" صفحة رقم ١٢٥ "
دل عليه قوله في سورة الشعراء ( ٢٤، ٢٥ ) ) قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون ( استعجاباً من ذلك. وعلى هذا الاحتمال فالتعريض بالمشركين باق على حاله فإنهم ظنوا أنهم في منعة من الاستئصال فقالوا ) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ( ( الأنفال : ٣٢ ).
قرأ نافع وحمزة والكسائي ) لا يرجعون ( بفتح ياء المضارعة من ( رجع ). وقرأه الباقون بضمها من ( أرجع ) إذا فعل به الرجوع.
( ٤٠ ).
أي ظنوا أنهم لا يرجعون إلينا فعجلنا بهلاكهم فإن ذلك من الرجوع إلى الله لأنه رجوع إلى حكمه وعقابه، ويعقبه رجوع أرواحهم إلى عقابه، فلهذا فرع على ظنهم ذلك الإعلام بأنه أخذ وجنوده. وجعل هذا التفريع كالاعتراض بين حكاية أحوالهم.
وجعل في ( الكشاف ) هذا من الكلام الفخم لدلالته على عظمة شأن الله إذ كان قوله ) فنبذناهم في اليم ( يتضمن استعارة مكنية : شبه هو وجنوده بحصيات أخذهن في كفه فطرحهن في البحر. وإذا حمل الأخذ على حقيقته كان فيه استعارة مكنية أيضاً لأنه يستتبع تشبيهاً بقبضة تؤخذ باليد كقوله تعالى ) وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ( ( الحاقة : ١٤ ) وقوله ) والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ( ( الزمر : ٦٧ ). ويجوز أن يجعل جميع ذلك استعارة تمثيلية كما لا يخفى.
وقوله ) فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ( اعتبار بسوء عاقبتهم لأجل ظلمهم أنفسهم بالكفر وظلمهم الرسول بالاستكبار عن سماع دعوته. وهذا موضع العبرة من سوق هذه القصة ليعتبر بها المشركون فيقيسوا حال دعوة محمد ( ﷺ ) بحال دعوة موسى عليه السلام ويقيسوا حالهم بحال فرعون وقومه، فيوقنوا بأن ما أصاب فرعون وقومه من عقاب سيصيبهم لا محالة. وهذا من جملة محل العبرة بهذا الجزء من القصة ابتداء من قوله تعالى ) فلما جاءهم موسى بآياتنا