تفسير سورة البقرة

تفسير ابن المنذر

تفسير سورة سورة البقرة من كتاب تفسير ابن المنذر المعروف بـتفسير ابن المنذر.
لمؤلفه ابن المنذر . المتوفي سنة 319 هـ

سُورِة البقرة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾
١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَرْضَخُوا لأَنْسِبَائِهِمْ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، حَتَّى بَلَغَ: وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ "
39
٢ - حَدَّثَنَا عَلَي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جُرَيْج: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾، قَالَ " سأله رَجُل لَيْسَ عَلَى دينه فأراد أن يعطيه "، ثُمَّ قَالَ: " لَيْسَ عَلَى ديني "، فنزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ الآيَة
٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب، عَن جعفر، عَن سَعِيد، قَالَ " كانوا يعطون فقراء أَهْل الذمة صدقاتهم، فَلَمَّا كثر فقراء المسلمين قَالُوا: لا نتصدق إلّا عَلَى فقراء المسلمين " فنزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ "
قوله عَز وجل: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ﴾
٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو الْهِلالِيِّ، قَالَ: " سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، أَنَتَصَدَّقُ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِِ، فَأَنَزَلَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ الآيَةَ: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ﴾ "
40
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ﴾
٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، لا يَتَصَدَّقُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ﴾ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾
٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن مُحَمَّد، عَن أسباط بْن نصر، عَن السدي، فِي قول الله جل ثناؤه: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ أهلها، فَقَالَ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ الآيَة
41
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ﴾
٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَوُادَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله جَلَّ وَعَزَّ: " ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ﴾، قَالَ: الْفُقَرَاءُ هُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ "
٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أَبِي عُمَر، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيان، عَن ابْن جُرَيْج، عَن مجاهد: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ قَالَ " مهاجري قريش بالمدينة "
٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن النجار قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق عَنْ معمر عَنْ قَتَادَة فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ قَالَ " حصروا أنفسهم فِي سَبِيلِ اللهِ للغزو، فلا يستطيعون تجارة يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف "
42
١٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصباح، عَن جرير، عَن أشعث، عَن جعفر، فِي قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾، قَالَ " قَوْم أصابتهم جراحات فصاروا زمنى، فَجَعَلَ لَهُمْ من أموال المسلمين حقا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ﴾
١١ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جُرَيْج، ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾، قَالَ " الجاهل بشأنهم " وقَالَ قَتَادَةُ: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ يَقُولُ: " الجاهل فِي شأنهم "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾
١٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ قَاسِطٍ
43
السَّكْسَكِيَّ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ، فَدَعَا غُلامَهُ فَسَارَّهُ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: اذْهَبْ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَتَقُولُ هَذَا فَقِيرٌ، فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا سَأَلَ إِلَّا مِنْ فَقْرٍ، قَالَ: لَيْسَ بِفَقِيرٍ مَنْ جَمَعَ الدِّرْهَمَ إِلَى الدِّرْهَمِ وَالتَّمْرَةَ إِلَى التَّمْرَةَ، وَلَكِنْ مَنْ أَنْقَى ثِيَابَهُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾
١٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَن ابْن أَبِي نجيح، عَن مجاهد: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ قَالَ " التخشع "
١٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَحَلِّيُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ تُطْعِمُونَهُ اللُّقْمَةَ وَالتَّمْرَةَ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ "
44
١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، قرأ إِلَى: أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ الآيَة، ذكر لَنَا أنَ النَّبيّ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْحَلِيمَ الْحَيِيَّ الْغَنِيَّ الْمُتَعَفِّفُ، وَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ السَّئَّالَ الْمُلْحِفَ "
١٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَنْ تَغَنَّى أْغَنَاهُ اللهُ، وَمَنْ سَأَلَ
النَّاسَ إِلْحَافًا، فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ "
١٧ - حَدَّثَنَا عَلَى بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جُرَيْج، فِي قوله: ﴿لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ قَالَ " الكد "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾
١٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَرِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، قَالَ: "
45
أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، فِي أَصْحَابِ الْخَيْلِ "
١٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حَبَّابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَبُو الْمِقْدَامِ الْفَلَسْطِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الدِّمَشْقِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَجْلانَ بْنَ سَهْلٍ الْبَاهِلِيَّ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: " مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ لَمْ يَرْتَبِطْهُ رِيَاءً وَلا سُمْعَةً كَانَ مِنَ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾ "
٢٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وأثنى عَلَيْهِ بما هُوَ أهله، ثُمَّ ذكر النَّاسَ بالله واليوم الآخر، ثُمَّ قَالَ، فحمد الله: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ بَعْضَ الطَّمَعِ فَقْرٌ، وَإِنَّ بَعْضَ الْيَأْسِ غِنًى، وَإِنَّكُمْ
46
تَجْمَعُونَ مَا لا تَأْكُلُونَ، وَتأْمُلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ، وَإِنَّكُمْ وَمَا تَأْمُلُونَ أثوبا فِيهِ مُؤَجَّلُونَ فِي دَارِ غُرُورٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّ بَعْضَ الشُّحِّ شُعْبَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، فَأَنْفِقُوا خَيْرٌ لأَنْفُسِكُمْ، فَأَيْنَ أَصْحَابُ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أَلا أَيُّهَا النَّاسُ اطْلُبُوا مَثَاوِيَكُمُ الَّتِي تَثْوُونَ فِيهَا، وَاقْدَعُوا فِيهَا هَذِهِ الْهَوَامَ قَبْلَ أَنْ تَقْدَعَكُمْ، أَلَا فَلا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْقَبَاطِيَّ، فَإِنَّهُ إِنْ لا يَكُنْ يَشِفُّ فَإِنَّهُ يَصِفُ، وَاعْلَمُوا وَاللهِ لَئِنْ كُنْتُمْ تَفْرَقُونَ مِنِّي، إِنِّي لأَفْرَقُ مِنْكُمْ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْفَلِتُ مِنْكُمْ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِيَ، وَإِنِّي لأَرْجُو إِنْ عُمِّرْتُ فِيكُمْ يَسِيرًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى قَرِيبٍ، أَنْ يَأْتِيَ امْرَأً مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَصِيبُهُ مِنْ مَالِ اللهِ وَفَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِهِ بِالتَّمَنِّي لَمْ يَعْمَلْ إِلَيْهِ لَيْلَةً، وَلَمْ يَنْصَبْ إِلَيْهِ يَوْمًا،
47
أَلا وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، فَمُرُوءَةُ الْمَرْءِ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ خُلُقُهُ، وَكَرَمُهُ تَقْوَاهُ، وَالْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ فِي الرِّجَالِ، فَيَفِرُّ الْجَبَانُ عَنْ أُمِّهِ، وَيُقَاتِلُ الْجَرِيءُ عَمَّنْ لا يَعْرِفُ وَلا يَئُوبُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ، يُصِيبُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ عَلَى اللهِِ، أَلا وَأَصْلِحُوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي أَمْوَالِكُمُ الَّتِي رَزَقَكُمُ اللهُ، فَإِنَّ إِقْلالا فِي رِفْقٍ، خَيْرٌ مِنْ إِكْثَارٍ فِي خَرَقٍ "
٢١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حَبَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ أَبُو شُرَيْحٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الحَجَّاجِ، عَنْ حَنَشِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَذْكُرُ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾، قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَعْلِفُونَ عَلَى الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ "
٢٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَأَنْفَقَ دِرْهَمًا
48
لَيْلا، وَدِرْهَمًا نَهَارًا، وَدِرْهَمًا سِرًّا، وَدِرْهَمًا عَلانِيَةً "
٢٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْح، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد، عَن قَتَادَةُ، فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾ الآيَة قَالَ " هَؤُلَاءِ قَوْم أنفقوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِي افترض عَلَيْهِمْ فِي غير سرف وَلا إملاق وَلا بتذير وَلا فساد "
٢٤ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثور، عَن ابْن جُرَيْج، عَن ابْن المسيب: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾، قَالَ " الآيَة كلها فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وعثمان فِي نفقتهما أَوْ فِي جيش العسرة "
49
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾
٢٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، قَالَ: حَدَّثَني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾، قَالَ: ذَلِكَ حِينَ يُبْعَثُ مِنْ قَبْرِهِ "
٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسرة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير، عَن أشعث، عَن جعفر، عَن سَعِيد بْن جُبَيْر: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ قَالَ " يبعث يَوْم الْقِيَامَةِ مجنونا يخنق "
٢٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ " يَوْم الْقِيَامَةِ فِي آكل الربا فِي الدنيا "
50
٢٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ الآيَة، قَالَ " لا يقومون يَوْم الْقِيَامَةِ إلّا كَمَا يقوم المجنون الَّذِي يتخبطه الشيطان من الجنون، كذلك آكل الربا يعرف يَوْم الْقِيَامَةِ كَمَا يعرف المجنون فِي الدنيا "
٢٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: [حَدَّثَنَا] أَحْمَد بْن الخليل، قَالَ: حَدَّثَنَا عليّ بْن عاصم،
عَن دَاوُد بْن أبي هند، قَالَ " كَانَ لي جار يأكل الربا فمات، فرأيته فِي المنام كأنه قائم يخنق، فاضطرب حَتَّى سقط إِلَى الأرض ثُمَّ وثب، فَلَمَّا استوى قائما خنق، فاضطرب حَتَّى سقط إِلَى الأرض ثلاث مرات، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فلان، قَالَ: نعم وعهدي بِهِ صحيح، قُلْتُ: مَا شأنك؟ قَالَ: ريح الربا تأخذني كُلّ النَّهَار مرتين أَوْ ثلاثا
٣٠ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾، والمس: الجنون
51
٣١ - أَخْبَرَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: ﴿يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾، المس من الشيطان والجن، وهُوَ اللمم وهُوَ مَا ألم بِهِ، وهُوَ الأولق والألس والزؤد، هَذَا كله من الجنون وقَالَ ابْن مسعود: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ الآيَة قَالَ: " ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَةِ " وقَالَ قَتَادَةُ: " تِلْكَ علامة أَهْل الربا يَوْم الْقِيَامَةِ، بعثوا وبهم خبل من الشيطان "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾
٣٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: " لأَنْ أَزْنِيَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ زَنْيَةً أَحْقَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَ دِرْهَمًا رِبًا
52
يَعْلَمُ اللهُ أَنِّي أَكَلْتُهُ رِبًا " حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
٣٣ - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جرير، عَن منصور، عَن أَبِي إِسْحَاق، عَن عُبَيْد بْن عُمَيْر، قَالَ " الكبائر سبع، فذكر إحداهن أكل الربا " قَالَ: قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ، إِلَى قوله: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾ الآيَة
٣٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾، " موعظته من ربه: الْقُرْآن "، ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ قَالَ: " لَهُ مَا أكل من الربا "
53
٣٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف، قَالَ: قَالَ سُفْيان: " سمعنا فِي هَذَا الآيَة: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾، قَالَ: الْقُرْآن: ﴿فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ مغفورا لَهُ، ﴿وَمَنْ عَادَ﴾، من لم يتب من الربا حَتَّى يموت: ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ "
