي فى غريب القرآن له (٢ آ) :
الفوم الزرع أو الحنطة والسنبل هكذا قال أبو عبيدة، وأنشد وقال: البيت.
اثنى عشر فرسخا فى ثمانية فراسخ يتيهون متحيرين لا يجاوزون ذلك إلّا أن الله ظلّل عليهم بالغمام، وآتاهم رزقهم هذا المنّ والسّلوى، وفجّر لهم الماء من هذه الحجارة، وكان مع كل سبط حجر غير عظيم يحملونه على حمار، فاذا نزلوا وضعوا الحجر فبجس الله لهم منه الماء. وبعض حدود التيه بلاد أرض بيت المقدس إلى قنّسرين. «١»
«الذِّلَّةُ» (٦١) : الصّغار «وَالْمَسْكَنَةُ» (٦١) : مصدر المسكين، يقال:
ما فى بنى فلان أسكن من فلان أي أفقر منه.
«باؤُ بِغَضَبٍ» (٦١) : أي احتملوه.
«الَّذِينَ هادُوا» (٦٢) أي الذين تابوا ممن تهوّد (؟) أي هدنا إلى ربنا.
[ويقال صبأت ثنية إذا طلعتها]
«الطُّورَ» (٦٣) جبل، كان رفع عليهم حيث قيل لهم: «قُولُوا حِطَّةٌ» (٥٨).
«خاسِئِينَ» (٦٥) : مبعدين، «١» يقال: خسأته عنى وخسأت الكلب، باعدته وخسأ الرجل، إذا تباعد.
«إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ» (٦٨) : لا فارض: مسنّة، ولا بكر: صغيرة.
«بَيْنَ ذلِكَ» (٦٨) : والعرب تقول: لا كذا ولا كذا ولكن بين ذلك فمجاز هذه الآية: بين هذا الوصف، ولذلك قال: بين ذلك، وقال رؤبة:
فيها خطوط من سواد وبلق «٢»
فالخطوط مؤنثة والسواد والبلق اثنان، ثم قال:
كأنه فى الجلد توليع البهق
(٢) ديوانه ١٠٤- مجالس ثعلب ٤٤٣ والسمط ١٧٤ والقرطبي ١٣/ ٣١٢ واللسان (بهق) وشواهد الكشاف ٣٢٣
يحسبن شاما أو رقاعا من بنق «١»
جماعة شأمة.
«بَقَرَةٌ صَفْراءُ» (٦٩) إن شئت صفراء، وإن شئت سوداء، «٢» كقوله:
«جِمالَتٌ صُفْرٌ» (٧٧/ ٣٣) أي سود.
«فاقِعٌ لَوْنُها» (٦٩) أي ناصع.
«إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها» (٧١) أي لون سوى لون جميع جلدها.
«قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ» (٧٣) أي الآن تبيّنا ذلك، ولم تزل جائيا بالحق.
(٢) «صفراء... سوداء» : كذا فى غريب القرآن لأبى بكر السجستاني ١٠٩- ١١٠ والبخاري، أنظر فتح الباري ٨/ ١٢٣. «صفراء» من الأضداد. انظر الأضداد لأبى حاتم السجستاني ١٠٢. فاقع: ناصع: مثله فى غريب القرآن لأبى بكر السجستاني ١٠٩.
«فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها»
(٧٣) : أي اضربوا القتيل ببعضها، ببعض البقرة.
«وَيُرِيكُمْ آياتِهِ»
(٧٣) : أي عجائبه، ويقال: فلان آية من الآيات، أي عجب من العجب، ويقال: اجعل بينى وبينك آية أي علامة، وآيات:
بينات، أي علامات وحجج، والآية من القرآن: كلام متصل إلى انقطاعه.
«قَسَتْ قُلُوبُكُمْ» (٧٤) أي جفت، والقاسي: الجافي اليابس.
«أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ» (٧٦) : أي بما منّ الله عليكم، وأعطاكم دونهم.
«أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً» (٨٠) : أي وعدا، والميثاق: العهد يوثق له.
[ «لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ» ] (٨٤) : سفك دمه: أي صبّ دمه كما يسفح نحي السمن يهريقه.
«وَقَفَّيْنا» (٨٧) : أي أردفنا، من يقفوه.
«وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» (٨٧) أي شدّدناه وقوّيناه، ورجل ذو أيد وذو آد: أي قوة، والله تبارك وتعالى ذو الأيد، قال العجاج:
«وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ» (٥١/ ٤٧) أي: بقوة.
«قُلُوبُنا غُلْفٌ» (٨٨) :«٢» كل شىء فى غلاف، ويقال: سيف أغلف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف: إذا لم يختتن.
[ «قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ» (٤١/ ٥) : أي فى أغطية واحدها كنان، قال عمر بن أبى ربيعة:
تحت عين كنانها... ظلّ برد مرحّل] «٣»
«لَعَنَهُمُ اللَّهُ» (٨٨) : أي أطردهم وأبعدهم، قالوا: ذئب لعين، أي مطرود مبعد، وقال الشّماخ:
ذعرت به القطا ونفيت عنه... مقام الذئب كالرجل اللّعين «٤»
يريد: مقام الذئب اللعين كالرجل.
(٢) «غلف... إلخ» : فأما الذين قرؤوها بسكون اللام وتخفيفها فإنهم أولوها:
أنهم قالوا قلوبنا فى أكنة وأغطية، «والغلف» على قراءة هؤلاء: جمع أغلف وهو الذي فى غلاف وغطاء، كما يقال للرجل الذي لم يختتن: أغلف والمرأة غلفاء وكما يقال للسيف إذا كان فى غلافه: سيف أغلف، وقوس غلفاء (الطبري ١/ ٣٦)
(٣) : لم أجده فى ديوان عمر بن أبى ربيعة وهو فى اللسان (كنن) من كلمة له.
(٤) فى ديوانه ٩٢ والطبري ١/ ٣٠٨ والجمهرة ٢/ ١٣٩ والقرطبي ٢/ ٢٥ واللسان والتاج (لعن) والخزانة ٢/ ٢٢٣ وشواهد الكشاف ٣٢٢.
«وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ» (٩١) : أي بما بعده.
«وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ» (٩٣) : سقوه حتى غلب عليهم مجازه مجاز المختصر أشربوا فى قلوبهم العجل: حبّ العجل، وفى القرآن: «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ» (١٢/ ٨٢)، مجازها: أهل القرية، وقال النابغة الذبياني:
كأنك من جمال بنى أقيش | يقعقع خلف رجليه بشنّ «٢» |
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها | بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب «٤» |
قال ابن حجر: هو تفسير أبى عبيدة، وروى مثله الطبري من طريق العوفى عن ابن عباس ومن طريق الضحاك عن ابن عباس قال: أي يستظهرون (٨/ ١٢٤). [.....]
(٢) فى ديوانه من الستة ٣٠، وفى الكتاب ١/ ٣٢٧- والكامل ٢١٩، والطبري ٥/ ٧٠، والشنتمرى ١/ ٣٧٥، واللسان والناج (قعقع) والعيني ٤/ ٦٨، والخزانة، ٢/ ٣١٢.
(٣) «أقيش... الجن» : كذا نقله البغدادي عن ابن الكلبي، وقال المبرد: أقيش حى من عكل، أقيش بن عبيد بن كعب بن عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أد بن طابخة.
(٤) فى الكتاب ١/ ٢٢١، والكامل ٢١٧، والشنتمرى ١/ ٢٥٩، ٢/ ٦٥ واللسان (قرن).
(٥) أبو أسلم: ولم أقف على ترجمته.
«بِمُزَحْزِحِهِ» (٩٦) بمبعده.
«مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ» (٩٧) أي لما كان قبله.
«نَبَذَ فَرِيقٌ» (١٠١) أي بعض نبذه: تركه، وقال أبو الأسود الدّؤلىّ، قال أبو عبيدة: أخذ من الدألان، واختار الدّؤلى:
نظرت إلى عنوانه فنبذته... كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا «١»
«فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ» (١٠٢) : من نصيب خير.
«وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ» (١٠٢) أي تتبّع (؟)، وتتلو: تحكى وتكلم به كما تقول: يتلو كتاب الله أي يقرؤه.
«وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ» (١٠٢) أي: باعوا به أنفسهم، وقال ابن مفرّغ الحميرىّ:
وشريت بردا ليتنى... من بعد برد كنت هامه «٢»
أي بعته.
(٢) ابن مفرغ: هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ، شاعر إسلامى، ولقب جده مفرغا لأنه راهن على سقاء لبن أن يشربه فشربه حتى فرغ فلقب مفرغا، ويكنى أبا عثمان وهو من حمير، أنظر أخباره فى الأغانى ١٧/ ٥١- ٧٢. - والبيت فى الأضداد لابن السكيت ١٨٥، والكامل ٢١١، والأمالى الصغرى للزجاجى ٣٠، والأغانى ١٧/ ٥٥، واللسان، والتاج (شرى) والخزانة ٢/ ٢١٢، وشواهد الكشاف ٢٧٢، ٣٢٥.
«راعِنا» (١٠٤) : من راعيت إذا لم تنوّن، ومن نوّن جعلها كلمة نهوا عنها راعيت: حافظت وتعاهدت.
«أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ» (١٠٥)، قال أبو ذؤيب:
جزيتك ضعف الحب لما استثبته | وما إن جزاك الضّعف من أحد قبلى «١» |
«ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ» (١٠٦) أي: ننسخها بآية أخرى، / «أَوْ نُنْسِها» «٢» من النّسيان: [نذهب بها]، ومن همزها جعلها من نؤخرها [من التأخير، ومن قال: ننسوها كان مجازها تمضيها، وقال جرير:
ولا أنسأتكم غضبى «٣» ونسأت الناقة: سقتها، وقال طرفة:
(٢) «أو ننسها» : قرأ أبو عمرو بالهمزة مع فتح النون والسين والباقون بغير همز مع ضم النون وكسر السين (الداني ٧٦).
(٣) تكملة البيت:
لولا عظام طريف ما غفرت لكم | يومى بأود ولا أنسأتكم غضبى |
يعنى أنه يسوقها ويمضيها].
«نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها» (١٠٦) أي نأتيك منها بخير.
«سَواءَ السَّبِيلِ» (١٠٨) أي وسطه، قال عيسى بن عمر: «٢» ما زلت أكتب حتى انقطع سوائى: أي وسطى، «٣» وقال حسّان بن ثابت يرثى عثمان بن عفّان:
يا ويح أنصار النبي ونسله... بعد المغيّب فى سواء الملحد «٤»
«فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا» (١٠٩) عن المشركين، وهذا قبل أن يؤمر بالهجرة والقتال فكل أمر نهى عنه عن مجاهدة الكفار فهو قبل أن يؤمر بالقتال، «٥» وهو مكى.
(٢) عيسى بن عمر: الثقفي، وكنيته أبو سليمان، ويقال «أبو عمر» وكان ثقة عالما بالعربية والنحو والقراءة ومات سنة ١٤٩ فى خلافة المنصور. أنظر ترجمته فى نزهة الألباء ٢٥- ٣١ والإرشاد ١٦/ ١٤٦- ١٥٠ والبغية ٢٧٠.
(٣) «قال... وسطى» : هذا الكلام فى الطبري ٣٦٧ وقال القرطبي: (٢/ ٧٠) قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ومنه قوله: «فِي سَواءِ الْجَحِيمِ» وحكى عيسى... إلخ.
(٤) ديوانه ٩٨- والكامل ٧٠٨ والطبري ١/ ٣٦٨ والقرطبي ٢/ ٧٠ واللسان (سوى).
(٥) «كل... بالقتال» التي وردت فى الفروق: رواها القرطبي (٢/ ٧٢) عن أبى عبيدة. [.....]
«بُرْهانَكُمْ» (١١١) بيانكم وحجتكم.
«بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ» (١١٢) ذهب إلى لفظ الواحد، والمعنى يقع على الجميع.
«وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (١١٢) (؟)
«يَتْلُونَ الْكِتابَ» (١١٣) : يقرؤنه.
«وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ» (١١٥) : ما بين قطرى المغرب وما بين قطرى المشرق، والمشارق والمغارب فيهما: فهو مشرق كلّ يوم تطلع فيه الشمس من مكان لا تعود فيه إلى قابل، «١» والمشرقين والمغربين: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، وكذلك مغربهما، «٢» [القطر والقتر والحدّ والتّخوم واحد].
«إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ» (١١٥) أي جوا يسع لما يسأل.
«قانِتُونَ» (١١٦) «٣» كل مقرّ بأنه عبد له قانتات: مطيعات.
(٢) «وما بين... مغربهما» : هذا الكلام فى الطبري ١/ ٣٧٨ باختلاف يسير.
(٣) قانتون: قال أبو بكر السجستاني فى غريب القرآن (١٤٠) : أي مطيعون، وقيل مقرون بالعبودية... إلخ.
«وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» (١١٧) أي أحكم أمرا، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما | داود أو صنع السّوابغ تبّع «١» |
«لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ» (١١٨) : هلّا يكلمنا الله، وقال الأشهب ابن رميلة:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم | بنى ضوطرى لولا الكمي المقنّعا «٢» |
(٢) الأشهب بن رميلة: يكنى أبا ثور، شاعر مخضرم أخباره فى الأغانى ٨/ ١٥٣، وانظر ابن عساكر ٣/ ٨٠ والعيني ١/ ٤٨٢، والخزانة ٢/ ٥٠٩. -
والبيت: لجرير من قصيدة يهجو بها الفرزدق وهو فى ديوانه ٣٣٨ وقد نسبه أبو عبيدة فى النقائض (٨٣٣) له، أسند هنا للأشهب وتبعه كثير من الناس، كالطبرى ١/ ٣٨٦، ٧/ ١١٠ والقرطبي ٢/ ٩١، ونسبه صاحب اللسان والتاج للفرزدق (ضطر)، وانظر الكامل ١٦٣ وشواهد المغني ٢٢٩ والخزانة ١/ ٤٦١، ٤/ ٤٩٤.
أي ضخمة كثيرة الشحم ومثله ضيطار].
«حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ» (١٢٠) أي دينهم، والملل: الأديان.
«يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ» (١٢١) أي يحلّون حلاله، ويحرّمون حرامه.
«وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ» (١٢١) وقع على الجميع.
«لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً» (١٢٣) أي لا تغنى. «١»
«وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ» (١٢٣) : أي مثل، [يقال: هذا عدل هذا والعدل الفريضة، والصّرف النافلة وقال أبو عبيدة: العدل «٢» المثل والصّرف المثل، والعدل الفداء، قال الله تبارك وتعالى: «وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ» (٦/ ٧٠) ].
(٨/ ١٢٤) هو قول أبى عبيدة فى قوله تعالى «تَجْزِي نَفْسٌ | شَيْئاً» أي لا تغنى. |
«مَثابَةً» (١٢٥) مصدر «يثوبون إليه» أي يصيرون إليه. «١»
[ «وَالْعاكِفِينَ» ] (١٢٥) : العاكف أي المقيم.
والركّع السّجود (١٢٥) : الذين يركعون ويسجدون [والراكع العاثر من الدواب قال الشاعر:
على قرواء تركع فى الظّراب «٢»
الظراب: الجبال الصغار قال لبيد:
أخبر أخبار القرون التي مضت | أدبّ كأنّى كلما قمت راكع] «٣» |
ومراده بالمصدر اسم المصدر، وقال غيره: هو اسم مكان.
(٢) هو عجز بيت لبشر بن أبى حازم الأسدى، حسبما فى الجمهرة (٢/ ٣٨٥) وصدره:
وأفلت حاجب فوت العوالي وورد فى الأساس واللسان والتاج (ركع) بغير عزو. قال ابن دريد: قوله تركع أي تكبو على وجهها، والظراب جمع ظرب وهو ارتفاع من الأرض لا يبلغ أن يكون جبلا.
(٣) : ديوانه ١/ ٣٦- والمعمرين ٦١، والشعراء ١٥٢، والأغانى ١٤/ ٩٦، ١٣٤ واللسان والتاج (ركع).
(٤) «قواعد... أساسه» : رواه ابن حجر (٨/ ١٢٩) عن أبى عبيدة.
فى ذروة من يفاع أوّلهم... زانت عواليها قواعدها ٦٦
وقال أيضا:
وعادية من بناء الملوك... تمتّ قواعد منها وسورا] ٦٧
واحدها قاعدة.
«يَرْفَعُ» (١٢٧) أي يبنى.
«وَأَرِنا مَناسِكَنا» (١٢٨) أي علّمنا، قال حطائط بن يعفر:
أرينى جوادا مات هزلا لأننى... أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا «١»
[لأننى بفتح اللام]، أراد: دلّينى ولم يرد رؤية العين، ومعنى «لأننى» لعلنى.
«سَفِهَ نَفْسَهُ» (١٣٠) أي أهلك نفسه وأوبقها، «١» تقول: سفهت نفسك.
«اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ» (١٣٢) أي أخلص لكم الدين، من الصفوة.
«أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ» (١٣٣) «أم» تجىء بعد كلام قد انقطع، وليست فى موضع هل، ولا ألف الاستفهام، قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط | غلس الظّلام من الرّباب خيالا «٢» |
(٢) : من قصيدة يهجو بها جريرا فى ديوانه ٤١، وهو فى الكامل ٣٨٠، والطبري ١/ ٢٦١، والنهاية واللسان (كذب)، وشواهد المغني ٥٢، والخزانة ٢/ ٤١١، ٤/ ٤٥٢. - قال فى الخزانة: ونقل ابن هشام فى المغني عن أبى عبيدة أنه زعم: أن «أم» بمعنى الاستفهام المجرد من الإضراب، فقال فى قول الأخطل...
أن المعنى هل رأيت. [.....]
«قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ» (١٣٤) والعرب تجعل العم والخال أبا.
[قال أبو عبيدة: لم أسمع من حمّاد «١» هذا، قال حماد بن زيد عن أيوب، «٢» عن عكرمة: إنّ النبي صلّى الله عليه قال يوم الفتح، حيث بعث العباس إلى أهل مكة:
ردّوا علىّ أبى فإنّى أخاف أن يفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة ابن مسعود، «٣» ثم قال: لئن فعلوا، لأضرمنّها عليهم نارا، وكان النبي صلى الله عليه بعث عروة إلى ثقيف، يدعوهم إلى الله، فرقى فوق بيت، ثم ناداهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم، فقتله]. «٤»
«بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ» (١٣٥) : انتصب، لأن فيه ضمير فعل، كأن مجازه بل اتبعوا ملة إبراهيم، أو: عليكم ملة إبراهيم.
