ﵟ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَﲁ ﵞ [سورة البقرة]
ولا أحد ينصرف عن دين إبراهيم عليه السلام إلى غيره من الأديان إلا من ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق إلى الضلال، ورضي لها بالهوان. ولقد اخترناه في الدنيا رسولاً وخليلاً، وإنه في الآخرة لمن الصالحين الذين أدوا ما أوجب الله عليهم، فنالوا أعلى الدرجات.
ﵟ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَﲃ ﵞ [سورة البقرة]
١٣٢ - ووصّى إبراهيمُ أبناءه بهذه الكلمة: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ووصّى بها كذلك يعقوبُ أبناءه؛ قالا مناديين أبناءهما: إن الله اختار لكم دين الإسلام، فاستمسكوا به حتى يأتيكم الموت، وأنتم مسلمون لله ظاهرًا وباطنًا.
ﵟ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌﳶ ﵞ [سورة البقرة]
٢٤٧ - وقال لهم نبيهم: إن الله قد أقام لكم طالوت ملكًا عليكم لتقاتلوا تحت رايته، قال أشرافهم مستنكرين هذا الاختيار ومعترضين عليه: كيف يكون له المُلك علينا، ونحن أولى بالمُلك منه؛ إذ لم يكن من أبناء الملوك، ولم يُعْطَ مالاً واسعًا يستعين به على الملك؟! قال لهم نبيهم: إن الله اختاره عليكم، وزاده عليكم سعة في العلم وقوة في الجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء بحكمته ورحمته، والله واسع الفضل يعطي من يشاء، عليم بمن يستحقه من خلقه.
ﵟ ۞ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَﰠ ﵞ [سورة آل عمران]
إن الله اختار آدم عليه السلام فأسجد له ملائكته، واختار نوحًا فجعله أول رسول إلى أهل الأرض، واختار آل إبراهيم فجعل النبوة باقية في ذريته، واختار آل عمران؛ اختار كل هؤلاء وفضلهم على أهل زمانهم.
ﵟ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَﰩ ﵞ [سورة آل عمران]
واذكر - أيها الرسول - حين قالت الملائكة لمريم عليها السلام: إن الله اختارك لما تتصفين به من صفات حميدة، وطَهَّرك من النقائص، واختارك على نساء العالمين في زمانك.
ﵟ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَﲏ ﵞ [سورة الأعراف]
قال الله لموسى: يا موسى، إني اخترتك وفضَّلتك على الناس برسالاتي حين أرسلتك إليهم، وفضَّلتك بكلامي لك دون واسطة، فخذ ما أعطيتك من هذا الشرف الكريم، وكن من الشاكرين لله على هذا العطاء العظيم.
ﵟ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا ۚ إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًاﰧ ﵞ [سورة الإسراء]
يا من تدعون أن الملائكة بنات الله، أفاختصّكم ربكم - أيها المشركون - بالذكور من الأولاد، واتخذ لنفسه الملائكة بنات؟ تعالى الله عما تقولون، إنكم لتقولون على الله سبحانه قولًا بالغ القبح حيث تنسبون له الولد، وتزعمون أن له البنات إمعانًا في الكفر به.
ﵟ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌﱊ ﵞ [سورة الحج]
الله سبحانه وتعالى يختار من الملائكة رسلًا، ويختار من الناس رسلًا كذلك، فيرسل بعض الملائكة إلى الأنبياء مثل جبريل أرسله إلى الرسل من البشر، ويرسل الرسل من البشر إلى الناس، إن الله سميع لما يقوله المشركون في رسله، بصير بمن يختاره لرسالته.
ﵟ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَﰺ ﵞ [سورة النمل]
قل - أيها الرسول -: الحمد لله على نعمه، وأمان منه من عذابه الذي عذب به قوم لوط وصالح لأصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، آلله المعبودُ بحقٍّ الذي بيده ملكوت كل شيء خير أم ما يعبده المشركون من معبودات لا تملك نفعًا ولا ضرًّا؟!
ﵟ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُﰟ ﵞ [سورة فاطر]
ثم أعطينا أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم الذين اخترناهم على الأمم القرآن، فمنهم ظالم لنفسه بفعل المحرمات وترك الواجبات، ومنهم مقتصد بفعل الواجبات وترك المحرمات، مع ترك بعض المستحبات وفعل بعض المكروهات، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، وذلك بفعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات، ذلك المذكور - من الاختيار لهذه الأمة وإعطائها القرآن - هو الفضل الكبير الذي لا يدانيه فضل.
ﵟ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَﲘ ﵞ [سورة الصافات]
هل اختار الله لنفسه البنات اللاتي تكرهونهن على البنين الذين تحبونهم؟! كلا.
ﵟ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِﰮ ﵞ [سورة ص]
وإنهم عندنا لممن اصطفيناهم لطاعتنا وعبادتنا، واخترناهم لحمل رسالتنا وتبليغها للناس.
ﵟ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُﰃ ﵞ [سورة الزمر]
لو أراد الله اتخاذ ولد لاختار من خلقه ما يشاء، فجعله بمنزلة الولد، تنزه وتقدس عما يقوله هؤلاء المشركون، هو الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله، لا شريك له فيها، القهار لجميع خلقه.
ﵟ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَﰏ ﵞ [سورة الزخرف]
أتقولون - أيها المشركون -: اتخذ الله مما يخلق بنات لنفسه، وأخلصكم بالذكور من الأولاد؟! فأي قسمة هذه القسمة التي زعمتم؟!