٣٦ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، عَن الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾، العرب تصنع هَذَا إِذَا بدأوا بفعل المؤنث قبله، ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ : مَا مضى "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾
٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيَرْةَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَاتِ وَلا يَقْبَلُ مِنْهَا إِلّا الطَّيِّبَ، وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرْبِيهَا لِصَاحِبَهَا كَمَا يُرْبِي الرَّجُلُ مِنْكُمْ مُهْرَهُ أَوْ فَصِيلَهُ، حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ عِنْدَ اللهِ مِثْلُ أُحُدٍ،
54
وَذَلِكَ فِي كِتَابِِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾، وقَالَ: ﴿أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ "
٣٨ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيَرْةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلّا طَيِّبًا، وَلا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ إِلا طَيِّبٌ، إِلّا هُوَ يَضَعُهَا فِي يَدِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، حَتَّى إِنَّ التَّمْرَةَ لَتَكُونُ مِثْلُ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ "
٣٩ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثور، عَن ابْن جُرَيْج، عَن ابْن عَبَّاس، فِي قوله: " ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا﴾، قَالَ: يَنْقُصُ الرِّبَا، ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾، قَالَ: يَزِيدُ فِيهَا "
55
٤٠ - أَخْبَرَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان، عَن جويبر، عَن الضَّحَّاك، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ قفال " أما ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا﴾ فإن الربا تربو فِي الدنيا وتكثر، ويمحقه الله فِي الآخرة وَلا يبقي لأهله مِنْهُ شَيْء، وأما قوله: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ فإِنَّ اللهَ يأخذها من المتصدق قبل أن تصل إِلَى المتصدق عَلَيْهِ، فما يزال الله عزَّ وجلَّ يربيها حَتَّى يلقى الله صاحبها ربه فيعطيها إياه، وتكون الصدقة فيما يربي الله التمرة أَوْ نحوها، فما يزال الله يربيها حَتَّى تكون مثل الجبل العظيم "
٤١ - أَخْبَرَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، عَن الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا﴾، يذهبه كَمَا يمحق القمر، ويمحق الرَّجُل إِذَا انتقص ماله
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ الآيَة
٤٢ - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ الَّتِي فِي آخِرِ
56
سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ فَتَلاهُنَّ عَلَى النَّاسِِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ "
٤٣ - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَاوَرْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيَرْةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ: " الرِّبَا سَبْعُونَ، أَهْوَنُهَا كَالَّذِي يَنْكِحُ أُمَّهُ "
٤٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: " آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةُ الرِّبَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ "
57
٤٥ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سعد، عَن محمد بْن إِسْحَاق، عَن يزيد بْن رومان، عَن عُرْوَة بْن الزبير، قَالَ " وَكَانَ من عظماء من بْن مخزوم بْن يقظة أَوِ ابْن فلان بْن مرة الوليد بْن الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد اللهِ بْن محزوم: وَلَمَّا حضرت
الوليد بْن الْمُغِيرَةِ الوفاة دعا بنية، وكانوا ثلاثة: هشام بْن الوليد، والوليد بْن الوليد، وخَالِد بْن الوليد، فَقَالَ: يَا بْني أوصيكم بثلاث فلا تضيعوا فيهن: دمي فِي خزاعة فلا تطلنه، والله إِنِّي لأعلم أنهم مِنْهُ برآء، ولكني أخشى أن تسبوا بِهِ بعد الْيَوْم، ورباي فِي ثقيف فلا تدعوه حَتَّى تأخذوه، وعقاري عِنْد أَبِي أزيهر الدوسي فلا يفوتنكم بِهِ " قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: فذكر لي بعض أَهْل العلم أن هَؤُلَاءِ الآيات نزلت فِي تحريم مَا بقي من الربا بأيدي النَّاسَ نزلت، فَقَالَ: طلب خَالِد بْن الوليد ذَلِكَ الربا: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ إِلَى آخِرِ القصة فِيهَا
58
٤٦ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جرج، عَن مجاهد، فِي قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ " كانوا فِي الجاهلية يدخل أَوْ يحل عَلَى الرَّجُل الدين، فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عَني، فيؤخر عَنْه "
٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أَبِي عُمَر، قَالَ سُفْيان لمن عِنْده: " أي الربا هُوَ أربى؟ قَالَوا: أي شَيْء هُوَ؟ قَالَ: أن يكون للرجل عَلَى الرَّجُل دين فيأبيه، فيقول: ائتني حقي، فيقول: أزيدك وأخرني، فَهُوَ أربى الربا، قَالَ: وأشد الربا مَا نهى الله عَنْه"
٤٨ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ الآيَة، قَالَ " نزلت فِي الْعَبَّاس بْن عَبْد المطَّلِب ورجل من بني الْمُغِيرَة، كَانَ شريكين فِي الجاهلية يسلفان فِي الربا إِلَى أناس من ثقيف، وهم بنو عَمْرو بْن عُمَيْر، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة فِي الربا، فَأَنْزَلَ اللهُ جل ثناؤه: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾.
59
٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الوارث بْن سَعِيد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرو، عَن الحَسَن، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ " بقايا بقيت من الربا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾
٥٠ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله عزَّ وجلَّ: " ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾، فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الرِّبَا لا يَنْزِعُ عَنْهُ، فَحَقٌّ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ نَزَعَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ "
٥١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ : اسْتَيْقِنُوا بِحَرْبٍ
٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، قَالَ:
60
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلاحَكَ لِلْحَرْبِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ﴾ الآيَةُ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ الآيَة
٥٣ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ﴾ : فَتُرْبُونَ، ﴿وَلا تُظْلَمُونَ﴾ : فَتُنْقَصُونَ "
٥٤ - حَدَّثَنَا محمد بْن عليّ الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد، عَن قَتَادَةُ، قوله: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ " المال الَّذِي لَهُمْ عَلَى ظهور الرجال، جَعَلَ لَهُ رؤوس أمولهم لما نزلت هَذِهِ الآيَة، فَأَمَّا الربح والفضل فليس لَهُمْ أن يأخذوا مِنْهُ شيئا "
61
٥٥ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو عَبْد الرَّحْمَن، عَن أسباط، عَن السدي: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ " الَّتِي سلمتم وسقط الربا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ﴾
٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ﴾ يَقُولُ: " برأس المال "
٥٧ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، عَن جويبر، عَن الضحاك، قَالَ " لما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم، فَقَالَ: من كَانَ معسرا فنظرة إِلَى مَيْسرة، وأن تصدقوا خير لَكُمْ، النظرة واجبة وخير الله الصدقة عَلَى النظرة
٥٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن سَعِيد بْن أَبِي عروبة، عَن قَتَادَةُ " ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾، برأس ماله
٥٩ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَإِنْ كَانَ ذُو
62
عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}، هَذَا فِي شَأْنِ الرِّبَا، وَأَنْ تَصَدَّقُوا بِهَا لِلْمُعْسِرِ فَتَتْرُكُوهَا لَهُ " وقَالَ الضَّحَّاك: أما قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ " فَهُوَ فِي شأن الربا " قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾
٦٠ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن جَابِر، عَن أَبِي جعفر: " وَإِنْ كَانَ
ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ، قَالَ: الموت
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
٦١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عليّ النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرازق، عَن الثَّورِي، عَن مُغِيرة، عَن إِبْرَاهِيم، فِي قوله عزَّ وجلَّ: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قَالَ " برأس المال "
63
٦٢ - حَدَّثَنَا أَبِو يَحْيَى زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، عَن جويبر، عَن الضحاك، فِي قوله تبارك وتعالى فِي شأن الربا، فَقَالَ " لما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم، فَقَالَ: " من كَانَ معسرا فنظرة إِلَى مَيْسرة، وأن تصدقوا خير لَكُمْ، النظرة واجبة، وخير الله الصدقة عَلَى النظرة، والصدقة لكل معسر، فَأَمَّا للموسر فلا، وكذلك كُلّ دين عَلَى مسلم "
٦٣ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ يَقُولُ: " تصدقوا برؤوس أموالكم عَلَى الفقير خير لَكُمْ، فتصدق بِهِ الْعَبَّاس " وقَالَ قَتَادَةُ: " وأن تصدقوا بأصل المال خير لَكُمْ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾ الآيَة
٦٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " آخِرُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ "
٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾ الآيَةُ، قَالَ: وَكَانَ بَيْنَ نُزُولِهَا وَبَيْنَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا " وَقَالَ السدي: " آخر آيَة نزلت ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾
٦٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ الأَعْرَجِ، عَنِ
65
ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ أَنَّ اللهَ أَحَلَّهُ وَأَذِنَ فِيهِ، وَيَتْلُو: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ الآيَةَ "
٦٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَة، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ، أَحَلَّهُ اللهُ وَأَذِنَ فِيهِ، أَمَا تَقْرَءُونَ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾، فَسَوَاءٌ بَاعَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَاكْتَتَبَ ذَهَبًا، أَوْ أَعْطَى ذَهَبًا إِلَى أجل واكتتب طعاما "
٦٨ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْن يزيد المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن معاوية الفَزَارِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جويبر بْن سَعِيد، عَن الضَّحَّاك، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ " فما كَانَ من بيع إِلَى أجل مسمى صغير أَوْ كبير، فإِنَّ اللهَ قَدْ أمر فِيهِ بالْكِتَاب والبينة إِلَى
أجله، وقَالَ: ﴿وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾
66
٦٩ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثور، عَن ابْن جُرَيْج: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ﴾ الآيَة، قَالَ " فمن داين فليكتب ومن بايع فليشهد
٧٠ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾، فَأَمَرَ بِالشَّهَادَةِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْمُكَاتَبَةِ، لِكَيْ لا يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ جُحُودٌ وَلا نِسْيَانٌ، فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ عَصَى "
٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا بندار، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَن فراس، عَن الشَّعْبي، عَن أَبِي بُردَة بْن أَبِي مُوسَى " ثلاثة يدعون الله وَلا يستجاب لَهُمْ: رَجُل كَانَ لَهُ دين عَلَى رَجُل فلم يشهد " وذكر الحديث
٧٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصباح، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير، عَن ليث، عَن مجاهد، عَن ميمون أَبِي عَمْرو الْأَزْدِيّ، قَالَ " ثلاثة لا يستجاب لَهُم: رَجُل دان دينا إِلَى أجل فلم يشهد عَلَيْهِ " وذكر بقية الحديث
67
٧٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن محمد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِو الربيع، قَالَ: حَدَّثَنَا حمَّاد، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْن أَبِي نجيح، عَن مجاهد، قَالَ " ثلاثة لا يستجاب لَهُمْ دعوة: رَجُل باع ولم يشهد ولم يكتب " وذكر بقية الحديث
٧٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: تَلا: " ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، حَتَّى بَلَغَ: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾، قَالَ: هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ﴾
٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ قَالَ " بالحق
٧٦ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ قَالَ " أمر الكاتب أن يكتب بينهما بالعدل
68
٧٧ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَن ابْن أَبِي نجيح، عَن مجاهد، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ قَالَ " واجب عَلَى الكاتب أن يكتب