(٢) أيوب: هو ابن أبى تيمية كيسان السختياني، وترجمته فى تهذيب التهذيب ١/ ٣٩٧- ٣٩٩.
(٣) عروة بن مسعود: ابن معقب بن مالك الثقفي، وهو عم والد المغيرة بن شعبة وأمه سبية بنت عبد شمس بن عبد مناف أخت آمنة. كان أحد الأكابر من قومه (الإصابة ٤/ ١١٣٧).
(٤) «يوم الفتح... فقتله» : هذا الخبر فى الكامل ٢٩١ وفى ترجمة عروة ابن مسعود فى الإصابة. وانظر قصة مقتل عروة فى السيرة (جوتنجن) ٩١٤.
[قال ذو الرمة:
إذا خالف الظّل العشىّ رأيته | حنيفا ومن قرن الضّحى يتنصّر «٢» |
«فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ» (١٣٧)، مصدر شاققته وهو المشاقّة أيضا، [وشاقّه: باينه، قال النابغة الجعدىّ:
وكان إليها كالذى اصطاد بكرها | شقاقا وبغضا او أطمّ وأهجرا] «٣» |
(٢) ديوانه ٢٢٩- والاضداد للانبارى ١٣١ والاقتضاب ٣٩٣ والقرطبي ٢/ ١٤٠ واللسان (حول)
. (٣) البيت فى كتاب المعاني الكبير ٧٠٠ والاقتضاب ١٤١، وهو فى وصف بقرة أكل السبع ولدها فلما يئست منه عرض لها ثور فرد ليس معه أزواج فأرادها ففرت عنه لما كانت فيه من الحزن على ولدها وكان عندها فى كراهتها إياه كالذى اصطاد ولدها وكانت له أشد بغضا، عن الاقتضاب.
«صِبْغَةَ اللَّهِ» (١٣٨) أي دين الله، وخلقته التي خلقه عليها، وهى فطرته، من فاطر أي خالق.
«أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ» (١٤٠) أم فى موضع ألف الاستفهام، ومجازها: أتقولون.
«أُمَّةً وَسَطاً» (١٤٣) أي عدلا خيارا، ومنه قولهم: فلان واسط فى عشيرته، أي فى خيار عشيرته.
[وقال غيلان:
وقد وسطت مالكا وحنظلا «١» أي صرت من أوسطهم وخيارهم]. وواسط: فى موضع وسط، كما قالوا:
ناقة يبس ويابسة الخلف.
«رؤف» (١٤٣) : فعول من الرأفة، وهى أشدّ الرحمة.
[قال الكميت:
وهم الأرأفون بالناس فى الرأ | فة والأحلمون فى الأحلام] «٢» |
لم أقف على خبر لغيلان. - والشطر فى الكتاب ١/ ٢٩٩ والشنتمرى ١/ ٣٤٢ والصحاح مع آخر بعده:
صيّابها والعدد المجلجلا فى اللسان والتاج (وسط).
(٢) الهاشميات ١٣
إنّ العسير بها داء مخامرها... فشطرها نظر العينين محسور «١»
[العسير: الناقة التي لم تركب]، شطرها: نحوها، وقال ابن أحمر:
تعدو بنا شطر جمع وهى عاقدة... قد كارب العقد من إيقادها الحقبا «٢»
إيقادها: سرعتها.
«بِكُلِّ آيَةٍ» (١٤٥) أي علامة، وحجة.
َ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها»
(١٤٨) أي موجّهها.
«لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ» (١٥٠) موضع «إلّا» هاهنا ليس بموضع استثناء، إنما هو موضع واو الموالاة، ومجازها: لئلا يكون للناس عليكم حجة، وللذين ظلموا، وقال الأعشى:
(٢) ابن أحمر: هو عمرو بن أحمر بن عامر... الباهلي شاعر إسلامى يكنى أبا الخطاب، وفى نسبه اختلاف. انظر الشعراء ٢٠٧، والجمحي ١٢٩، والمؤتلف ٣٧ والإصابة رقم ٦٤٦٦ والخزانة ٣/ ٣٨. - والبيت فى الطبري ٢/ ١٣ والخزانة ٣/ ٣٨.
إلّا كخارجة المكلّف نفسه | وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا «١» |
من كان أسرع فى تفرّق فالج | فلبونه جربت معا وأغدّت «٢» |
إلّا كناشرة الذي ضيّعتم | كالغصن فى غلوائه المتنبّت |
«أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ» ١٥٧ يقول: ترحّم من ربهم، قال الأعشى:
(٢) عنز بن دجاجة المازني: ورد اسم هذا الشاعر فى الأصول كلها دجاجة بن عنز. قال سيبويه (١/ ٣٢١) : وهو قول بعض بنى مازن يقال له عنز بن دجاجة، وأضاف إليه الأعلم الشنتمرى (١/ ٣٦٨) «المازني». - والبيتان فى الكتاب والشنتمرى وفى اللسان والتاج (نبت).
وفالج: هو فالج بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، سعى به بعض بنى مازن وأساء إليه حتى رحل عنهم، ولحق ببني ذكوان... فنسب إليهم، وكان بنو مازن قد ضيقوا على رجل منهم يسمى ناشرة، حتى انتقل عنهم إلى بنى أسد فدعا هذا الشاعر المازني على بنى مازن حيث اضطروا فالجا إلى الخروج عنهم، واستثنى ناشرة منهم، لأنه لم يرض فعلهم، ولأنه قد امتحن محنة فالج بهم... إلخ، عن الشنتمرى.
تقول بنتي إذا قرّبت مرتحلا | يا ربّ جنّب أبى الأوصاب والوجعا «١» |
عليك مثل الذي صلّيت فاغتمضى | نوما فإن لجنب المرء مضطجعا |
«شَعائِرِ اللَّهِ» (١٥٨) : واحدتها شعيرة، وهى فى هذا الموضع: ما أشعر لموقف أو مشعر أو منحر أي أعلم لذاك. وفى موضع آخر: الهدى، إذا أشعرها، وهو أن يقلّدها، أو يحلّلها فأعلم أنها هدى، والأصل: أن يشعرها بحديدة فى سنامها من جانبها الأيمن: يطعنها حتى يخرج الدم.
«وَالْفُلْكِ» (١٦٤) : تقع على الواحد، وعلى الجميع، وهى السفينة والسّفن، والعرب تفعل ذلك قالوا: هى الطّرفاء، وهذه الطّرفاء. «٢»
«وَبَثَّ فِيها» (١٦٤) أي فرّق وبسط، «وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ» (٨٨/ ١٦) أي متفرقة مبسوطة.
«وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» (١٦٥) أي يعلم، وليس برؤية عين.
(٢) الطرفاء جماعة الطرفة: شجر، وقال سيبويه: الطرفاء: واحد وجميع، والطرفاء اسم للجمع (اللسان).
[ «حَسَراتٍ» ] (١٦٧) : الحسرة أشدّ الندامة.
«خُطُواتِ الشَّيْطانِ» (١٦٨) هى الخطى، واحدتها: خطوة، ومعناها: اثر الشيطان.
«أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا» (١٦٨) : أي وجدنا. «أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً» (١٧٠)، الألف ليست ألف [الاستفهام] أو الشك، إنما خرجت مخرج الاستفهام تقريرا بغير الاستفهام. «أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً» أي: وإن كان آباؤهم.
«وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ» (١٧٠)، إنما الذي ينعق الراعي، ووقع المعنى على المنعوق به وهى الغنم تقول:
كالغنم التي لا تسمع التي ينعق بها راعيها والعرب تريد الشيء فتحوّله إلى شىء من سببه، يقولون: أعرض الحوض على الناقة وإنما تعرض الناقة على الحوض، ويقولون: هذا القميص لا يقطعنى، ويقولون: أدخلت القلنسوة
انعق بضأنك يا جرير فإنما | منّتك نفسك فى الخلاء ضلالا «٢» |
ما ذكر عليه من أسماء آلهتهم، ولم يرد به الله عز وجل. جاء فى الحديث:
أرايت من لا شرب ولا أكل ولا صاح فاستهلّ أليس مثل ذلك يطلّ. «٣»
«غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ» (١٧٣) أي لا يبغى فيأكله غير مضطر إليه، ولا عاد شبعه.
«فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ» (١٧٥) «ما» فى هذا الموضع فى معنى الذي، فمجازها: ما الذي صبرهم على النار، ودعاهم إليها، وليس بتعجب.
(٢) ديوانه ص ٥٠- وفى الجمهرة ٣/ ٢٣٣ واللسان والتاج (نعق) والقرطبي ٢/ ٢١٥ وشواهد الكشاف ٢١٧.
(٣) «أرأيت... يطل» : أخرجه البخاري ومسلم والنسائي فى القسامة، وهو فى السنن الكبرى للبيهقى ٨/ ١١٣ وفى النهاية (هلل، طلل) واللسان والتاج (هلل).
مجاز صفة ل «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ»، وفى الكلام: ولكن البارّ من آمن بالله، قال النابغة:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتى | على وعلى فى ذى القفارة عاقل «٢» |
لا يبعدن قومى الذين هم | سمّ العداة وآفة الجزر «٣» |
(٢) ديوانه من الستة ٢٢- وأمالى المرتضى ١/ ١٥٥، والإنصاف لابن الأنبارى ١٦٤، والسمط ٤٦٥، ومعجم البلدان ٤/ ٥٦١ فى مادة «مطارة».
