الله منها، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين : إما مخطئ أخطأ في التأويل على حديث سمعه، أو رجل أتى ذنبا لعله أن يكثر من الاستغفار لله تعالى، والنبي ﷺ حجة الله على الأولين والآخرين من هذه الأمة. وقد قيل في تأويل الآية : إنها إنما ذكرت للاعتبار، أي من قدر على خلق هذه الأشياء قادر على البعث، وهذا الاعتبار لا يختلف بأن كانت الخمر حلالا أو حراما، فاتخاذ السكر لا يدل على التحريم، وهو كما قال تعالى :﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة : ٢١٩]. والله أعلم.
٣ - الآية : ٦٨ ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾
فيه ثلاث مسائل :-
الأولى :- قوله تعالى :﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ قد مضى القول في الوحي وأنه قد يكون بمعنى الإلهام، وهو ما يخلقه الله تعالى في القلب ابتداء من غير سبب ظاهر، وهو من قوله تعالى :﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس : ٧ - ٨]. ومن ذلك البهائم وما يخلق الله سبحانه فيها من درك منافعها واجتناب مضارها وتدبير معاشها. وقد أخبر عز وجل بذلك عن الموت فقال :﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا. بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة : ٤ - ٥]. قال إبراهيم الحربي. لله عز وجل في الموات قدرة لم يدر ما هي، لم يأتها رسول من عند الله ولكن الله تعالى عرفها ذلك ؛ أي ألهمها. ولا خلاف بين المتأولين أن الوحي هنا بمعنى الإلهام. وقرأ يحيى بن وثاب ﴿إِلَى النَّحْلِ﴾ بفتح الحاء. وسمي نحلا لأن الله عز وجل نحله العسل الذي يخرج منه ؛ قاله الزجاج. الجوهري : والنحل والنحلة الدّبّر يقع على الذكر والأنثى، حتى يقال : يعسوب. والنحل يؤنث في لغة أهل الحجاز، وكل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء. وروي من حديث


الصفحة التالية
Icon