٧٨ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاج، عَن ابْن جُرَيْج، قَالَ: قُلْتُ يعني لعطاء " ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ أواجب أن لا يأبى أن يكتب، قَالَ: نعم " قَالَ: وقلت لعطاء: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ: " هُمْ الَّذِين قَدْ شهدوا، وَلا يضر إنسانا إن لم يشهد إن شاء " قَالَ ابْن جُرَيْج: قلت لعطاء: فما شأنه إِذَا دعي إِلَى أن يكتب، وجب عَلَيْهِ أن لا يأبى، وإذا دعي ليشهد لم يجب عَلَيْهِ أن يشهد إن شاء؟ قَالَ: " كذلك يجب عَلَى الكاتب أن يكتب، وَلا يجب عَلَى الشاهد أن يشهد إن شاء
، الشهود كثيرة
69
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ﴾
٧٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا الخفاف، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن جَابِر، عَن عامر، وعطاء ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ﴾ قالا: " إِذَا لم يجدوا كاتبا يكتب لَهُمْ ودعيت، فلا تأب أن تكتب لَهُمْ
٨٠ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ قَالَ " إن كَانَ فارغا قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ﴾
٨١ - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ قَالَ " يعني الَّذِي قبله الحق
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾
٨٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْح بْن عُبَادةُ،
70
فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى قوله: وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد، عَن قَتَادَةُ، يَقُولُ: " لا يكتم مِنْهُ شيئا، اتقى الله شاهد فِي شهادته، لا ينقص مِنْهَا حق، وَلا يزيد فِيهَا باطلا، اتقى الله كاتب فِي كتابته، لا يدعن مِنْهُ حقا، وَلا يزيدن فِيهِ باطلا
٨٣ - أَخْبَرَنَا عَلَى بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: ﴿وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾، لا تبخسني حقي قَالَ فِي مثل: تحسبها حمقاء وهي باخسة أي ظالمة
٨٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله: ﴿وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ يَقُولُ: " لا ينقص مِنْهُ شيئا "
71
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا﴾
٨٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا﴾ قَالَ " السفيه: الصغير، والضعيف: الأحمق "
٨٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يزيد، عَن جويبر، عَن الضَّحَّاك، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا﴾ قَالَ " هُوَ الصبي الصغير، أَوْ ضعيف فِي عقله، لا يعبر عَن نفسه "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ﴾
٨٧ - حَدَّثَنَا عَلَى بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جُرَيْج، قَالَ: أخبرني بعض أَهْل المدينة، أن ابْن المسيّب، كَانَ يَقُولُ: " فليملل وليه الَّذِي لَهُ الحق "
٨٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله: ﴿أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ " يعني بالولي: طَالِب الحق
72
٨٩ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، عَن الفراء، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾، قَالَ: معناه وُلَّي الدين، يعني طالبه، وقد تكون هَذِهِ الهاء لولي المطلوب " قَالَ أَبُو عُبَيْد: " يعني إن كَانَ المطلوب سفيها أَوْ ضعيفا، كَانَ وليه القائم بذلك مكانه "
٩٠ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف، عَن سُفْيان، عَن يونس، عَن الحَسَن، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ " بالحق " قَالَ: " وُلَّي اليتيم الَّذِي يجوز عَلَيْهِ أمره، يدون عَلَى اليتيم الحق، فَهُوَ وليه بالعدل، هُوَ الَّذِي يمل بالحق "
٩١ - حَدَّثَنَا عليّ بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَن ابْن جُرَيْج، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ قَالَ " كُنَّا نقول: وُلَّي السفيه والضعيف "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿بِالْعَدْلِ﴾
٩٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ قَالَ " بالحق "
73
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾
٩٣ - حَدَّثَنَا عليّ بْن الحَسن، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، عَن سُفْيان، عَن ابْن أَبِي نجيح، عَن مجاهد، فِي هَذَا الآيَة: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ قَالَ " من الأحرار "
٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَن سَعِيد، عَن قَتَادَةُ، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ إِلَى قوله وَامْرَأَتَانِ﴾ " يعلم الله أن بينكم حقوقا، فأخذ لبعضكم من بعض بالثقة، فخذوا بثقة الله، فإنه أطوع لربكم وأدرك لأموالكم، ولعمري لئن كَانَ تقيا لا يزيده الْكِتَاب إلّا خيرا، ولئن كَانَ فاجرا ليخش الله "
٩٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾، قَالَ: كَانَ إِذَا بَاعَ بِالنَّقْدِ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ "
74
قَالَ مُجَاهِدٌ: " وَإِذَا بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ كَتَبَ وَأَشْهَدَ
٩٦ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن، عَن إِسْرَائِيل، عَن منصور، عَن مجاهد، قَالَ " كَانَ أَهْل مكَّةَ وأهَلِ المدينة لا يجيزون شهادة العبد "
٩٧ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا هشام، عَن عَبْد الملك، عَن عطاء، قَالَ " لا تجوز شهادة العبد
٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو سعد، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُوَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، عَن زَكَرِيَّا، عَن الشَّعْبي " لا تجوز شهادة امْرَأَة وعَبْد فِي حد "
٩٩ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: " قَدْ قَبِلَهَا قَوْمٌ عُلَمَاءٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، مِنْهُمْ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُمَا، يُحَدَّثُونَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، " عَنْ شَهَادَةِ الْعَبْدِ، فَقَالَ: جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلا "
١٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بْن المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأنصَارِيّ، عَن أشعث، عَن مُحَمَّد، عَن شُرَيْح، " أَنَّهُ كَانَ يجيز شهادة العبيد
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾
١٠١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن نصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا عليّ بْن معبد، قَالَ: وأَبُو المليح عِنْده سئل الزُّهْرِيّ " هَلْ تجوز شهادة النِّسَاء؟ قَالَ: تجوز فيما ذكر الله عزَّ وجلَّ من الدين، وَلا تجوز فِي غير ذَلِكَ "
75
١٠٢ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن، عَن سُفْيان، عَن ثور، عَن مكحول، قَالَ " لا تجوز شهادة النِّسَاء إلّا فِي الدين "
١٠٣ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا هشام، عَن حَجَّاج، عَن عطاء " أجاز شهادة النِّسَاء فِي النكاح " قَالَ أَبُو عُبَيْد: " وهذا قول أَهْل العراق، يرون شهادة النِّسَاء جائزة فِي النكاح والعتاق والطلاق وكل شَيْء، إِذَا كَانَ معهن رَجُل سوى الحدود والقصاص "
١٠٤ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سبرةَ أَنَّ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، أَخْبَرَهُ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ، إِلّا عَلَى مَا لا يَطِّلِعُ عَلَيْهِ إلّا هُنَّ مِنْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ حَمْلِهِنَّ وَحَيْضِهِنَّ "
١٠٥ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَن عَبْد الملك، عَن عطاء، قَالَ " تجوز شهادة النِّسَاء فِي الاستهلال، وَلا يجوز فِي ذَلِكَ أقل من أربع "
١٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ: " أَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، فَإِنَّهُمْ يُجِيزُونَ فِي ذَلِكَ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ "
76
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾
١٠٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن إدريس، عَن أَبِيهِ، عَن الأعمش، عَن إِبْرَاهِيم، فِي قوله: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ " الَّذِي لم يعلم، أَوْ ير لَهُ حرابة "
١٠٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ حَبِيبٍ، قَالَ: " سَأَلَ عُمَرُ، عَنْ رَجُلٍ، فَقَالُوا: لا نَعْلَمُ إِلّا خَيْرًا، قَالَ: حَسْبُكَ "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾
١٠٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا يزيد بْن زريع، عَن يونس، عَن الحَسَن، فِي هَذِهِ الآيَة: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ قَالَ: أن تنسى
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾
١١٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا مجاهد بْن مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْن عيينة، يَقُولُ: " حفظت الحديث منذ خمس وسبعين سنة، وقد نسيت، ولكن إِذَا ذكرت ذكرت، هُوَ مثل قول الله جَلَّ وَعَزَّ: {فَتُذَكِّرَ
77
إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} لو قِيلَ لي: هَذَا فلان ثُمَّ لم يكن هُوَ، لقلت: لا، ولو قِيلَ: هُوَ خلفك فالتفت فنظرت إِلَيْهِ، لقلت: نعم، فهذا لَيْسَ هُوَ هَذَا
١١١ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْدة، قَالَ: حَدَّثتُ عَن سُفْيان بْن عُيَيْنَة، أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ تأويل قوله: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾ من الذكر بعد النسيان، إِنَّمَا هُوَ من الذكر، يعني أنها إِذَا شهدت مَعَ الأخرى صارت شهادتها كشهادة الذكر
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾
١١٢ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله: " ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، يَعْنِي: مَنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ، فَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْبَى إِذَا مَا دُعِيَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾، الإِضْرَارُ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ وَهُوَ عَنْهُ غِنَيٌّ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكَ أَنْ لا تَأْبَى "
78
١١٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن علية، عَن يونس، عَن الحَسَن، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ " إِذَا ابتدئ ليشهد، وإذا دعي ليقيمها
١١٤ - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرازق، عَن مَعْمَر، عَن قَتَادَةُ، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ " لا تأب أن تشهد إِذَا مَا دعيت إِلَى الشهادة
١١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا هناد بْن السري، عَن وكيع، عَن عمران بْن حدير، قَالَ: قُلْتُ لأبي مِجْلَز: إِنِّي أدعى إِلَى الشهادة وأنا أكره، قَالَ " دع مَا تكره، ولكن إِذَا شهدت ودعيت فأجب "
١١٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هشيم،
عَن أَبِي عامر المُزَني، قَالَ: سَمِعْتُ عطاء، يَقُولُ: " ذَلِكَ فِي إقامة الشهادة
79
١١٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هشيم، عَن يونس، عَن عِكْرِمة، أَنَّهُ قَالَ: " ذَلِكَ إقامة الشهادة، وَلا يأب الشهداء إِذَا مَا دعو إِلَى إقامتها
١١٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى محمد بْن المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا سلم بْن قتيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيك، عَن سالم الأفطس، عَن سَعِيد بْن جُبَيْر، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ " الَّذِي معه الشهادة
١١٩ - حَدَّثَنَا عليّ بْن الحُسَن، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، عَن سُفْيان، عَن ابْن أَبِي نجيح، عَن مجاهد، فِي هَذِهِ الآيَة: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ " إِذَا كَانَ قَدْ أشهد فلا يأبى
١٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرو، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن ليث، عَن مجاهد، فِي قوله: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قَالَ " إِذَا كانت عندك شهادة فأقمها، فَأَمَّا إِذَا دعيت لتشهد، فإن شئت فاذهب، وإن شئت فلا تذهب
80
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾
١٢١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى ابْن آدم، عَن شَرِيك، فِي قوله: ﴿وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ قَالَ " الحق
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾
١٢٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف، قَالَ: قَالَ سُفْيان، فِي قوله: " ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾ : أعدل عَند الله "
١٢٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾ قَالَ " أعدل عَند الله
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾
١٢٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف، قَالَ: قَالَ سُفْيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾ : أثبت للشهادة "
81
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾
١٢٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرو، عَن أسباط، عَن السدي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ قَالَ " أن لا تشكوا فِي الشهادة
١٢٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف، قَالَ: قَالَ سُفْيان، " فِي قوله: ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾، قَالَ: أن لا تشكوا "
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾
١٢٧ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِو يَحْيَى بْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن معاوية، عَن جويبر، عَن الضَّحَّاك: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ قَالَ " وهذا بيع اليد باليد، فلا جناح عَلَيْكُمْ أن لا تكتبوها، ولكن أشهدوا عليها إِذَا تبايعتم بِهَا، فأمر الله بالبيع الحاضر أن يشهد عَلَيْهِ مَا كَانَ من قليل أَوْ كثير