(٣) خرنق: بنت بدر بن هفان بن تميم بن قيس بن ثعلبة بن عكابة، كانت شاعرة جاهلية. أنظر ترجمتها فى مقدمة ديوانها ص ٣، ٨، والسمط ٧٨٠، والعيني ٣/ ٦٠٣، والخزانة ٢/ ٣٠٧. - والبيتان: قد اختلفوا فى قائلهما قديما، فهما فى ديوان خرنق ص ١٠ ونسبهما أبو عبيدة إليها (حسبما ذكر فى الخزانة ٢/ ١٠٧) وأبو زيد فى النوادر ١٠٨ إلى حاتم، وهما فى الكتاب ١/ ٨٤، ٢١٠، ٢١٣، وتهذيب الألفاظ ٥٥٨، والكامل ٤٥٢، ومنتخب كنايات الجرجاني ١١، وأمالى المرتضى ١/ ١٤٦ والسمط ٥٤٨، والشنتمرى ١/ ١٠٤، ٢٤٦، ٢٤٩، والقرطبي ٦/ ١٤، والعيني ٣/ ٦٠٢.
فيخرجون البيت الثاني من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله فى موضع الرفع.
«فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ» (١٧٨) أي ترك له.
«مِنْ مُوصٍ جَنَفاً» (١٨٢) أي جورا عن الحق، وعدولا، قال عامر الخصفيّ:
هم المولى وقد جنفوا علينا... وإنّا من لقائهم لزور «١»
جنفوا: أي جاروا، والمولى هاهنا فى موضع الموالي، أي بنى العم، كقوله:
«يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» (٢٢/ ٥). «٢»
«كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» (١٨٣) أي فرض عليكم.
(٢) «والمولى... طفلا» : روى القرطبي (٢/ ٢٧٠) هذا الكلام عنه، وهو فى اللسان (جنف).
وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى | فلم يستجبه عند ذاك مجيب «١» |
«لَيْلَةَ الصِّيامِ» (١٨٧) : مجازها ليل الصيام، والعرب تضع الواحد فى موضع الجميع، قال عامر الخصفيّ:
هم المولى وقد جنفوا علينا | وإنّا من لقائهم لزور (٨٢) |
«هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ» (١٨٧) : يقال لامرأة الرجل: هى فراشه، ولباسه وإزاره، ومحل إزاره، «٢» قال الجعدي:
تثنّت عليه فكانت لباسا «٣»
(٢) «يقال... إزاره» : هذا الكلام فى الغريين (لبس).
(٣) : الجعدي: هو النابغة قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة، صحب النبي عليه الصلاة والسلام وروى عنه ومدحه، وله ترجمة فى المعمرين لأبى حاتم رقم ٦٥، وفى الشعراء ١٥٨، والجمحي ٢٦، والأغانى ٤/ ١٢٨، والسمط ٢٤٨.
- والمصراع عجز بيت صدره:
إذا ما الضجيع ثنى جيدها وهو فى الشعراء ١٦٤، والطبري ٢/ ٩١، والقرطين ١/ ٦٨، والقرطبي ٢/ ٣١٧ واللسان والتاج (لبس) وشواهد الكشاف ١٥٢.
هو الصبح المصدّق، والخيط الأسود هو الليل، والخيط هو اللون.
[ «فريقا» ] (١٨٨) : الفريق هى الطائفة.
«وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» (١٨٩) : البرّ هنا: فى موضع البار، ومجازها: اى اطلبوا البرّ من أهله ووجهه ولا تطلبوه عند الجهلة المشركين. «١»
«وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» (١٩) أي الكفر أشدّ من القتل فى أشهر الحرم، يقال: رجل مفتون فى دينه أي كافر.
«التَّهْلُكَةِ» (١٩٥) والهلاك، والهلك، والهلك واحد.
«وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ» (١٩٦) : والمعنى: أن العمرة ليست بمفترضة، وإنما نصبت على ما قبلها قال أبو عبيدة: وأخبرنا ابن عون»
عن الشّعبى أنه كان
(٢) ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطان المزني، مولاهم أبو عون الخراز البصري، رأى أنس بن مالك، وروى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس... وعن الشعبي، مولده سنة ٦٦ وموته سنة ١٥١ انظر تهذيب التهذيب ٥/ ٣٤٦. وأما الشعبي فهو عامر بن شراحيل بن عبد الله، وقيل عامر بن عبد الله بن شراحيل الشعبي الحميرى أبو عمرو مات سنة ١٠٩، وقيل غير ذلك، انظر تهذيب التهذيب ٥/ ٦٥. [.....]
ومن نصبها أيضا جعلها غير مفترضة.
«فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ» (١٩٦) أي إن قام [بكم] بعير، أو مرضتم، أو ذهبت نفقتكم، أو فاتكم الحجّ، فهذا [كله] محصر، والمحصور: الذي جعل فى بيت، أو دار، أو سجن.
[ «الهدى» ] (١٩٦) قال يونس: «٢» كان أبو عمرو يقول فى واحد «الهدى» :
هدية، تقديرها جدية السرج، والجميع الجدى، مخفف. قال أبو عمرو: ولا أعلم حرفا يشبهه. «٣»
(٢) يونس: هو يونس بن حبيب الضبي، كان من أصحاب ابى عمرو بن العلاء، سمع من العرب، وروى عن سيبويه فأكثر، وله قياس فى النحو ومذاهب ينفرد بها سمع منه الكسائي، والفراء، مولده سنة ٩٠ ومات سنة ١٨٢ انظر الفهرست ٤٢ ونزهة الألباء ١٥٤، والبغية ٤٢٦، وأبو عمرو: هو زبان بن عمار بن العلاء كما مر.
(٣) «هدية... يشبهه» : روى الطبري (٢/ ١٢٣) هذا الكلام عن أبى عبيدة.
«فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ» (١٩٦)، العرب تؤكد الشيء وقد فرغ منه فتعيده بلفظ غيره تفهيما وتوكيدا.
«فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ» (١٩٧) من أو ذم فى الحج: أي فرضه عليه أي ألزمه نفسه.
«فَلا رَفَثَ» (١٩٧) أي لا لغا «١» من الكلام، قال العجاج:
عن اللّغا ورفث التكلّم (٨٥)
«وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» (١٩٧) أي لا شك فيه أنه لازم فى ذى الحجة، هذا فيمن قال: «جِدالَ» ومن قال: «لا جِدالَ فِي الْحَجِّ» :
من المجادلة. «٢»
وقال أبو على الفارسي (الحجة ٢/ ٦٢ م) : وقال أبو عبيدة فيما روى عنه التوزى...
الكلام، وأنشد الشطر. - ٨٥: فى ديوانه ٥٩- والمقصور والممدود لابن ولاد ١١١، الطبري ٢/ ٢٣٣، والاقتضاب ٤٦١، واللسان والتاج (رفث) وشواهد الكشاف ٢٩٨.
(٢) «لا جدال... المجادلة» : روى أبو على الفارسي هذا الكلام عنه (فى الحجة ٢/ ٦٢ م). «جدال» : قال الطبري (٢/ ١٥٦) : وفتح الجدال بغير تنوين وذلك هو قراءة جماعة البصريين وكثير من أهل مكة منهم عبد الله بن كثير، وأبو عمرو بن العلاء.
[معدودات] (٢٠٣) : المعدودات: أيام التشريق المعلومات: عشر ذى الحجة.
«أَلَدُّ الْخِصامِ» (٢٠٤) : شديد الخصومة، ويقال للفاجر: أبلّ وألدّ، ويقال:
قد بللت ولددت بعدي مصدره اللدد، والجميع: قوم لدّ، قال المسيّب بن علس:
ألا تتّقون الله يا آل عامر | وهل يتّقى الله الإبل المصمّم «١» |
«يَشْرِي نَفْسَهُ» (٢٠٧) : يبيعها.
«السِّلْمِ» (٢٠٨) : الإسلام، والسّلم يؤنث ويذكر، قال حاجز الأزدىّ:
وإنّ السّلم زائدة نواه «٢»
(٢) حاجز الأزدى: هو حاجز بن عوف بن الحارث بن الاخثم بن الأزد، وهو شاعر جاهلى مقل ليس من مشهورى الشعراء، وهو أحد الصعاليك المغيرين على قبائل العرب، أخباره فى الأغانى ١٢/ ٤٧. - والبيت كما يروى فى: مختل من حيث وزنه ومعناه غير واضح، ولم أجده فى مظانه ولا فيما ألف فى المذكر والمؤنث، وفى الأغانى (١٢/ ٥٢) فى أخبار الحرث بن الطفيل، بيت يشبهه هو:
فان السلم زائدة نواها | وإن نوى المحارب لا تروب |
علىّ أليّة عتقت قديما | فليس لها وإن طلبت مرام |
«فَإِنْ فاؤُ» (٢٢٦) أي رجعوا عن اليمين.
(٢) «لَأَعْنَتَكُمْ لأهلكم» : رواه النحاس عن أبى عبيدة فى معانى القرآن ١٦ ب.
(٣) ديوانه ٣٤ والسمط ٩٠ واللسان (الو).
وفى كل عام أنت جاشم غزوة | تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا «٣» |
مؤرّثة مالا وفى الأصل رفعة | لما ضاع فيها من قروء نسائكا |
«وَبُعُولَتُهُنَّ» (٢٢٨) : الأزواج، واحدها بعل.
