" صفحة رقم ٣٥٧ "
( ١١، ١٢ )
بعد أن أمر الله رسوله ( ﷺ ) بخطاب المسلمين بقوله :( قُل يا عِبادِ الذين ءَامنوا اتَّقُوا ( ( الزمر : ١٠ ) أمر رسوله ( ﷺ ) بعد ذلك أن يقول قولاً يتعين أنه مَقول لغير المسلمين.
نقل الفخر عن مقاتل : أن كفار قريش قالوا للنبيء ( ﷺ ) ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتنا به، ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللاّت والعُزّى، فأنزل الله :( قل إني أُمرتُ أن أعْبُدَ الله مُخلصاً له الدِّينَ ).
وحقاً فإن إخبار النبي ( ﷺ ) بذلك إذا حمل على صريحه إنما يناسب توجيهه إلى المشركين الذي يبْتغون صرفه عن ذلك. ويجوز أن يكون موجهاً إلى المسلمين الذين أذن الله لهم بالهجرة إلى الحبشة على أنه توجيه لبقائه بمكة لا يهاجر معهم لأن الإِذن لهم بالهجرة للأمن على دينهم من الفتن، فلعلهم ترقبوا أن يهاجر الرسول ( ﷺ ) معهم إلى الحبشة فآذنهم الرسول ( ﷺ ) بأن الله أمره أن يعبد الله مخلصاً له الدين، أي أن يوحده في مكة فتكون الآية ناظرة إلى قوله تعالى :( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين ( ( الحجر : ٩٤ ٩٥ )، أي أن الله أمره بأن يقيم على التبليغ بمكة فإنه لو هاجر إلى الحبشة لانقطعت الدعوة وإنما كانت هجرتهم إلى الحبشة رخصة لهم إذ ضعفوا عن دفاع المشركين عن دينهم ولم يرخَّص ذلك للنبيء ( ﷺ )
وقد جاء قريب من هذه الآية بعد ذكر أن حياة الرسول ( ﷺ ) ومماته لله، أي فلا يَفرق من الموت في سبيل الدين وذلك قوله تعالى في سورة الأنعام ( ١٦٢، ١٦٣ ) :( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.