82
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾
١٢٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانُ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: " ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾، قَالَ: صَارَ الأَمْرُ إِلَى الأَمَانَةِ "
قوله: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾
١٢٩ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا هشام، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان التَّيْمي، قَالَ: سَأَلت الحَسَن عنها، فَقَالَ " إن شاء أشهد وإن شاء لم يشهد، أَلا تسمع قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾
١٣٠ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمان، قَالَ: حَدَّثَنَا حمَّاد بْن زيد، عَن أيّوب، فِي هَذِهِ الآيَة: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ قَالَ " هُوَ بالخيار
١٣١ - حَدَّثَنَا عليّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاج، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَن دَاوُد، عَن الشَّعْبي: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ قَالَ " إن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد
83
١٣٢ - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن ثور، عَنْ ابْن جريج، قَالَ: وَقَالَ عطاء فِي قوله: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ " عَلَى الدرهم والنصف درهم
١٣٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، عَنْ سفيان، عَنْ ليث، عَنْ مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ قَالَ " إِذَا كَانَ نسيئة كتب، وإذا كَانَ نقدا أشهد
١٣٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا زياد بْن الربيع، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُل، " أن جَابِر بْن زيد اشترى سوطا فأشهد وقَالَ: قَالَ اللهُ
عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾
١٣٥ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان، عَن جويبر، عَن الضَّحَّاك: ﴿تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ قَالَ " هَذَا بيع اليد باليد، فلا جناح عَلَيْكُمْ أن لا تكتبوها، ولكن أشهدوا عليها إِذَا تبايعتم بِهَا، فأمر الله عزَّ وجلَّ بالبيع الحاضر أن يشهد عَلَيْهِ مَا كَانَ من قليل أَوْ كثير "
84
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾
١٣٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذَا الآيَةِ: " ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾، قَالَ: يَأْتِي الرَّجُلُ الرَّجُلَيْنِ فَيَدْعُوهُمَا إِلَى الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةِ، فَيَقُولانِ: إِنَّا عَلَى حَاجَةٍ، فَيَقُولُ: إِنَّكُمَا قَدْ أُمِرْتُمَا أَنْ تُجِيبَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارَّهُمَا "
١٣٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أَبِي عُمَر، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيان، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمة، أن عمرا قرأ: " ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾، قَالَ سُفْيان: هُوَ الرَّجُل يأتي الرَّجُل فيقول: لا أريد إلّا أنت لينظر غيره، والشهيد أن يأتي الرَّجُل ليشهده، فيقول: أنَاَ مشغول فانظر غيري، فلا يضاره، فيقول: لا أريد غيرك ليشهد غيره "
١٣٨ - حَدَّثَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ منهال، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَن يونس، قَالَ عِكْرِمة: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ قَالَ " لا يضار، يَقُولُ لَهُ: تعال فاشهد، وهُوَ يجد عَنْه مندوحة " وقَالَ الكلبي مثل ذَلِكَ
85
١٣٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاج، عَن ابْن جُرَيْج، قَالَ: أخبرني ابْن كثير، عَن مجاهد، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ وأنه
كَانَ يَقُولُ فِي تأويلها: " ينطلق الَّذِي لَهُ الحق فيدعو كاتبه أَوْ شاهده إِلَى أن يشهد لَهُ، ولعله أن يكون فِي شغل لَهُ أَوْ حاجة، ليؤثمه أن يرد ذَلِكَ حينئذ لشغله أَوْ حاجته "
١٤٠ - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرازق، عَن مَعْمَر، عَن ابْن طاووس، عَن أَبِيهِ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ " إِذَا دعي الرَّجُل وله حاجة
١٤١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلَى بْن عمران، عَن عُبَيْد بْن سُلَيْمَان، عَن الضَّحَّاك: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ " فإنه الرَّجُل يدعو الكاتب أَوِ الشاهد وهما فِي حاجة مهمة، فيقول الشاهد أَوِ الكاتب: إنا نطلب طلبة وحاجة لَنَا فالتمس غيرنا، فيقول لهما الَّذِي يدعوهما: إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قَدْ أمركما أن تجيبا الشهادة والْكِتَاب، فلا يحل لكما أن تتركا ذَلِكَ، فيضارهما بذلك، فأمر أن لا يضارهما، وأن يتركهما لحاجتهما، وذلك الضرار وأما لا يضارر فهي قراءة ابْن مسعود
86
١٤٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ قَالَ " هُوَ الرَّجُل يدعو الكاتب أَوِ الشاهد ولهما حاجة، فيطلب طلبه، فيقولا: التمس غيرنا، فيقول: قَدْ أمركما الله أن تشهدا وتكتبا، ليضارهما بذلك، فأمره الله عزَّ وجلَّ أن لا يضار الكاتب وَلا الشاهد، ويلتمس غيرهما، قَالَ:
فإن لم تفعلوا ﴿فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾
١٤٣ - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاج، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَن يونس، عَن الحَسَن: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ قَالَ " لا يضار الكاتب فيكتب غير الحق، وَلا يضار الشهيد فيشهد بغير الحق
١٤٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عليّ النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَن مَعْمَر، عَن قَتَادَةُ، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ قَالَ " لا يضار كاتب فيكتب مَا لم يملل عَلَيْهِ، وَلا شهيد فيشهد بما لم يشهد
١٤٥ - حَدَّثَنَا محمد بْن عليّ النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَن ابْن جُرَيْج، عَن عطاء، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ قَالَ " أن يؤديا مَا قبلهما
87
١٤٦ - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن معاوية، قَالَ: حَدَّثَنَا جويبر، عَن الضَّحَّاك، فِي قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ " نسخت ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾
١٤٧ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾، يَعْنِي: بِالْفُسُوقِ الْمَعْصِيَةَ "
١٤٨ - أَخْبَرَنَا علي
بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾، الفسوق: المعصية فِي هَذَا الموضع
١٤٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَن ابْن حيَّان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ يَقُولُ: " إن لم تفعلوا مَا أمرتكم بِهِ فِي آيَة الدين، فإنه إثم بِكُمْ ومعصية تركبونها " قَالَ سُفْيان: ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ " معصية
88
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾
١٥٠ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قرأ: " ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾، قَالَ: قَدْ يُوجَدُ الْكَاتِبُ وَلا يُوجَدُ الْقَلَمُ وَالدَّوَاةِ وَلا الصَّحِيفَةِ "
١٥١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ " فَقَدْ وُجِدَتِ الدَّوَاةُ وَالصَّحِيفَةُ، فَإِنَّمَا هِيَ كِتَابٌ وَلَيْسَتْ كَاتِبًا، فَإِذَا قُلْتَ: كَاتِبًا فَقَدْ جَمَعْتَ الْكِتَابَ وَالْكَاتِبَ
١٥٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن الحَكَم بْن إبان، قَالَ: حَدَّثَني أَبِي، عَن عِكْرِمة، فِي قوله: " ﴿وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾، قَالَ: لَيْسَ يعني بِهِ الْكِتَاب، قَالَ ابْن عَبَّاس: الْكِتَاب كثير ولكن يعني القرطاس والدواة
89
١٥٣ - حَدَّثَنَا عليّ، عَن أَبِي عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن ابْن نجيح، عَن مجاهد، أَنَّهُ قرأها: " فإن لم تجدوا كتابا " وقَالَ: " قَدْ يوجد الكاتب وَلا توجد الصحيفة "
١٥٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يَقْرَأُهَا: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: " قَدْ تُوجَدُ الدَّوَاةُ وَلا تُوجَدُ الصَّحِيفَةِ، وَرُبَّمَا وُجِدَ الْكَاتِبُ وَلا تُوجَدُ الصَّحِيفَةُ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾
١٥٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى، قَالَ: قرأت عَلَى شَرِيك، عَن سالم الأفطس، عَن سَعِيد بْن جُبَيْر، قَالَ: لا يكون الرهن إلّا مقبوضا، ثُمَّ قرأ: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾
١٥٦ - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن يزيد المقرئ أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن معاوية، عَن جويبر، عَن الضَّحَّاك: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ " يعني
90
بذلك أن لا يصلح إن كَانَ بيع فِي سفر، إِذَا وجد كتابا أن يأخذ رهنا، ولكن ليكتب حقه إِلَى أجله قَالَ: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ﴾ :﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾ فإنه يكتب ويشهد وَلا يأخذ رهنا إِذَا وجد كتابا كتب كَمَا قَالَ اللهُ فِي كفارة اليمين: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ﴾ وكما قَالَ فِي موضع آخر: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ فهذا يشبه بعضه بعضا، وآية الدين حَكَم حكمه الله وفصله وبينه، فليس لأحد أن يخير فِي حَكَم الله
١٥٧ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، عَن جُوَبْير، عَن الضَّحَّاك، قَالَ: مَا كَانَ من بيع حاضر أمر الله أن يشهدوا، وَمَا كَانَ من بيع إِلَى أجل مسمى أمر الله أن يكتب ويشهد عَلَيْهِ وذلك فِي المقام،
فَإِذَا كَانَ فِي السفر فتبايعوا ولم يجدوا كتابا، يعني بالْكِتَاب إِذَا وجدوا الصحيفة والْكِتَاب والدواة، فإن لم يجدوا ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ يَقُولُ: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ وليأمن بعضكم بعضا
91
١٥٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عبدة، قَالَ: حَدَّثَنَا حمَّاد بْن زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أَبِي نجيح، عَن عطاء، أَنَّهُ " كَانَ لا يرى بأسا بالرهن والقبيل فِي السلف " وكره ذَلِكَ مجاهد وَقَالَ: " يكره الرهن إلّا فِي السفر
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾
١٥٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عليّ النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَن الثَّورِي، وابن عُيَيْنَة، عَن ابْن شُبْرمةُ، عَن الشَّعْبي، فِي قوله: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ " لا بأس إِذَا أمنته أَلا تكتب وَلا تشهد قَالَ ابْن عُيَيْنَة: قَالَ الشعبي: " إِلَى هَذَا انتهى ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾
١٦٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شجاع، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: أخبرني العلاء بْن المسيب، أنَه سَمِعَ الحَكَم، يَقُولُ: " نسخت هَذِهِ الشهود
92
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾
١٦١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَزَلَتْ فِي الشَّهَادَةِ: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ "
١٦٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا سلم بْن قتيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا فضيل، عَنْ عطية: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ قَالَ " بعد مَا يشهد
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾
١٦٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَعَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالا: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: " ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾، قَالَ: نَزَلَتْ فِي كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وَإِقَامَتِهَا " ورواه نصر بْن عليّ عَن معتمر، عَن أَبِيهِ، عَن يزيد بْن أَبِي زياد، عَن مجاهد، عَن ابْن عَبَّاس
93
١٦٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى، قَالَ: سئل دَاوُد بْن أَبِي هند، عَن قوله: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآيَة، فحَدَّثَنِي دَاوُد، عَن عِكْرِمة، قَالَ " هِيَ فِي الشهادة إِذَا كتمها
١٦٥ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله عَزَّ وَجَلَّ: " ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾، فَإِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ، وَلَكِنَّ اللهَ إِذَا جَمَعَ الْخَلائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِمَا أَخْفَيْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ مِمَّا لَمْ يَطَّّلِعْ عَلَيْهِ مَلائِكَتِي، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُخْبِرُهُمْ وَيَغْفِرُ لَهُمْ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَهُوَ قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾، يَقُولُ: يُخْبِرْكُمْ، فَأَمَّا أَهْلُ الشَّكِّ وَالرِّيَبِ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا أَخْفَوْا مِنَ التَّكْذِيبِ، وَهُوَ قوله: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾، وَهُوَ قوله: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ "
١٦٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا شجاع، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن علية، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن نجيح، عَن مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾ قَالَ " من الشك واليقين
94