«دَرَجَةٌ» (٢٢٨) : منزلة.
«إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ» (٢٢٩) معناها: إلّا أن يوقنا.
«فَإِنْ خِفْتُمْ» (٢٢٩) هاهنا: فإن أيقنتم.
«إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ» (٢٣٠) أي أيقنا.
(٢) «قُرُوءٍ» : روى الأصمعى وأبو حاتم السجستاني وابن السكيت تفسير أبى عبيدة لهذه الكلمة فى كتبهم التي ألفوها فى الأضداد (ص ٤، ٩٩، ١٦٣) باختلاف يسير، ولا أدرى أنقلوها من مجاز القرآن أم من مؤلف له فى الأضداد. [.....]
(٣) : ديوانه ص ٦٧- والكامل ١٦٣، والقرطين ١/ ٧٧، والطبري ٢/ ٢٥٢، والقرطبي ٣/ ١١٣.
(٤) «وأظنه... غابت» : رواه الأصمعى عن أبى عبيدة فى الأضداد ص ٥ وهو فى اللسان (قرأ).
«لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها» (٢٢٣) رفع، خبر، ومن قال: «لا تُضَارَّ» «١» بالنصب فإنما أراد «لا تضارر»، نهى.
«فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ» (٢٣٥) أي فى عدّتهن أن تقول:
إنى أريد أن أتزوجك وإن قضى شىء كان.
«لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا» السرّ: الإفضاء بالنكاح، قال الحطيئة:
ويحرم سرّ جارتهم عليهم | ويأكل جارهم أنف القصاع «٢» |
(٢) الحطيئة: هو جرول بن أوس بن مالك من بنى حطيئة بن عبس، يكنى أبا مليكة لقب الحطيئة لقصره، وقربه من الأرض، وهو من المخضرمين أسلم بعد وفاة النبي عليه السلام، انظر السمط ٨٠ والعيني ١/ ٤٧٣ والخزانة ١/ ٤٠٩- والبيت فى ديوانه ٣٢٨- والكامل ٤٢٨ والطبري ٢/ ٣٠٠ والقرطبي ٣/ ١٩١ واللسان والتاج (سرر، أنف)
فعفّ عن إسرارها بعد العسق «١»
يعنى غشيانها، أراد الجماع. قال امرؤ القيس بن حجر الكندىّ:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنّنى | كبرت وألا يحسن السرّ أمثالى «٢» |
ولا من ربيع المقترين رزئته | بذي علق فاقنى حياءك واصبري «٣» |
«فَرِجالًا» (١٣٩) : واحدها: راجل، مثل قيام وقائم.
«وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ» (٢٤١) : كانوا إذا طلّقوا يمتعونها من المقنعة فما فوق ذلك متعها وحمّمها: أي أعطاها.
(٢) ديوانه من الستة ١٥٤ والقرطبي ٣/ ١٩١ والإتقان ١/ ١٦٣ والعيني ١/ ١٩٧ والخزانة ١/ ٣١.
(٣) : البيت للبيد، يذكر أباه ربيعة، من قصيدة فى ديوانه ١/ ٧٢- ٨١ وهو فى السمط ٣٢٠.
إنما قتلنا عجائز صلعا، «٢» فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: أولئك الملأ من قريش لو احتضرت فعالهم، أي حضرت، احتقرت فعالك مع فعالهم.
«هَلْ عَسَيْتُمْ» (٢٤٦) : هل تعدون أن تفعلوا ذلك.
«بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ» (٢٤٧) أي زيادة، وفضلا وكثرة. «٣»
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً» (٢٤٧) : علامات، وحججا.
«مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» (٢٤٩) : مختبركم.
[ «غرفة» ] (٢٤٩) الغرفة مصدر، والغرفة: ملء الكف.
«يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ» (٢٤٩) يوقنون.
«فِئَةٍ» (٢٤٩) : جماعة.
«أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً» (٢٥٠) :«٤» أنزل علينا.
(٢) «عجائز صلعا» : أي مشايخ عجزة (النهاية).
(٣) «بسطة... وكثرة» : وورد فى البخاري: بسطة: زيادة وفضلا، وقال ابن حجر (فتح الباري ٨/ ١٤٩) : وهو تفسير أبى عبيدة، قال: فى قوله... إلخ.
(٤) «أَفْرِغْ... عَلَيْنا» : وفى البخاري: أفرغ أنزل، وقال ابن حجر (فتح الباري ٨/ ١٤٩) : وهو تفسير أبى عبيدة، قال فى قوله تعالى: «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً» أي أنزل علينا.
ألا أبلغا خلتى جابرا... بأن خليلك لم يقتل «١»
يقال: فلان خلّتى: أي خليلى.
«الْقَيُّومُ» (٢٥٥) : القائم وهو الدائم الذي لا يزول، وهو فيعول.
[ «سِنَةٌ» ] (٢٥٥) السّنة: النّعاس، والوسنة النّعاس أيضا. قال عدى بن الرّقاع:
وسنان أقصده النّعاس فرنقت... فى عينه سنة وليس بنائم «٢»
«وَلا يَؤُدُهُ» (٢٥٥) : ولا يثقله، تقول: لقد آدانى هذا الأمر، وما أداك فهو لى آئد، «٣» قال الكميت:
(٢) عدى بن الرقاع: شاعر إسلامى، يكنى أبا داود، له ترجمة فى الجمحي ١٤٢، والأغانى ٨/ ١٧٢. - والبيت فى الشعراء ٣٩٤، والكامل ٨٥، والأغانى ٨/ ١٧٤، والطبري ٣/ ٥ وغريب القرآن لأبى بكر السجستاني ١٠٣، والقرطين ١/ ٨٤، والقرطبي ٣/ ٧٢، واللسان والتاج (وسن) وشواهد الكشاف ٢٩٩.
(٣) «آدانى... آئد» : هذا الكلام فى الطبري ٣/ ٩. [.....]
تقول: ما أثقلك فهو لى مثقل.
[ «لَا انْفِصامَ لَها» (٢٥٦) أي لا تكسر، وقال الكميت:
فهم الآخذون من ثقة الأمر... بتقواهم وعرى لا انفصام لها]
«٢» [ «بِالطَّاغُوتِ» ] (٢٥٦) : الطاغوت: الأصنام، والطواغيت من الجن والانس شياطينهم. «العروة الوثقى» (٢٥٦) شبّه بالعرى التي يتمسك بها.
«أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ» (٢٥٧) فى موضع جميع لقوله: «يُخْرِجُونَهُمْ» (٢٥٧)، والعرب تفعل هذا، قال:
فى حلقكم عظم وقد شجينا»
وقال العباس بن مرداس:
فقلنا أسلموا إنا أخوكم... فقد برئت من الإحن الصّدور «٤»
«فَبُهِتَ» (٢٥٨) : انقطع، وذهبت حجته، «٥» وبهت: أكثر الكلام، وبهت إن شئت.
(٢) لم أجده فى مظانه.
(٣) : الشطر لمسيب بن زيد بن مناة الغنوي، وهو مع شطر قبله فى الكتاب ١/ ٨٧، والشنتمرى ١/ ١٠٧، وابن يعيش ١/ ٧٨١، والزجاج ١/ ١٤ ب.
(٤) : العباس بن مرداس: ابن أبى عامر السلمى، وأمه الخنساء الشاعرة، وهو مخضرم. أخباره فى الأغانى ١٣/ ٦٢، والإصابة رقم ٤٥١١، والاستيعاب ٣/ ١٠١، والخزانة ١/ ٧٣. - والبيت فى الشنتمرى ٢/ ١٠١.
(٥) «فَبُهِتَ... حجته» : وفى البخاري: فبهت: ذهبت حجته، قال ابن حجر ٨/ ١٥٠ هو كلام أبى عبيدة قاله فى قوله تعالى: «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»، قال: انقطع... حجته.
«لَمْ يَتَسَنَّهْ» (٢٥٩) :«١» لم تأت عليه السنون فيتغير، وهذا فى قول من قال للسنة:
«سنية» مصغرة، وليست من الأسن المتغير، ولو كانت منها لكانت ولم يتأسن.
[ «ننشرها» (٢٥٩) :«٢» نحييها ومن قال: «نُنْشِزُها» قال: ننشز بعضها إلى بعض].
«فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ» (٢٦٠) :«٣» فمن جعل من صرت تصور، ضمّ، قال:
«فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ» «٤» ضمّهن إليك، ثم اقطعهن.
«ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً» : فمن جعل من «صرت قطّعت وفرّقت» قال: خذ أربعة من الطير إليك فصرهن إليك أي قطعهن ثم ضع على كل جبل منهن جزءا قالت خنساء:
(٢) ننشرها: فى الداني (٨٢) : الكوفيون وابن عامر «نُنْشِزُها» بالزاي والباقون بالراء.
(٣) «فَصُرْهُنَّ» فى الداني (٨٢) : وحمزة: «فَصُرْهُنَّ» بكسر الصاد والباقون بضمها.
(٤) «فصرهن... (ص ٨١ س ٨) كثيرة الحمل» : معظم هذا الكلام فى الأضداد للأصمعى ٣٣ وبعضه فى أضداد ابن السكيت ١٥٧.
