ودخلت الفاء للتسبُّب عن قوله :﴿هم أشد منهم بطشاً﴾ أي : شدة بطشهم، أي : قدرتهم على التنقيب في البلاد، ويجوز أن يعود الضمير إلى أهل مكة، أي : ساروا في أسفارهم ومسايرهم في بلد القرون، فهل روأوا لهم محيصاً حتى يُؤملوا مثله أنفسهم ؟ ويؤيدهم قراءة مَن قرأ (فنَقِّبوا) على صيغة الأمر.
﴿إِنَّ في ذلك﴾ أي : فيما ذكر من قصصهم، أو : فيما ذكر في السورة ﴿لَذِكرى﴾ لتذكرة وعظة ﴿لمَن كان له قلبٌ﴾ سليم واعٍ يُدرك كنه ما يشاهده من الأمور، ويتفكّر فيها، ليعلم أن مدار دمارهم هو الكفر، فيرتدع عنه بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير، ﴿أو أَلقى السمعَ﴾ أي : أصغى بقلبه إلى ما يتلى عليه من الوحي الناطق بما جرى عليهم، فإن مَن فعله يقف على كنه الأمر، فينزجر عما يؤدي إليه من الكفر والمعاصي، يقال : ألق إليَّ سمعَك، أي : استمع، فـ " أو " لمنع الخلو، لا لمنع الجمع، فإن إلقاء السمع لا يجدي بدون سلامة القلب عما ذكر من الصفات، للإذان بأن مَن عَرَى قلبه عنهما كمَن لا قلب له أصلاً. وقوله تعالى :﴿وهو شهيد﴾ حال، أي : والحال أنه حاضر القلب لا يغفل أو : شاهد على ما يقرأ من كتاب الله.
١٩٥