١٦٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمَيَّةَ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ، " عَنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾ و ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾، فَقَالَتْ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ هَذِهِ مُتَابَعَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعَبْدِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْحُمَّى وَالنَّكْبَةِ وَالشَّوْكَةِ، حَتَّى الْبِضَاعَةُ يَضَعُهَا الرَّجُلُ فِي كُمِّهِ فَيَفْقِدُهَا، فَيَفْزَعُ لَهَا فَيَجِدُهَا فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ التَّبْرُ الأَحْمَرُ مِنَ الْكِيرِ "
١٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾، قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْهَا مِنْ شَيْءٍ، قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا، قَالَ: فَأَكْفَأَ اللهُ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، قَالَ: فَأَنَزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾، الآيَةَ: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا الآيَةَ، إِلَى قوله: أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، {
95
رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا}، قَالَ: فَعَلْتُ ﴿وَاعْفُ عَنَّا إِلَى قوله: فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ "
١٦٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَرَأَ: " ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِلَى قوله: وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فَبَكَى فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: يَابْنَ عَبَّاسٍ، كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ آنِفًا، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ فَبَكَى، فَقَالَ أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقْلُتُ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِلَى قوله: وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فَضَحِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللهُ ابْنُ عُمَرَ، أَوَ مَا يَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ وَكَيْفَ أُنْزِلَتْ؟ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ حِينَ أُنْزِلَتْ غَمَّتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: يَا رَسُولََ اللهِ، هَلَكْنَا إِنْ كُنَّا نُؤَاخَذُ بِمَا تَكَلَّمْنَا وَمَا نَعْمَلُ، فَأَمَّا قُلُوبُنَا فَلَيْسَتْ بِأَيْدِينَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْه وَسَلَّمَ: قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى قوله لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾، فَتَجَوَّزَ لَهُمْ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَأُخِذُوا بِالأَعْمَالِ "
١٧٠ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ،
96
عَنْ أَبِي هُرَيَرْةَ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ﴾ الآيَةُ، اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْعَمَلِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاةُ وَالصَّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ هَذَهِ الآيَةَ وَلا نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، أَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي إِثْرِهَا: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ﴾ الآيَةَ، فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ، فَأَنْزَلَ الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَى: مَا اكْتَسَبَتْ﴾، فَصَارَ لَهُ مَا كَسَبَ مِنْ خَيْرٍ، وَعَلَيْهِ مَا اكْتَسَبَ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: فَنَسَخَتْ هَذِهِ مَا كَانَ قَبْلَهَا، قَالُوا: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ﴿وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾، إِلَى آخِرِ الآيَةِِ "
١٧١ - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا حجاج بْن منهال، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم، عَنْ سيار أبي الحكم
، عَنْ الشعبي، عَنْ أبي عبيدة بْن عَبْد اللهِ بْن مسعود، فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾، قَالَ: نسختها الآيَة الَّتِي بعدها: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ "
97
وَقَالَ الحسن " نسختها: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ " وَقَالَ قتادة وإبراهيم مثل ذَلِكَ
قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾
١٧٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: قَالَ سفيان فِي قوله: " ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، قَالَ: يغفر لمن يشاء بالكبير، ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ بالصغير " قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾
١٧٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ موسى بْن عبيدة، عَنْ خالد بْن زيد، عَنْ محمد بْن كعب القرظي، قَالَ " مَا بعث الله من نبي وَلا أرسل مِنْ رَسُولِ أنزل عَلَيْهِ الْكِتَاب، إِلا أنزل عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَة: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ كانت الأمم تأبى عَلَى أنبيائها
ورسلها، ويقولون: نؤاخذ بما نحدث بِهِ أنفسنا ولم تعمله جوارحنا، فيكفرون ويضلون، فَلَمَّا نزلت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتد عَلَى المسلمين مَا اشتد عَلَى الأمم قبلهم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نؤاخذ بما نحدث بِهِ أنفسنا، ولم تعمله جوارحنا، فَقَالَ: " نعم، اسمعوا وأطيعوا، واطلبوا إِلَى ربكم "، فذلك قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى قوله: غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ قَالَ: فوضع الله عَزَّ وَجَلَّ عنهم حديث الأنفس،
إِلا مَا عملت الجوارح ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ الآيَة
١٧٤ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن داود، قَالَ: حَدَّثَنَا البسطامي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الصمد، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن سويد، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن يعمر يقرأ " والمؤمنون كُلّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا يفرق بين أحد من رسله " يقول: " كُلّ آمن كُلّ لا يفرق
١٧٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ إِلَى قوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ قَالَ " هَذَا قول قاله الله عَزَّ وَجَلَّ، وقول
99
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقول الْمُؤْمِنِينَ، فأثنى الله عَلَيْهِمْ لما علم أمر إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله " ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ يعني: " لا يكفرون بما جَاءَ بِهِ الرَّسُول وَلا يكذبونه، وَلا يفرقون بين أحد منهم قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾
١٧٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: حدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ يقولون " سمعنا للقرآن الَّذِي جَاءَ مِنَ اللهِ "، ﴿وَأَطَعْنَا﴾ :" أقروا عَلَى أنفسهم بطاعته، أن يطيعوه فيما أمرهم بِهِ ونهاهم عنه
١٧٧ - قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ: " ﴿آمَنَ الرَّسُولُ إِلَى قوله: غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾، قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ "
100
١٧٨ - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: ﴿غُفْرَانَكَ﴾ : مغفرتك، أي: اغفر لَنَا "
١٧٩ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ " علمهم الله كيف يدعونه، فهذا دعاء دعا بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستجاب الله بِهِ، والمؤمنون دعوا فاستجاب لَهُمْ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾
١٨٠ - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾، قَالَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ، قَالَ اللهُ: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾، وَقَالَ: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وَقَالَ: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ "
101
١٨١ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن يزيد، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ قَالَ " إِلا مَا يطيق
١٨٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: غَيْرُ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾، أَيْ: إِنَّكُمْ لا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَمْتَنِعُوا مِنَ الْوَسْوَسَةِ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾
١٨٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ موسى بْن عبيدة، عَنْ خالد بْن زيد، عَنْ محمد بْن كعب القرظي، ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ " لها مَا كسبت من خير، وعليها مَا اكتسبت من شر
١٨٤ - حَدَّثَنَا عَلَى بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: " لها مَا كسبت من الخير، وعليها مَا اكتسبت من الشر لنفسها " وَقَالَ السدي ﴿مَا اكْتَسَبَتْ﴾ " مَا عملت من خير، وعليها مَا عملت من شر "
102
قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾
١٨٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ "
١٨٦ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: " ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، قَالَ: لا أُؤَاخِذُكُمْ ﴿رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾، قَالَ: لا أُحَمِّلُكُمْ مَا لا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ، ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا إِلَى قوله: الْكَافِرِينَ﴾، قَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ، وَغَفَرْتُ لَكُمْ، وَرَحِمْتُكُمْ، وَنَصَرْتُكُمْ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ "
103
قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾
١٨٧ - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله: " ﴿إِصْرًا﴾، قَالَ: عَهْدًا "
١٨٨ - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ قتادة، فِي قوله: ﴿وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قَالَ " لا تحمل عَلَيْنَا عهدا " ﴿كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ يقول: " كَمَا غلظ عَلَى الذين من قبلنا
١٨٩ - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة، ﴿إِصْرًا﴾، الإصر: الثقل، كُلّ شَيْء عطفك عَلَى شَيْء من عهد أَوْ رحم فقد أصرك عَلَيْهِ " وَهُوَ الأصر مفتوحة، فمن ذَلِكَ قوله: " لَيْسَ بيني وبينك آصرة رحم تأصرني عَلَيْكَ "
١٩٠ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن يزيد، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك: ﴿إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قَالَ " من الميثاق مَا حملتهم
104
قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾
١٩١ - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: ﴿إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ " اليهود والنصارى فلم يقوموا بِهِ فأهلكتهم "
١٩٢ - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ قتادة: ﴿إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ يقول: " كَمَا غلظ عَلَى الذين من قبلنا قوله جَلَّ وَعَزَّ ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾
١٩٣ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا عمرو، عَنْ أسباط، عَنْ السدي: ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ " من التغليظ والأغلال الَّتِي كانت عَلَيْهِمْ من التحريم
١٩٤ - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، فِي قوله: ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ قَالَ " مسخ القردة والخنازير
105
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا﴾
١٩٥ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله: ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾ يقول: " عافنا من ذَلِكَ، ثُمَّ دعوا ربهم، فَقَالُوا: ﴿وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا﴾ الآيَة قَالَ جبريل: قَدْ فعل
قوله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
١٩٦ - حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد الوهاب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو نعيم، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ أبي إِسْحَاق: " أن معاذا كَانَ إذا فرغ من قراءة هَذِهِ السورة: ﴿فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قَالَ: آمين "
106
سورة البقرة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (البقرةِ) هي أطولُ سورةٍ في القرآنِ العظيم، وفيها أطولُ آيةٍ؛ وهي آيةُ (الدَّين)، وكذلك فيها أعظمُ آيةٍ؛ وهي آيةُ (الكُرْسيِّ)، وإنما جاءت كذلك - لا سيَّما وهي ثاني سورةٍ في القرآن الكريم -؛ لأنها أبانت عن مقصدِ القرآن الأعظم، وفصَّلتْ في أحكامِ الدِّينِ وشرائعه ومعاملاته؛ فافتُتحت ببيانِ مقصدِ هذا الكتاب العظيم؛ وهو {هُدٗى لِّلْمُتَّقِينَ}؛ فهذا الكتابُ إنما نزَل للهداية والإرشاد. ثم أوضَحتِ السُّورةُ ردودَ أفعال الناس تُجاهَ هذا الكتاب، مقسِّمةً إياهم إلى (مؤمن، وكافر، ومنافق)، كما فصَّلتِ الكثيرَ من الشرائع المتعلقة بالصَّدَقات، والطلاق، والمعاملات. ولهذه السُّورةِ فضلٌ عظيم؛ فلا يستطيعها السَّحَرةُ والبَطَلة، كما قُدِّمَ حافظُها على غيره، وكانت تُعطَى له القيادةُ والرياسة؛ لعظيم شأنها، ولِما اشتملت عليه من أحكامٍ. وفيها قصةُ (بقرةِ بني إسرائيل) التي سُمِّيتِ السورة باسمها.

