وإن أهم التفاسير تفسير الكشاف، و المحرر الوجيز لابن عطية، ومفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي، وتفسير البيضاوي الملخص من الكشاف ومن مفاتيح الغيب بتحقيق بديع، وتفسير الشهاب الآلوسي، وما كتبه الطيبي، والقزويني، والقطب، والتفتزاني على الكشاف، وما كتبه الخفاجي على تفسير البيضاوي، وتفسير أبي السعود، وتفسير القرطبي، والموجود من تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي من تقييد تلميذه الأبي، وهو بكونه تعليقاً على تفسير ابن عطية أشبه منه بالتفسير؛ لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن وتفاسير الأحكام، وتفسير الإمام محمد بن جرير الطبري، وكتاب درة التنزيل المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني.
ولقصد الاختصار أعرض عن العزو إليها، وقد ميزت ما يفتح الله لي من فهم في معاني كتابه، وما أجلبه من المسائل العلمية، مما لا يذكره المفسرون، وإنما حسبي في ذلك عدم عثوري عليه فيما بين يدي من التفاسير في تلك الآية خاصة، ولست أدعي انفرادي به في نفس الأمر؛ فكم من كلام تنشئه تَجِدُكَ قد سبقك إليه متكلم، وكم من فهم تستظهره وقد تقدمك إليه متفهم، وقديماً قيل:
هل غادر الشعراء من متردم
إن معاني القرآن ومقاصده ذاتُ أفانينَ كثيرةٍ بعيدةِ المدى، متراميةِ الأطراف، موزعةِ على آياته؛ فالأحكام مبينة في آيات الأحكام، والآداب في آياتها، والقصص في مواقعها، وربما اشتملت الآية الواحدة على فنين من ذلك أو أكثر.
وقد نحا كثير من المفسرين بعض تلك الأفنان، ولكن فَنَّاً من فنون القرآن لا تخلو عن دقائقه ونُكَتِهِ آيةٌ من آيات القرآن، وهو فن دقائق البلاغة هو الذي لم يخصه أحد من المفسرين بكتاب كما خصوا الأفانين الأخرى.
من أجل ذلك التزمت أن لا أغفل التنبيه على ما يلوح لي من هذا الفن العظيم في آية من آي القرآن كلما أُلْهِمْتُهُ بحسب مبلغ الفهم، وطاقة التدبر.