صفحة رقم ٦٧٢
الذين هم بعض العالمين، أسند إلى الكل، لأنهم لم يردوا على قائله ولم يعالجوه بالأخذ تفظيعا للشأن وتهويلا للأمر، وبيانا لأنه يجب على كل من سمع بآية من آيات الله أن يسعى إليها وبتعرف أمرها، فإذا تحققه فمن طعن فيها أخذ على يده بما يصل إليه قدرته، كما أنه كذلك كان يفعل لو كان ذلك ناشئا عن أبيه أو أحد ممن يكون فخره به من أبناء الدنيا، وفي ذلك أتم إشارة إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عماد الأمور كلها، من فرط فيه هلك وأهلك، روى الواحدي في أسباب النزول بغير سند عن ابن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن كعب القرظي أن اليهود قالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء، فأنزل الله تعالى - يعني هذه الآية، فقال مشيرا إلى ا، اليهوجد قائلو ذلك، وملزما بالاعتراف بالكذب أو المساواة للأميين في التمسك بالهوى دون كتاب، موبخا لهم ناعيا عليهم سوء جهلهم وعظيم بهتهم وشدة وقاحتهم وعدم حيائهم :( قل ) أي لهؤلاء السفهاء الذين تجرؤوا على هذه المقالة غير ناظرين في عاقبتها وما يلزم منها توبيخا لهم وتوقيفا على موضع جهلهم ) من أنزل الكتاب ) أي الجامع للأحكام والمواعظ وخيري الدنيا والآخرة ) الذي جاء به موسى ) أي الذي أنتم تزعمون التمسك بشرعه، حال كون الكتاب ) نورا ) أي ذا نور يمكن الأخذ به من وضع الشيء في حاق موضعه ) وهدى للناس ) أي ذا هدى لهم ملهم، أمات في ذلم الزمان فبالتقيد به ن وأما عند إنزال الإنجيل فبالأخذ بما أرشد إليه من أتباعه، وكذا عند
إنزال القرآن، فقد أخفوا منه ماهو نص وصريح في الدعاء إلى غيره اتباعا منهم للهوى ولزوما للعمى فقال :( تجعلون ) أي أيها اليهو ) قراطيس ) أي أوراقا مفرقة لتتمكنوا بها من إخفاء ما أردتم ) لآ تبدونها ) أي نظهرونها للناس ) وتخفون كثيرا ) أي منها ما تريدون به تبد
يل الدين هذا على قراءة الجماعة بالفوقانية، وعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو بالغيبة هو التفات مؤذن بشدة الغضب مشير إلى أن ما قالوه حقيق بأن يستحيى من ذكره فكيف بفعله ثم التفت إليهم للزيادة في تبكيتهم إعلاما بأنهم متساوون لبقية الإتسان في أصل الفطرلاة، بل العرب أزكى منهم وأصح أفهاما، فلولا ما أتاهم به موسى عليه السلام ما فاقوهم بفهم، ولا زادوا عليهم في علم فقال :( وعلمتم ) أي أيها ليهود بالكتاب الذي أنزل على موسى ) ما لم تعلموا أنتم ) أي أيها ليهود من أهل هذا الزمان ) ولا آباؤكم ) أي الأقدمون الذين كانوا أعلم منكم.


الصفحة التالية
Icon