ترتيبها المصحفي
2
نوعها
مدنية
ألفاظها
6140
ترتيب نزولها
87
العد المدني الأول
285
العد المدني الأخير
285
العد البصري
287
العد الكوفي
286
العد الشامي
285

* قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٞ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ اْلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اْللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيْلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: 79]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: {فَوَيْلٞ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ اْلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ}، قال: «نزَلتْ في أهلِ الكتابِ». "خلق أفعال العباد" (ص 54).

* قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَٰبٞ مِّنْ عِندِ اْللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى اْلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ [البقرة: 89]:

عن عاصمِ بن عُمَرَ بن قتادةَ، عن رجالٍ مِن قومِه، قالوا: «إنَّ ممَّا دعانا إلى الإسلامِ  مع رحمةِ اللهِ تعالى وهُدَاه لنا: لَمَا كنَّا نَسمَعُ مِن رجالِ يهُودَ، وكنَّا أهلَ شِرْكٍ أصحابَ أوثانٍ، وكانوا أهلَ كتابٍ، عندهم عِلْمٌ ليس لنا، وكانت لا تزالُ بيننا وبينهم شرورٌ، فإذا نِلْنا منهم بعضَ ما يَكرَهون، قالوا لنا: إنَّه قد تقارَبَ زمانُ نبيٍّ يُبعَثُ الآنَ، نقتُلُكم معه قَتْلَ عادٍ وإِرَمَ، فكنَّا كثيرًا ما نَسمَعُ ذلك منهم، فلمَّا بعَثَ اللهُ رسولَه ﷺ، أجَبْناه حين دعانا إلى اللهِ تعالى، وعرَفْنا ما كانوا يَتوعَّدوننا به، فبادَرْناهم إليه، فآمَنَّا به، وكفَروا به؛ ففينا وفيهم نزَلَ هؤلاء الآياتُ مِن البقرةِ: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَٰبٞ مِّنْ عِندِ اْللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى اْلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعْنَةُ اْللَّهِ عَلَى اْلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 89]». سيرة ابن هشام (1/213).

* قوله تعالى: ﴿مَن ‌كَانَ ‌عَدُوّٗا ‌لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ اْللَّهَ عَدُوّٞ لِّلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «أقبَلتْ يهُودُ إلى النبيِّ ﷺ، فقالوا: يا أبا القاسمِ، نسألُك عن أشياءَ، فإن أجَبْتَنا فيها اتَّبَعْناك، وصدَّقْناك، وآمَنَّا بك.

قال: فأخَذَ عليهم ما أخَذَ إسرائيلُ على بَنِيهِ إذ قالوا: ﴿اْللَّهُ ‌عَلَىٰ ‌مَا نَقُولُ وَكِيلٞ﴾ [يوسف: 66].

