" صفحة رقم ٨٤ "
فنحن نجازيك على ما تلقاه ونحرسك من شرهم وننتقم لك منهم، وقد وفى بهذا كله التمثيلُ في قوله :( فإنك بأعيننا (، فإن الباء للإِلصاق المجَازي، أي لا نغفل عنك، يقال : هو بمرأى مني ومسمع، أي لا يخفى عليّ شأنه. وذكر العين تمثيل لشدة الملاحظة وهذا التمثيل كناية عن لازم الملاحظة من النصر والجزاء والحفظ.
وقد آذن بذلك قوله :( لحكم ربك ( دون أن يقول : واصبر لحكمنا، أو لحكم الله، فإن المربوبية تؤذن بالعناية بالمربوب.
وجمعُ الأعين : إما مبالغة في التمثيل كأنَّ الملاحظة بأعين عديدة كقوله :( واصنع الفلك بأعيننا ( ( هود : ٣٧ ) وهو من قبيل ) والسماء بنيناها بأييد ( ( الذاريات : ٤٧ ).
ولك أن تجعل الجمع باعتبار تعدد متعلَّقات الملاحظة فملاحظةٌ للذب عنه، وملاحظة لتوجيه الثواب ورفع الدرجة، وملاحظة لجزاء أعدائه بما يستحقونه، وملاحظة لنصره عليهم بعموم الإيمان به، وهذا الجمع على نحو قوله تعالى في قصة نوح :( وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا ( ( القمر : ١٣، ١٤ ) لأن عناية الله بأهل السفينة تتعلّق بإجرائها وتجنيب الغرق عنها وسلامة ركابها واختيار الوقت لإِرسائها وسلامة الركاب في هبوطهم، وذلك خلاف قوله في قصة موسى ) ولتصنع على عيني ( ( طه : ٣٩ ) فإنه تعلق واحد بمشي أخته إلى آل فرعون وقولها :( هل أدلكم على من يكفله ( ( طه : ٤٠ ).
التسبيح : التنزيه، والمراد ما يدل عليه من قول، وأشهر ذلك هو قول :( سبحان الله ) وما يرادفه من الألفاظ، ولذلك كثر إطلاق التسبيح وما يشتق منه على الصلوات في آيات كثيرة وآثار.