الشّمّ: الجبال، تنصار: تقطع وتصدع وتفلق وأنشد بعضهم بيت أبى ذؤيب:
فانصرن من فزع وسدّ فروجه | غبر ضوار وافيان وأجدع «٢» |
وجاءت خلعة دهس صفايا | يصور عنوقها أحوى زنيم «٣» |
(٢) : فى ديوان الهذليين ١/ ١٢، والمفضليات ٨٧٣ والأضداد للاصمعى ٣٣ وابن السكيت ١٨٧ والطبري ٣/ ٩٤ واللسان (جدع).
(٣) المعلى: لم أقف على ترجمته. - والبيت فى مجموعة الأضداد (٣٣، ١٥٧) والطبري ٣/ ٣٤، والسمط ٦٧٥، ونظام الغريب للربعى ١٤٣.
(٤) «ولون... الحمل» : ورد هذا الكلام فى نظام الغريب باختلاف يسير.
[ «صلدا» ] (٢٦٤) والصّلد: التي لا تنبت شيئا أبدا من الأرضين، والرؤوس «١»، وقال رؤبة:
براق أصلاد الجبين الأجله «٢»
وهو الأجلح
[ «بربوة» ] (٢٦٥) «٣» ربوة: ارتفاع من المسيل.
[ «إعصار» ] (٢٦٦) الإعصار: ريح عاصف، تهبّ من الأرض إلى السماء، كأنه عمود فيه نار. «٤»
«وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» (٢٦٧) : أي لا تعمدوا له، قال خفاف بن ندبة:
(٧/ ١٣٢) هو كلام أبى عبيدة أيضا قال: «الصفوان... والرؤوس». [.....]
(٢) من أرجوزة فى ديوانه ١٦٥- ١٦٧ والشطر فى القرطبي ٣/ ٣١٣ واللسان (جله).
(٣) «بِرَبْوَةٍ» : قرأ عاصم وابن عامر هنا وفى «الْمُؤْمِنُونَ» (٢٣/ ٥٠) بفتح الراء والباقون بضمها (الداني ٨٣)
(٤) «الإعصار... نار» : هكذا فى البخاري قال ابن حجر (٨/ ١٣٢) : هو كلام أبى عبيدة.
فإن تك خيلى قد أصيب صميمها | فعمدا على عين تيمّمت مالكا (٢٨) |
«إِلْحافاً» (٢٧٣) : إلحاحا.
«الْمَسِّ» (٢٧٥) من الشيطان، والجن، وهو اللّمم، وهو ما ألمّ به، وهو الأولق والألس والزّؤد، هذا كله مثل الجنون.
«فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ» (٢٧٥) : العرب تصنع هذا إذا بدءوا بفعل المؤنث قبله.
«فَلَهُ ما سَلَفَ» (٢٧٥) : ما مضى.
«يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا» (٢٧٦) : يذهبه كما يمحق القمر، ويمحق الرجل إذا انتقص ماله.
«فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ» (٢٧٩) : أيقنوا، تقول: آذنتك بحرب، فأذنت به.
«لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً» (٢٨٢) : لا ينقص، قال: لا تبخسنى حقى (؟)، قال فى مثل: «تحسبها حمقاء وهى باخسة» «١» أي ظالمة.
«أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» (٢٨٢) أي تنسى.
«وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا» (٢٨٢) قال فيمن شهد: لا يأب إذا دعى، وله قبل أن يشهد أن لا يفعل.
[ «فسوق» ] (٢٨٢) الفسوق: المعصية فى هذا الموضع.
«فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ» (٢٨٣) قال أبو عمرو: الرّهان فى الخيل، وأنشد قول قعنب بن أمّ صاحب من بنى عبد الله بن غطفان:
بانت سعاد وأمسى دونها عدن | وغلّقت عندها من قبلك الرّهن «١» |
[ «إصرا» ] (٢٨٦) : الإصر الثّقل وكلّ شىء عطفك على شىء من عهد، أو رحم فقد أصرك عليه، وهو الأصر مفتوحة، فمن ذلك قولك: ليس بينى وبينك آصرة رحم تأصرنى عليك، وما يأصرنى عليك حق: ما يعطفنى عليك وقال الأبيرد فى قوله عزّت قدرته: «فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ» (٢٦٠).
فما تقبل الأحياء من حب خندف | ولكن أطراف العوالي تصورها «٣» |
(٢) «غفرانك... اغفر لنا» : كذا فى البخاري: قال ابن حجر: هو تفسير أبى عبيدة، وروى تفسيره مرة أخرى فى فتح الباري ٨/ ١٥٤.
(٣) الأبيرد: هو الأبيرد بن المعذر شاعر إسلامى كان فى أول الدولة الأموية، فى نسبه اختلاف، انظر المعمرين رقم ٥٨ والمؤتلف ٢٤ والأغانى ١٢/ ٩ والسمط ٤٩٤.
- والبيت الأول فى الجمهرة ٢/ ٣٦٠ وشواهد الكشاف ١١٢.
ولو أن أمّ الناس حوّاء حاربت | تميم بن مرّ لم تجد من تجيرها |
سورة البقرة
سورةُ (البقرةِ) هي أطولُ سورةٍ في القرآنِ العظيم، وفيها أطولُ آيةٍ؛ وهي آيةُ (الدَّين)، وكذلك فيها أعظمُ آيةٍ؛ وهي آيةُ (الكُرْسيِّ)، وإنما جاءت كذلك - لا سيَّما وهي ثاني سورةٍ في القرآن الكريم -؛ لأنها أبانت عن مقصدِ القرآن الأعظم، وفصَّلتْ في أحكامِ الدِّينِ وشرائعه ومعاملاته؛ فافتُتحت ببيانِ مقصدِ هذا الكتاب العظيم؛ وهو {هُدٗى لِّلْمُتَّقِينَ}؛ فهذا الكتابُ إنما نزَل للهداية والإرشاد. ثم أوضَحتِ السُّورةُ ردودَ أفعال الناس تُجاهَ هذا الكتاب، مقسِّمةً إياهم إلى (مؤمن، وكافر، ومنافق)، كما فصَّلتِ الكثيرَ من الشرائع المتعلقة بالصَّدَقات، والطلاق، والمعاملات. ولهذه السُّورةِ فضلٌ عظيم؛ فلا يستطيعها السَّحَرةُ والبَطَلة، كما قُدِّمَ حافظُها على غيره، وكانت تُعطَى له القيادةُ والرياسة؛ لعظيم شأنها، ولِما اشتملت عليه من أحكامٍ. وفيها قصةُ (بقرةِ بني إسرائيل) التي سُمِّيتِ السورة باسمها.
ترتيبها المصحفي
2نوعها
مدنيةألفاظها
6140ترتيب نزولها
87العد المدني الأول
285العد المدني الأخير
285العد البصري
287العد الكوفي
286العد الشامي
285
* قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٞ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ اْلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اْللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيْلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: 79]:
عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: {فَوَيْلٞ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ اْلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ}، قال: «نزَلتْ في أهلِ الكتابِ». "خلق أفعال العباد" (ص 54).
* قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَٰبٞ مِّنْ عِندِ اْللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى اْلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ [البقرة: 89]:
عن عاصمِ بن عُمَرَ بن قتادةَ، عن رجالٍ مِن قومِه، قالوا: «إنَّ ممَّا دعانا إلى الإسلامِ مع رحمةِ اللهِ تعالى وهُدَاه لنا: لَمَا كنَّا نَسمَعُ مِن رجالِ يهُودَ، وكنَّا أهلَ شِرْكٍ أصحابَ أوثانٍ، وكانوا أهلَ كتابٍ، عندهم عِلْمٌ ليس لنا، وكانت لا تزالُ بيننا وبينهم شرورٌ، فإذا نِلْنا منهم بعضَ ما يَكرَهون، قالوا لنا: إنَّه قد تقارَبَ زمانُ نبيٍّ يُبعَثُ الآنَ، نقتُلُكم معه قَتْلَ عادٍ وإِرَمَ، فكنَّا كثيرًا ما نَسمَعُ ذلك منهم، فلمَّا بعَثَ اللهُ رسولَه ﷺ، أجَبْناه حين دعانا إلى اللهِ تعالى، وعرَفْنا ما كانوا يَتوعَّدوننا به، فبادَرْناهم إليه، فآمَنَّا به، وكفَروا به؛ ففينا وفيهم نزَلَ هؤلاء الآياتُ مِن البقرةِ: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَٰبٞ مِّنْ عِندِ اْللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى اْلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعْنَةُ اْللَّهِ عَلَى اْلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 89]». سيرة ابن هشام (1/213).
* قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ اْللَّهَ عَدُوّٞ لِّلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]:
عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «أقبَلتْ يهُودُ إلى النبيِّ ﷺ، فقالوا: يا أبا القاسمِ، نسألُك عن أشياءَ، فإن أجَبْتَنا فيها اتَّبَعْناك، وصدَّقْناك، وآمَنَّا بك.
قال: فأخَذَ عليهم ما أخَذَ إسرائيلُ على بَنِيهِ إذ قالوا: ﴿اْللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ﴾ [يوسف: 66].
قالوا: أخبِرْنا عن علامةِ النبيِّ ﷺ، قال: «تنامُ عيناه، ولا ينامُ قلبُه».