قالوا: أخبِرْنا عن علامةِ النبيِّ ﷺ، قال: «تنامُ عيناه، ولا ينامُ قلبُه».

قالوا: أخبِرْنا كيف تُؤنِثُ المرأةُ، وكيف تُذكِرُ؟ قال: «يلتقي الماءانِ؛ فإذا علا ماءُ المرأةِ ماءَ الرَّجُلِ آنثَتْ، وإذا علا ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأةِ أذكَرتْ»، قالوا: صدَقْتَ.

قالوا: فأخبِرْنا عن الرَّعْدِ؛ ما هو؟ قال: «مَلَكٌ مِن الملائكةِ موكَّلٌ بالسَّحابِ، معه مَخاريقُ مِن نارٍ، يسُوقُ بها السَّحابَ حيث شاء اللهُ»، قالوا: فما هذا الصوتُ الذي يُسمَعُ؟ قال: «زَجْرُه بالسَّحابِ إذا زجَرَه، حتى ينتهيَ إلى حيث أُمِرَ»، قالوا: صدَقْتَ.

قالوا: أخبِرْنا ما حرَّم إسرائيلُ على نفسِه؟ قال: «كان يسكُنُ البَدْوَ، فاشتكى عِرْقَ النَّسَا، فلم يَجِدْ شيئًا يلاوِمُه إلا لحومَ الإبلِ وألبانَها؛ فلذلك حرَّمها»، قالوا: صدَقْتَ.

قالوا: أخبِرْنا مَن الذي يأتيك مِن الملائكةِ؛ فإنَّه ليس مِن نبيٍّ إلا يأتيه مَلَكٌ مِن الملائكةِ مِن عندِ ربِّهِ بالرسالةِ وبالوحيِ، فمَن صاحبُك؛ فإنَّما بَقِيَتْ هذه حتى نُتابِعَك؟ قال: «هو جِبْريلُ»، قالوا: ذلك الذي يَنزِلُ بالحربِ وبالقتلِ، ذاك عدوُّنا مِن الملائكةِ، لو قلتَ: ميكائيلُ، الذي يَنزِلُ بالقَطْرِ والرحمةِ؛ تابَعْناك.

فأنزَلَ اللهُ تعالى: ﴿ ‌مَن ‌كَانَ ‌عَدُوّٗا ‌لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ اْللَّهَ عَدُوّٞ لِّلْكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]». أخرجه أحمد (2514).

* قولُه تعالى: {وَدَّ كَثِيرٞ مِّنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ اْلْحَقُّۖ فَاْعْفُواْ وَاْصْفَحُواْ} [البقرة: 109]:

جاء عن كعبِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ كعبَ بنَ الأشرَفِ اليهوديَّ كان شاعرًا، وكان يهجو النبيَّ ﷺ، ويُحرِّضُ عليه كفَّارَ قُرَيشٍ في شِعْرِه، وكان المشركون واليهودُ مِن المدينةِ حين قَدِمَها رسولُ اللهِ ﷺ يُؤذُون النبيَّ ﷺ وأصحابَه أشَدَّ الأذى، فأمَر اللهُ تعالى نبيَّهُ بالصَّبْرِ على ذلك، والعفوِ عنهم؛ وفيهم أُنزِلتْ: {وَدَّ كَثِيرٞ مِّنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ} إلى قولِه: {فَاْعْفُواْ وَاْصْفَحُواْ} [البقرة: 109]». أخرجه أبو داود (رقم ٣٠٠٠).

* قولُه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ‌اْلْمَشْرِقُ ‌وَاْلْمَغْرِبُۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ﴾ [البقرة: 115].

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ - رضي الله عنهما -، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي وهو مُقبِلٌ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ على راحلتِهِ حيث كان وجهُهُ، قال: وفيه نزَلتْ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اْللَّهِۚ﴾». أخرجه مسلم (700).

* قولُه تعالى: ﴿وَإِذْ ‌جَعَلْنَا ‌اْلْبَيْتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ وَأَمْنٗا وَاْتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلّٗىۖ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِـۧمَ وَإِسْمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَاْلْعَٰكِفِينَ وَاْلرُّكَّعِ اْلسُّجُودِ﴾ [البقرة: 125].

سببُ نزولِها: ما جاء عن أنسٍ - رضي الله عنه -، قال: «قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ - رضي الله عنه -: وافَقْتُ ربِّي في ثلاثٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْنا مِن مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى؛ فنزَلتْ: ﴿ ‌وَاْتَّخِذُواْ ‌مِن ‌مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلّٗىۖ ﴾ [البقرة: 125].

وآيةُ الحجابِ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو أمَرْتَ نساءَك أن يَحتجِبْنَ؛ فإنَّه يُكلِّمُهنَّ البَرُّ والفاجرُ؛ فنزَلتْ آيةُ الحجابِ.

واجتمَعَ نساءُ النبيِّ ﷺ في الغَيْرةِ عليه، فقلتُ لهنَّ: ﴿ ‌عَسَىٰ ‌رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرٗا مِّنكُنَّ ﴾؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ». أخرجه البخاري (٤٠٢).

* قوله تعالى: {سَيَقُولُ اْلسُّفَهَآءُ مِنَ اْلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ اْلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَاۚ} [البقرة: 142]:
عن البراءِ رضي الله عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي نحوَ بيتِ المقدسِ، ويُكثِرُ النظرَ إلى السماءِ ينتظِرُ أمرَ اللهِ؛ فأنزَلَ اللهُ: {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اْلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةٗ تَرْضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اْلْمَسْجِدِ اْلْحَرَامِۚ} [البقرة: 144]،  فقال رجالٌ مِن المسلمين: وَدِدْنا لو عَلِمْنا عِلْمَ مَن مات قبل أن نُصرَفَ إلى القِبْلةِ؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ} [البقرة: 143]، وقال السُّفهاءُ مِن الناسِ: ما ولَّاهم عن قِبْلتِهم التي كانوا عليها؟ فأنزَلَ اللهُ: {سَيَقُولُ اْلسُّفَهَآءُ مِنَ اْلنَّاسِ} [البقرة: 142] إلى آخرِ الآيةِ. "الصحيح المسند من أسباب النزول" (ص 25، 26).

* قولُه تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ ﴾ [البقرة: 143].

ممَّا صحَّ: ما جاء عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: «لمَّا وُجِّهَ النبيُّ ﷺ إلى الكعبةِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، كيف بإخوانِنا الذين ماتوا وهم يُصَلُّون إلى بيتِ المقدسِ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَمَا كَانَ اْللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْۚ﴾ [البقرة: 143]». أخرجه أبو داود (٤٦٨٠)، والترمذي (٢٩٦٤).

* قولُه تعالى: ﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِي اْلدِّينِۖ ﴾ [البقرة: 256].

جاء عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّه قال: «كانت المرأةُ مِن الأنصارِ تكونُ مِقْلاةً، لا يكادُ يعيشُ لها ولَدٌ، فتَجعَلُ على نفسِها إن عاش لها ولَدٌ أن تُهوِّدَهُ، فلمَّا أُجلِيَتْ بنو النَّضيرِ، كان فيهم مِن أبناءِ الأنصارِ، فقالوا: لا ندَعُ أبناءَنا؛ فأنزَلَ اللهُ: ﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِي اْلدِّينِۖ ﴾ [البقرة: 256]». أخرجه أبو داود (٢٦٨٢).

* قولُه تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اْللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اْكْتَسَبَتْۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَاۚ ﴾ [البقرة: 286].

سببُ نزولِ هذه الآيةِ: ما جاء عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه -، قال: «لمَّا نزَلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ: ﴿ لِّلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۗ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اْللَّهُۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۗ وَاْللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٖ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، قال: فاشتَدَّ ذلك على أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فأتَوْا رسولَ اللهِ ﷺ، ثم برَكُوا على الرُّكَبِ، فقالوا: أيْ رسولَ اللهِ، كُلِّفْنا مِن الأعمالِ ما نُطِيقُ؛ الصَّلاةَ، والصِّيامَ، والجهادَ، والصَّدقةَ، وقد أُنزِلتْ عليك هذه الآيةُ ولا نُطِيقُها، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «أتُريدون أن تقولوا كما قال أهلُ الكتابَينِ مِن قَبْلِكم: سَمِعْنا وعصَيْنا؟! بل قُولوا: سَمِعْنا وأطَعْنا، غُفْرانَكَ ربَّنا وإليك المَصِيرُ»، قالوا: سَمِعْنا وأطَعْنا، غُفْرانَكَ ربَّنا وإليك المَصِيرُ، فلمَّا اقترَأَها القومُ، ذَلَّتْ بها ألسنتُهم؛ فأنزَلَ اللهُ في إثرِها: ﴿ ءَامَنَ اْلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِۦ وَاْلْمُؤْمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِاْللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَاۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ اْلْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فلمَّا فعَلوا ذلك، نسَخَها اللهُ تعالى؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اْللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اْكْتَسَبَتْۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَاۚ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نَعم. ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرٗا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى اْلَّذِينَ مِن قَبْلِنَاۚ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نَعم. {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ}، قال: نَعم. {وَاْعْفُ عَنَّا وَاْغْفِرْ لَنَا وَاْرْحَمْنَآۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَاْنصُرْنَا عَلَى اْلْقَوْمِ اْلْكَٰفِرِينَ}، قال: نَعم». صحيح مسلم (125).

* ثبَت لسورة (البقرة) اسمٌ آخَرُ؛ وهو (الزَّهراء):

لِما جاء في حديث أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «اقرَؤُوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عمرانَ». أخرجه مسلم (804).

«والزَّهْراوانِ: أي: المُنِيرتانِ المُضيئتان، واحدتُها: زَهْراءُ». "لسان العرب" (4 /332).

