(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) مما تخفونه لا يبينه إذا لم تضطر إليه مصلحة دينية، ولم يكن فيه فائدة إلا اقتضاء حكم وصفته مما لا بدّ من بيانه، وكذلك الرجم وما فيه إحياء شريعة وإماتة بدعة. وعن الحسن: ويعفو عن كثير منكم لا يؤاخذه.
(قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) يريد: القرآن لكشفه ظلمات الشرك والشك، ولإبانته ما كان خافياً عن الناس من الحق. أو لأنه ظاهر الإعجاز.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ مما تُخفونه لا يبينه إذا لم تضطر إليه مصلحة دينية) إلى آخره، هذا يؤذن أن صفة الرسول ﷺ وأمر الرجم مما اضطر إليهما لمصالح، وفيهما فوائد جمة، ولذلك لم يعف عنهما.
قوله: (وصفته) وهو مبتدأ، والخبر: "مما لابد من بيانه"، "وما فيه إحياء شريعة وإماتة بدعة" من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قوله: (لكشفه ظلمات الشرك) تعليل لتسمية القرآن بالنور، وقوله: "لإبانته" تعليل لوصفه بالمبين.
قوله: (أو لأنه ظاهر الإعجاز) على أن ﴿مُبِينُ﴾ من: بان الشيء، وعن الواحدي، عن قتادة: ﴿نُّورٌ﴾، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وهو اختيار الزجاج، وما ذهب إليه المصنف أوفق لتكرير قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾ بغير عاطف، فعلق به أولاً: وصف الرسول صلى الله عليه وسلم، وثانياً: وصف الكتاب، وأحسن منه ما سله الراغب حيث قال: بين في الآية الأولى والثانية النعم الثلاث التي خص بها العباد، وهي النبوة والعقل والكتاب، وذكر في الآية الثالثة ثلاثة أحكام يرجع كل واحد إلى نعمة مما تقدمن فقوله: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾ يرجع إلى قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا﴾، أي: يهدي