(يُبَيِّنُ لَكُمْ) إما أن يقدّر: المبين، وهو الدين والشرائع، وحذفه لظهور ما ورد الرسول لتبيينه. أو يقدّر: ما كنتم تخفون، وحذفه لتقدّم ذكره، أو لا يقدر ويكون المعنى: يبذل لكم البيان، ومحله النصب على الحال؛ أي: مبيناً لكم.
(وعَلى فَتْرَةٍ) متعلق بـ (جاءكم) أي: جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحى. (أَنْ تَقُولُوا): كراهة أن تقولوا (فَقَدْ جاءَكُمْ) متعلق بمحذوفٍ، أي: لا تعتذروا فقد جاءكم. وقيل: كان بين عيسى ومحمد صلوات اللَّه عليهما خمسمائة وستون سنة. وقيل: ستمائة. وقيل: أربعمائة ونيف وستون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لتقدم ذكره) وهو قوله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ﴾ [المائدة: ١٥].
قوله: (﴿عَلَى فَتْرَةٍ﴾ متعلق: بـ ﴿جَاءَكُمْ﴾). وقال أبو البقاء: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿يُبَيِّنَ لَكُمْ﴾، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير المجرور في ﴿لَكُمْ﴾ و ﴿مِنْ الرُّسُلِ﴾: نعت لفترة. وقال الإمام: يقال: فتر الشيء فتوراً: إذا سكنت حدته وصار أقل مما كان عليه، وسميت المدة التي بين الأنبياء "فترة" لفتور الدواعي في العمل بتلك الشرائع.
الراغب: إن بعثة الأنبياء من ضرورات العباد التي لا يُستغنى عنها، فعامة الناس يجهلون جزئيات مصالحهم وكلياتها، وخاصتهم يعرفون كلياتها دون جزئياتها، ولا يمكنهم أن يعرفوا الكليات على التحقيق إلا بعد انقضاء كثير من عمرهم، فسهل الله السبيل عليهم بمن يهديهم إلى مصالحهم.