" صفحة رقم ٣٦٦ "
مستعملاً في تفاوت الموصوف به في الفضل على غيره فهو للدلالة على قوة الوصف، مثل قوله تعالى :( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ( ( يوسف : ٣٣ ). أثنى الله عليهم بأنهم أهل نقد يميزون بين الهدى والضلال والحكمة والأوهام نُظّار في الأدلة الحقيقية نُقّاد للأدلة السفسطائية. وفي الموصول إيماء إلى أن اتباع أحسن القول سبب في حصول هداية الله إياهم.
وجملة ) أُولئِكَ الذينَ هداهُم الله ( مستأنفة لاسترعاء الذهن لتلقي هذا الخبر. وأكد هذا الاسترعاء بجعل المسند إليه اسم إشارة ليتميز المشار إليهم. أكمل تميزه مع التنبيه على أنهم كانوا أحرياء بهذه العناية الربانية لأجل ما اتصفوا به من الصفات المذكورة قبل اسم الإِشارة وهي صفات اجتنابهم عبادة الأصنام مع الإِنابة إلى الله واستماعهم كلام الله واتباعهم إياه نابذين ما يلقي به المشركون من أقوال التضليل.
والإِتيان باسم الإشارة عقب ذكر أوصاف أو أخبارٍ طريقة عربية في الاهتمام بالحكم والمحكوم عليه فتارة يشار إلى المحكوم عليه كما هنا وتارة يشار إلى الخبر كما في قوله :( هذا وإن للطاغين لشر مئاب في سورة ( ( ص : ٥٥ ).
وقد أفاد تعريف الجزأين في قوله :( أُولئكَ الذينَ هداهُم الله ( قصر الهداية عليهم وهو قصر صفة على موصوف وهو قصر إضافي قصر تعيين، أي دون الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم.
ومعنى ) هدَاهُمُ الله ( أنهم نالوا هذه الفضيلة بأن خلق الله نفوسهم قابلة للهدى الذي يخاطبهم به الرسول ( ﷺ ) فتهيأت نفوسهم لذلك وأقبلوا على سماع الهدى بشَرَاشِرهم وسعوا إلى ما يبلغهم إلى رضاه وطلبوا النجاة من غضبه. وليس المراد بهدي الله إياهم أنه وجه إليهم أوامر إرشاده لأن ذلك حاصل للذين خوطبوا بالقرآن فأعرضوا عنه ولم يتطلبوا البحث عما يرضي الله تعالى فأصروا على الكفر.