قالوا: أخبِرْنا كيف تُؤنِثُ المرأةُ، وكيف تُذكِرُ؟ قال: «يلتقي الماءانِ؛ فإذا علا ماءُ المرأةِ ماءَ الرَّجُلِ آنثَتْ، وإذا علا ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأةِ أذكَرتْ»، قالوا: صدَقْتَ.
قالوا: فأخبِرْنا عن الرَّعْدِ؛ ما هو؟ قال: «مَلَكٌ مِن الملائكةِ موكَّلٌ بالسَّحابِ، معه مَخاريقُ مِن نارٍ، يسُوقُ بها السَّحابَ حيث شاء اللهُ»، قالوا: فما هذا الصوتُ الذي يُسمَعُ؟ قال: «زَجْرُه بالسَّحابِ إذا زجَرَه، حتى ينتهيَ إلى حيث أُمِرَ»، قالوا: صدَقْتَ.
قالوا: أخبِرْنا ما حرَّم إسرائيلُ على نفسِه؟ قال: «كان يسكُنُ البَدْوَ، فاشتكى عِرْقَ النَّسَا، فلم يَجِدْ شيئًا يلاوِمُه إلا لحومَ الإبلِ وألبانَها؛ فلذلك حرَّمها»، قالوا: صدَقْتَ.
قالوا: أخبِرْنا مَن الذي يأتيك مِن الملائكةِ؛ فإنَّه ليس مِن نبيٍّ إلا يأتيه مَلَكٌ مِن الملائكةِ مِن عندِ ربِّهِ بالرسالةِ وبالوحيِ، فمَن صاحبُك؛ فإنَّما بَقِيَتْ هذه حتى نُتابِعَك؟ قال: «هو جِبْريلُ»، قالوا: ذلك الذي يَنزِلُ بالحربِ وبالقتلِ، ذاك عدوُّنا مِن الملائكةِ، لو قلتَ: ميكائيلُ، الذي يَنزِلُ بالقَطْرِ والرحمةِ؛ تابَعْناك.
فأنزَلَ اللهُ تعالى: ﴿ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ اْللَّهَ عَدُوّٞ لِّلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]». أخرجه أحمد (2514).
* قولُه تعالى: {وَدَّ كَثِيرٞ مِّنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ اْلْحَقُّۖ فَاْعْفُواْ وَاْصْفَحُواْ} [البقرة: 109]:
جاء عن كعبِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ كعبَ بنَ الأشرَفِ اليهوديَّ كان شاعرًا، وكان يهجو النبيَّ ﷺ، ويُحرِّضُ عليه كفَّارَ قُرَيشٍ في شِعْرِه، وكان المشركون واليهودُ مِن المدينةِ حين قَدِمَها رسولُ اللهِ ﷺ يُؤذُون النبيَّ ﷺ وأصحابَه أشَدَّ الأذى، فأمَر اللهُ تعالى نبيَّهُ بالصَّبْرِ على ذلك، والعفوِ عنهم؛ وفيهم أُنزِلتْ: {وَدَّ كَثِيرٞ مِّنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ} إلى قولِه: {فَاْعْفُواْ وَاْصْفَحُواْ} [البقرة: 109]». أخرجه أبو داود (رقم ٣٠٠٠).
* قولُه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ اْلْمَشْرِقُ وَاْلْمَغْرِبُۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ﴾ [البقرة: 115].
عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ - رضي الله عنهما -، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي وهو مُقبِلٌ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ على راحلتِهِ حيث كان وجهُهُ، قال: وفيه نزَلتْ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اْللَّهِۚ﴾». أخرجه مسلم (700).
* قولُه تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا اْلْبَيْتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ وَأَمْنٗا وَاْتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلّٗىۖ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِـۧمَ وَإِسْمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَاْلْعَٰكِفِينَ وَاْلرُّكَّعِ اْلسُّجُودِ﴾ [البقرة: 125].
سببُ نزولِها: ما جاء عن أنسٍ - رضي الله عنه -، قال: «قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ - رضي الله عنه -: وافَقْتُ ربِّي في ثلاثٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْنا مِن مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى؛ فنزَلتْ: ﴿ وَاْتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلّٗىۖ ﴾ [البقرة: 125].
وآيةُ الحجابِ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو أمَرْتَ نساءَك أن يَحتجِبْنَ؛ فإنَّه يُكلِّمُهنَّ البَرُّ والفاجرُ؛ فنزَلتْ آيةُ الحجابِ.
واجتمَعَ نساءُ النبيِّ ﷺ في الغَيْرةِ عليه، فقلتُ لهنَّ: ﴿ عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرٗا مِّنكُنَّ ﴾؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ». أخرجه البخاري (٤٠٢).
* قوله تعالى: {سَيَقُولُ اْلسُّفَهَآءُ مِنَ اْلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ اْلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَاۚ} [البقرة: 142]:
عن البراءِ رضي الله عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي نحوَ بيتِ المقدسِ، ويُكثِرُ النظرَ إلى السماءِ ينتظِرُ أمرَ اللهِ؛ فأنزَلَ اللهُ: {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اْلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةٗ تَرْضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اْلْمَسْجِدِ اْلْحَرَامِۚ} [البقرة: 144]، فقال رجالٌ مِن المسلمين: وَدِدْنا لو عَلِمْنا عِلْمَ مَن مات قبل أن نُصرَفَ إلى القِبْلةِ؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ} [البقرة: 143]، وقال السُّفهاءُ مِن الناسِ: ما ولَّاهم عن قِبْلتِهم التي كانوا عليها؟ فأنزَلَ اللهُ: {سَيَقُولُ اْلسُّفَهَآءُ مِنَ اْلنَّاسِ} [البقرة: 142] إلى آخرِ الآيةِ. "الصحيح المسند من أسباب النزول" (ص 25، 26).
* قولُه تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ ﴾ [البقرة: 143].
ممَّا صحَّ: ما جاء عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «لمَّا وُجِّهَ النبيُّ ﷺ إلى الكعبةِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، كيف بإخوانِنا الذين ماتوا وهم يُصَلُّون إلى بيتِ المقدسِ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ﴾ [البقرة: 143]». أخرجه أبو داود (٤٦٨٠)، والترمذي (٢٩٦٤).
* قولُه تعالى: ﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِي اْلدِّينِۖ ﴾ [البقرة: 256].
جاء عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّه قال: «كانت المرأةُ مِن الأنصارِ تكونُ مِقْلاةً، لا يكادُ يعيشُ لها ولَدٌ، فتَجعَلُ على نفسِها إن عاش لها ولَدٌ أن تُهوِّدَهُ، فلمَّا أُجلِيَتْ بنو النَّضيرِ، كان فيهم مِن أبناءِ الأنصارِ، فقالوا: لا ندَعُ أبناءَنا؛ فأنزَلَ اللهُ: ﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِي اْلدِّينِۖ ﴾ [البقرة: 256]». أخرجه أبو داود (٢٦٨٢).
* قولُه تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اْللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اْكْتَسَبَتْۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَاۚ ﴾ [البقرة: 286].
سببُ نزولِ هذه الآيةِ: ما جاء عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه -، قال: «لمَّا نزَلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ: ﴿ لِّلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۗ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اْللَّهُۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۗ وَاْللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٖ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، قال: فاشتَدَّ ذلك على أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فأتَوْا رسولَ اللهِ ﷺ، ثم برَكُوا على الرُّكَبِ، فقالوا: أيْ رسولَ اللهِ، كُلِّفْنا مِن الأعمالِ ما نُطِيقُ؛ الصَّلاةَ، والصِّيامَ، والجهادَ، والصَّدقةَ، وقد أُنزِلتْ عليك هذه الآيةُ ولا نُطِيقُها، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «أتُريدون أن تقولوا كما قال أهلُ الكتابَينِ مِن قَبْلِكم: سَمِعْنا وعصَيْنا؟! بل قُولوا: سَمِعْنا وأطَعْنا، غُفْرانَكَ ربَّنا وإليك المَصِيرُ»، قالوا: سَمِعْنا وأطَعْنا، غُفْرانَكَ ربَّنا وإليك المَصِيرُ، فلمَّا اقترَأَها القومُ، ذَلَّتْ بها ألسنتُهم؛ فأنزَلَ اللهُ في إثرِها: ﴿ ءَامَنَ اْلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِۦ وَاْلْمُؤْمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِاْللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَاۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ اْلْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فلمَّا فعَلوا ذلك، نسَخَها اللهُ تعالى؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اْللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اْكْتَسَبَتْۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَاۚ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نَعم. ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرٗا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى اْلَّذِينَ مِن قَبْلِنَاۚ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نَعم. {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ}، قال: نَعم. {وَاْعْفُ عَنَّا وَاْغْفِرْ لَنَا وَاْرْحَمْنَآۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَاْنصُرْنَا عَلَى اْلْقَوْمِ اْلْكَٰفِرِينَ}، قال: نَعم». صحيح مسلم (125).
* ثبَت لسورة (البقرة) اسمٌ آخَرُ؛ وهو (الزَّهراء):
لِما جاء في حديث أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عمرانَ». أخرجه مسلم (804).
«والزَّهْراوانِ: أي: المُنِيرتانِ المُضيئتان، واحدتُها: زَهْراءُ». "لسان العرب" (4 /332).
وقد عَدَّ بعضُ العلماء أنَّ ذِكْرَ (الزَّهْراوَينِ) في هذا الحديثِ هو مِن باب الوصف، لا التسمية. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /143)، "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /20).
