٥_ الآية: هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديراً أو إلحاقاً؛ فقولي: =ولو تقديراً+: لإدخال قوله _تعالى_: [مُدْهَامَّتَانِ] إذ التقدير: هما مدهامتان، ونحو [وَالْفَجْرِ] إذ التقدير أقسم بالفجر، وقولي: =أو إلحاقاً+: لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة؛ فقد عد أكثرها في المصاحف آيات ما عدا: آلر، وآلمر، وطس، وذلك أمر توقيفي، وسنة متبعة، ولا يظهر فرق بينها وبين غيرها.
وتسميةُ هذه الأجزاءِ آياتٌ هو من مبتكرات القرآن، قال _تعالى_: [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ] وقال: [كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ].
وإنما سميت آية؛ لأنها دليل على أنها موحى بها من عند الله إلى النبي"لأنها تشتمل على ما هو من الحد الأعلى في بلاغة نظم الكلام، ولأنها لوقوعها مع غيرها من الآيات جُعِلت دليلاً على أن القرآن منزل من عند الله، وليس من تأليف البشر؛ إذ قد تحدى النبي به أهل الفصاحة، والبلاغة من أهل اللسان العربي؛ فعجزوا عن تأليف مثل سورة من سوره. ١/٧٤
٦_ وكان المسلمون في عصر النبوة، وما بعده يقدرون تارة بعض الأوقات بمقدار ما يقرأ القارئ عدداً من الآيات كما ورد في حديث سحور النبي"أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
قال أبو بكر ابن العربي: =وتحديد الآية من معضلات القرآن؛ فمن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع، ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام+.
وقال الزمخشري: =الآيات علم توقيفي+.
وأنا أقول: لا يبعد أن يكون تعيين مقدار الآية تبعاً لانتهاء نزولها، وأمارته وقوع الفاصلة.
والذي استخلصته أن الفواصل هي الكلماتُ التي تتماثل في أواخر حروفها، أو تتقارب، مع تماثلِ أو تقاربِ صِيَغِ النُّطْقِ بها، وتُكرَّر في السورة تكرراً يؤذن بأن تماثلها، أو تقاربَها مقصودٌ من النظم في آيات كثيرة متماثلة، تكثر وتقل، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع.


الصفحة التالية
Icon