كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا
[سورة طه : 33]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا
[سورة الأحزاب : 41]
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
[سورة الأحزاب : 42]
برنامج لمسات بيانية
قال تعالي في سورة آل عمران : { وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ } [ آل عمران : 41 ] .
وقال في سورة الأحزاب : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [41] وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [42] } [ الأحزاب : 41- 42 ] , فقدم الذكر علي التسبيح .
وقال في سورة طه علي لسان سيدنا موسي عليه السلام : { وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [32] كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً [33] وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً [34]} بتقديم التسبيح علي الذكر , فلم ذلك ؟
الجواب : الذكر أعم من التسبيح , والتسبيح أخص من الذكر , فلما ذكر وقتين في التسبيح في آل عمران : { بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ } , وكذلك في الأحزاب : { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } جاء بالأخص , وهو التسبيح .
وقيل : إن المراد بالتسبيح هنا الصلاة , بدليل تقييده بالوقت .
ولما أطلق جاء بالأعم , وهو الذكر , فلم يقيده بوقت وقدمه , فقدم ما هو أعم ؛ لأنه لا يختص بوقت دون وقت .
أما تقديم التسبيح في ( طه ) , فلأن موسي في حالة خوف من فرعون , كما قال تعالي : { قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى } [ طه : 45 ] .
والتسبيح ينجي من الغم والكرب , كما قال سبحانه عن نبيه يونس : { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ [143] لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [144]} [ الصافات : 143 – 144 ] .
وقال فيه أيضا : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [87] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ [88]} [ الأنبياء : 87 – 88 ] .
وقال لنبيه وخاتم رسله – صلي الله عليه وسلم - : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ [97] فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ [98] } [ الحجر : 97 – 98 ] فقدم التسبيح لذلك .
ولعل لذلك سببا لطيفا آخر , وهو أن التسبيح معناه : التنزيه , فقدمه ؛ لينزه الله عما لا يليق , مما كان عليه فرعون وقومه من الشرك والكفر , ووصفه سبحانه بما لا يليق , وإنكار أن يكون ثمة إله غير
فرعون , والله أعلم .
وقفات تدبرية مشابهة