* أمَرنا النبيُّ ﷺ أن نقرأَها في بيوتِنا؛ فإنَّ الشيطانَ يَنفِرُ منها:
كما جاء عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «لا تَجعَلوا بيوتَكم مقابرَ؛ إنَّ الشيطانَ يَنفِرُ مِن البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ». أخرجه مسلم (780).
* هي السُّورة التي لا يستطيعها البَطَلةُ:
فعن بُرَيدةَ بن الحُصَيب الأَسْلمي رضي الله عنه، قال: كنتُ جالسًا عند النبيِّ ﷺ، فسَمِعْتُه يقول: «تَعلَّموا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه أحمد (٢٢٩٥٠).
* آخِرُ آيتَينِ منها تكفيانِ قارئَهما:
فعن عبدِ الرحمنِ بن يَزيدَ، قال: لَقِيتُ أبا مسعودٍ رضي الله عنه عند البيتِ، فقلتُ: حديثٌ بلَغني عنك في الآيتَينِ في سورةِ (البقرة)، فقال: نعم، قال رسولُ الله ﷺ: «الآيتانِ مِن آخِرِ سورةِ البقرةِ، مَن قرَأهما في ليلةٍ كَفَتَاهُ». أخرجه مسلم (807).
* سورة (البقرة) تُحاجُّ عن صاحبها يومَ القيامة:
فعن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «اقرَؤوا القرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه؛ اقرَؤوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما غَيَايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقانِ مِن طيرٍ صوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه مسلم (804).
* لحافِظِها فضلٌ خاصٌّ وشأن عظيم:
فعن أنسٍ رضي الله عنه، قال: «كان الرَّجُلُ إذا قرأ البقرةَ وآلَ عِمْرانَ، جَدَّ فينا - يعني: عظُمَ -»، وفي روايةٍ: «يُعَدُّ فينا عظيمًا»، وفي أخرى: «عُدَّ فينا ذا شأنٍ». أخرجه أحمد (3/120) (12236).
وعن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: بعَث رسولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا، وهم ذو عَدَدٍ، فاستقرَأهم، فاستقرَأ كلَّ رجُلٍ منهم ما معه مِن القرآنِ، فأتى على رجُلٍ منهم - مِن أحدَثِهم سنًّا -، فقال: «ما معك يا فلانُ؟!»، قال: معي كذا وكذا، وسورةُ البقرةِ، قال: «أمعك سورةُ البقرةِ؟!»، فقال: نعم، قال: «فاذهَبْ؛ فأنت أميرُهم»، فقال رجُلٌ مِن أشرافِهم: واللهِ يا رسولَ اللهِ، ما منَعني أن أتعلَّمَ سورةَ البقرةِ إلا خشيةُ ألَّا أقُومَ بها! فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «تعلَّموا القرآنَ، واقرَؤوه؛ فإنَّ مثَلَ القرآنِ لِمَن تعلَّمَه، فقرَأه وقام به: كمثَلِ جرابٍ محشوٍّ مِسْكًا، يفُوحُ رِيحُه في كلِّ مكانٍ، ومثَلَ مَن تعلَّمَه، فيرقُدُ وهو في جوفِه: كمثَلِ جرابٍ وُكِئَ على مِسْكٍ». أخرجه الترمذي (٢٨٧٦).
* لها نزَلتِ الملائكةُ مستمِعةً:
فعن أُسَيدِ بن حُضَيرٍ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، بينما أنا أقرأُ الليلةَ سورةَ البقرةِ، إذ سَمِعْتُ وَجْبةً مِن خَلْفي، فظنَنْتُ أنَّ فَرَسي انطلَقَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «اقرَأْ يا أبا عَتِيكٍ»، فالتفَتُّ فإذا مِثْلُ المِصباحِ مُدَلًّى بين السماءِ والأرضِ، ورسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: «اقرَأْ يا أبا عَتِيكٍ»، فقال: يا رسولَ اللهِ، فما استطعتُ أن أمضيَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «تلك الملائكةُ؛ نزَلتْ لقراءةِ سورةِ البقرةِ، أمَا إنَّك لو مضَيْتَ، لرأيْتَ العجائبَ». أخرجه ابن حبان (779).
* فيها أعظَمُ آيةٍ في كتابِ الله؛ وهي آيةُ (الكُرْسيِّ):
عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كتابِ اللهِ معك أعظَمُ؟»، قال: قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كتابِ اللهِ معك أعظَمُ؟»، قلتُ: {اْللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ اْلْحَيُّ اْلْقَيُّومُۚ}، قال: فضرَب في صدري، وقال: «واللهِ، لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنذِرِ». أخرجه مسلم (٨١٠).
* لعلَّ رسولَ الله ﷺ قرَأها في صلاةِ الكسوف:
فقد جاء عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «لمَّا كسَفتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ، توضَّأَ، وأمَرَ فنُودي: إنَّ الصَّلاةَ جامعةٌ، فقام، فأطال القيامَ في صلاتِهِ، قالت: فأحسَبُه قرَأَ سورةَ البقرةِ، ثم ركَعَ، فأطال الرُّكوعَ، ثم قال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ثم قام مِثْلَ ما قام، ولم يسجُدْ، ثم ركَعَ، فسجَدَ، ثم قام، فصنَعَ مِثْلَ ما صنَعَ، ثم ركَعَ ركعتَينِ في سَجْدةٍ، ثم جلَسَ، وجُلِّيَ عن الشمسِ». أخرجه البخاري (١٠٤٦).
* وكذا كان يَقرَؤُها ﷺ في قيامِهِ بالليل:
فعن حُذَيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما، قال: «صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ ﷺ ذاتَ ليلةٍ، فاستفتَحَ بسورةِ البقرةِ، فقرَأَ بمائةِ آيةٍ لم يَركَعْ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها في الرَّكعتَينِ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها ثمَّ يَركَعُ، فمضى حتى قرَأَ سورةَ النِّساءِ، ثم قرَأَ سورةَ آلِ عِمْرانَ، ثم ركَعَ نحوًا مِن قيامِهِ، يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، ثم رفَعَ رأسَهُ، فقال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا لك الحمدُ، وأطال القيامَ، ثم سجَدَ، فأطال السُّجودَ، يقولُ في سجودِهِ: سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، لا يمُرُّ بآيةِ تخويفٍ أو تعظيمٍ للهِ عزَّ وجلَّ إلا ذكَرَهُ». أخرجه النسائي (١١٣٢). وقد ورَد نحوُ هذا الحديث عن عوفِ بن مالك الأشجَعيِّ. انظر: النسائي (١١٣١).
حوَتْ سورةُ (البقرةِ) كثيرًا من الموضوعات المتنوِّعة، وقد جاءت على هذا الترتيبِ:
هداية القرآن وخلافة الإنسان (١-٣٩).
هداية القرآن وموقف الناس منها (١-٢٠).
أمر الناس باتِّباع المنهج، ونموذج الاستخلاف الأول (٢١- ٣٩).
بنو إسرائيل ومسوِّغات عزلِهم عن الخلافة (٤٠-١٦٢).تذكير وعتاب (٤٠-٤٨).
ثم ذِكر أحوال بني إسرائيل ومسوِّغات عزلِهم عن الخلافة (٤٩-٧٤).
وبعد ذلك ذِكر مواقفِ اليهود المعاصرين للنبيِّ عليه السلام (٧٥-١٢٣).
دعوة إبراهيم وتبرئتها من انتساب اليهود والنصارى إليها (١٢٤-١٤١).
انتقال القِبْلة والإمامة في الدِّين لأمَّة محمد عليه السلام (١٤٢-١٦٢).
مقوِّمات استحقاقِ أمَّة الإسلام للخلافة (١٦٣-٢٨٣).
الشرائع التفصيلية للدِّين الإسلامي (١٦٣-١٧٧).
تفصيل بعض أمور البِرِّ (١٧٨-٢٠٣).
نماذجُ بشرية ومواعظُ إلهية (٢٠٤-٢٢٠).
تفصيل أحكام الأُسرة (٢٢١-٢٤٢).
قِصص الإحياء والإماتة (٢٤٣-٢٦٠).
الإنفاق؛ آدابه والمستحِقون له (٢٦١-٢٧٤).
حفظ الأموال عن الحرام والإضاعة (٢٧٥-٢٨٣).
دعاءٌ وإجابة (٢٨٤-٢٨٦).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسُوَر القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /19).
جاءت هذه السُّورةُ الكريمة ببيانِ منهج خلافة الله في الأرض بين مَن أضاعوه ومَن أقاموه، وسُمُوِّ هذا الدِّين على ما سبَقه، وعُلُوِّ هَدْيِه، وأصولِ تطهيره النفوسَ بعد تبيينِ شرائعِ هذا الدِّين لأتباعه، وإصلاحِ مجتمَعِهم بعد إقامة الدليل على أنَّ الكتابَ هدًى؛ ليُتَّبعَ في كلِّ حال. وأعظَمُ ما يَهدِي إليه: الإيمانُ بالغيب؛ ومَجمَعُه: الإيمان بالآخرة، ومدارُه: الإيمان بالبعث، الذي أعرَبتْ عنه قصةُ (البقرة)، التي مدارها: الإيمانُ بالغيب؛ فلذلك سُمِّيتْ بها السورةُ. ينظر: "مصاعد النظر" للبقاعي (2 /10)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (1 /203).