وقد عَدَّ بعضُ العلماء أنَّ ذِكْرَ (الزَّهْراوَينِ) في هذا الحديثِ هو مِن باب الوصف، لا التسمية. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (3 /143)، "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /20).

* أمَرنا النبيُّ ﷺ أن نقرأَها في بيوتِنا؛ فإنَّ الشيطانَ يَنفِرُ منها:

كما جاء عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «لا تَجعَلوا بيوتَكم مقابرَ؛ إنَّ الشيطانَ يَنفِرُ مِن البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ». أخرجه مسلم (780).

* هي السُّورة التي لا يستطيعها البَطَلةُ:

فعن بُرَيدةَ بن الحُصَيب الأَسْلمي رضي الله عنه، قال: كنتُ جالسًا عند النبيِّ ﷺ، فسَمِعْتُه يقول: «تَعلَّموا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه أحمد (٢٢٩٥٠).

* آخِرُ آيتَينِ منها تكفيانِ قارئَهما:

فعن عبدِ الرحمنِ بن يَزيدَ، قال: لَقِيتُ أبا مسعودٍ رضي الله عنه عند البيتِ، فقلتُ: حديثٌ بلَغني عنك في الآيتَينِ في سورةِ (البقرة)، فقال: نعم، قال رسولُ الله ﷺ: «الآيتانِ مِن آخِرِ سورةِ البقرةِ، مَن قرَأهما في ليلةٍ كَفَتَاهُ». أخرجه مسلم (807).

* سورة (البقرة) تُحاجُّ عن صاحبها يومَ القيامة:

فعن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «اقرَؤوا القرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه؛ اقرَؤوا الزَّهْراوَينِ: البقرةَ، وسورةَ آلِ عِمْرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما غَيَايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقانِ مِن طيرٍ صوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها برَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلةُ». أخرجه مسلم (804).

* لحافِظِها فضلٌ خاصٌّ وشأن عظيم:

فعن أنسٍ رضي الله عنه، قال: «كان الرَّجُلُ إذا قرأ البقرةَ وآلَ عِمْرانَ، جَدَّ فينا - يعني: عظُمَ -»، وفي روايةٍ: «يُعَدُّ فينا عظيمًا»، وفي أخرى: «عُدَّ فينا ذا شأنٍ». أخرجه أحمد (3/120) (12236).

وعن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: بعَث رسولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا، وهم ذو عَدَدٍ، فاستقرَأهم، فاستقرَأ كلَّ رجُلٍ منهم ما معه مِن القرآنِ، فأتى على رجُلٍ منهم - مِن أحدَثِهم سنًّا -، فقال: «ما معك يا فلانُ؟!»، قال: معي كذا وكذا، وسورةُ البقرةِ، قال: «أمعك سورةُ البقرةِ؟!»، فقال: نعم، قال: «فاذهَبْ؛ فأنت أميرُهم»، فقال رجُلٌ مِن أشرافِهم: واللهِ يا رسولَ اللهِ، ما منَعني أن أتعلَّمَ سورةَ البقرةِ إلا خشيةُ ألَّا أقُومَ بها! فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «تعلَّموا القرآنَ، واقرَؤوه؛ فإنَّ مثَلَ القرآنِ لِمَن تعلَّمَه، فقرَأه وقام به: كمثَلِ جرابٍ محشوٍّ مِسْكًا، يفُوحُ رِيحُه في كلِّ مكانٍ، ومثَلَ مَن تعلَّمَه، فيرقُدُ وهو في جوفِه: كمثَلِ جرابٍ وُكِئَ على مِسْكٍ». أخرجه الترمذي (٢٨٧٦).

* لها نزَلتِ الملائكةُ مستمِعةً:

فعن أُسَيدِ بن حُضَيرٍ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، بينما أنا أقرأُ الليلةَ سورةَ البقرةِ، إذ سَمِعْتُ وَجْبةً مِن خَلْفي، فظنَنْتُ أنَّ فَرَسي انطلَقَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «اقرَأْ يا أبا عَتِيكٍ»، فالتفَتُّ فإذا مِثْلُ المِصباحِ مُدَلًّى بين السماءِ والأرضِ، ورسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: «اقرَأْ يا أبا عَتِيكٍ»، فقال: يا رسولَ اللهِ، فما استطعتُ أن أمضيَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «تلك الملائكةُ؛ نزَلتْ لقراءةِ سورةِ البقرةِ، أمَا إنَّك لو مضَيْتَ، لرأيْتَ العجائبَ». أخرجه ابن حبان (779).

* فيها أعظَمُ آيةٍ في كتابِ الله؛ وهي آيةُ (الكُرْسيِّ):

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كتابِ اللهِ معك أعظَمُ؟»، قال: قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كتابِ اللهِ معك أعظَمُ؟»، قلتُ: {اْللَّهُ ‌لَآ ‌إِلَٰهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ ‌اْلْحَيُّ ‌اْلْقَيُّومُۚ}، قال: فضرَب في صدري، وقال: «واللهِ، لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنذِرِ». أخرجه مسلم (٨١٠).

* لعلَّ رسولَ الله ﷺ قرَأها في صلاةِ الكسوف:

فقد جاء عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «لمَّا كسَفتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ، توضَّأَ، وأمَرَ فنُودي: إنَّ الصَّلاةَ جامعةٌ، فقام، فأطال القيامَ في صلاتِهِ، قالت: فأحسَبُه قرَأَ سورةَ البقرةِ، ثم ركَعَ، فأطال الرُّكوعَ، ثم قال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ثم قام مِثْلَ ما قام، ولم يسجُدْ، ثم ركَعَ، فسجَدَ، ثم قام، فصنَعَ مِثْلَ ما صنَعَ، ثم ركَعَ ركعتَينِ في سَجْدةٍ، ثم جلَسَ، وجُلِّيَ عن الشمسِ». أخرجه البخاري (١٠٤٦).

* وكذا كان يَقرَؤُها ﷺ في قيامِهِ بالليل:

فعن حُذَيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما، قال: «صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ ﷺ ذاتَ ليلةٍ، فاستفتَحَ بسورةِ البقرةِ، فقرَأَ بمائةِ آيةٍ لم يَركَعْ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها في الرَّكعتَينِ، فمضى، قلتُ: يَختِمُها ثمَّ يَركَعُ، فمضى حتى قرَأَ سورةَ النِّساءِ، ثم قرَأَ سورةَ آلِ عِمْرانَ، ثم ركَعَ نحوًا مِن قيامِهِ، يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، سبحانَ ربِّيَ العظيمِ، ثم رفَعَ رأسَهُ، فقال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا لك الحمدُ، وأطال القيامَ، ثم سجَدَ، فأطال السُّجودَ، يقولُ في سجودِهِ: سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، سبحانَ ربِّيَ الأعلى، لا يمُرُّ بآيةِ تخويفٍ أو تعظيمٍ للهِ عزَّ وجلَّ إلا ذكَرَهُ». أخرجه النسائي (١١٣٢). وقد ورَد نحوُ هذا الحديث عن عوفِ بن مالك الأشجَعيِّ. انظر: النسائي (١١٣١).

حوَتْ سورةُ (البقرةِ) كثيرًا من الموضوعات المتنوِّعة، وقد جاءت على هذا الترتيبِ:

هداية القرآن وخلافة الإنسان (١-٣٩).

هداية القرآن وموقف الناس منها (١-٢٠).

أمر الناس باتِّباع المنهج، ونموذج الاستخلاف الأول (٢١- ٣٩).

بنو إسرائيل ومسوِّغات عزلِهم عن الخلافة (٤٠-١٦٢).

تذكير وعتاب (٤٠-٤٨).

ثم ذِكر أحوال بني إسرائيل ومسوِّغات عزلِهم عن الخلافة (٤٩-٧٤).

وبعد ذلك ذِكر مواقفِ اليهود المعاصرين للنبيِّ عليه السلام (٧٥-١٢٣).

دعوة إبراهيم وتبرئتها من انتساب اليهود والنصارى إليها (١٢٤-١٤١).

انتقال القِبْلة والإمامة في الدِّين لأمَّة محمد عليه السلام (١٤٢-١٦٢).

مقوِّمات استحقاقِ أمَّة الإسلام للخلافة (١٦٣-٢٨٣).

الشرائع التفصيلية للدِّين الإسلامي (١٦٣-١٧٧).

تفصيل بعض أمور البِرِّ (١٧٨-٢٠٣).

نماذجُ بشرية ومواعظُ إلهية (٢٠٤-٢٢٠).

تفصيل أحكام الأُسرة (٢٢١-٢٤٢).

قِصص الإحياء والإماتة (٢٤٣-٢٦٠).

الإنفاق؛ آدابه والمستحِقون له (٢٦١-٢٧٤).

حفظ الأموال عن الحرام والإضاعة (٢٧٥-٢٨٣).

دعاءٌ وإجابة (٢٨٤-٢٨٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسُوَر القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (1 /19).

جاءت هذه السُّورةُ الكريمة ببيانِ منهج خلافة الله في الأرض بين مَن أضاعوه ومَن أقاموه، وسُمُوِّ هذا الدِّين على ما سبَقه، وعُلُوِّ هَدْيِه، وأصولِ تطهيره النفوسَ بعد تبيينِ شرائعِ هذا الدِّين لأتباعه، وإصلاحِ مجتمَعِهم بعد إقامة الدليل على أنَّ الكتابَ هدًى؛ ليُتَّبعَ في كلِّ حال. وأعظَمُ ما يَهدِي إليه: الإيمانُ بالغيب؛ ومَجمَعُه: الإيمان بالآخرة، ومدارُه: الإيمان بالبعث، الذي أعرَبتْ عنه قصةُ (البقرة)، التي مدارها: الإيمانُ بالغيب؛ فلذلك سُمِّيتْ بها السورةُ. ينظر: "مصاعد النظر" للبقاعي (2 /10)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (1 /203).