٢٧ - آل عمران
فيه قبضاً وبسطاً حسبما تقتضيه مشيئتُك وتخصيصُ الخير بالذكر لما أنه مقضيٌّ بالذات وأما الشرُّ فمقضيٌّ بالعَرَض إذ ما من شر جزئي إلا وهو متضمِّنٌ لخير كلي أو لأن في حصول الشر دخْلاً لصاحبه في الجملة لأنه من أجزية أعماله وأما الخير ففضلٌ محضٌ أو لرعاية الأدب أو لأن الكلام فيه فإنه رُوِيَ أنَّ رسولَ الله ﷺ لما خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرةٍ من أهل المدينة أربعين ذِراعاً وأخذوا يحفِرونه خرج من بطن الخندق صخرةٌ كالتل لم تعمَلْ فيها المعاوِلُ فوجهوا سلمانَ إِلى رسولِ الله ﷺ يُخبره فجاء عليه السلام وأخذ منه المِعْول فضربها ضربة صدعَتْها وبرَقَ منها برقٌ أضاء ما بين لابتيها لكأن مِصباحاً في جوف بيت مظلم فكبر وكبر معه المسلمون وقال أضاءت لي منها قصورُ الحِيرة كأنها أنياب الكلاب ثم ضرب الثانية فقال أضاءت لي منها القصورُ الحُمْرُ من أرض الروم ثم ضرب الثالثة فقال أضاءت لي قصورُ صنعاء وأخبرني جبريلُ أن أمتي ظاهرةٌ على كلها فأبشروا فقال المنافقون ألا تعجبون يمينكم ويعِدُكم الباطلَ ويخبركم أنه يُبصر من يثربَ قصورَ الحِيرة ومدائن كسرى وأنها تُفتح لكم وأنتم إنما تحفِرون الخندقَ من الفرَق لا تستطيعون أن تبرُزوا فنزلت
﴿إِنَّكَ على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ﴾ تعليل لما سبق وتحقيقٌ له
﴿تولج الليل فِى النهار﴾ أي تُدخِله فيه بتعقيبه إياه أو بنقص الأول وزيادةِ الثاني
﴿وتولج النهار في الليل﴾ على أحد الوجهين
﴿وَتُخْرِجُ الحى مِنَ الميت﴾ أي تنشئ الحيواناتِ من موادها أو من النطفة وقيل تخرِجُ المؤمنَ من الكافر
﴿وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحى﴾ أي تخرج النطفة من الحيوان وقيل تخرج الكافر من المؤمن
﴿وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ قال أبو العباس المَقَّرِي ورد لفظُ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجهٍ بمعنى التعب قال تعالى ﴿وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ وبمعنى العدد قال تعالى ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ وبمعنى المطالبة قال تعالى ﴿فامنن أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ والباءُ متعلقةٌ بمحذوفٍ وقعَ حالاً من فاعل ترزق أو من مفعوله وفيه دَلالةٌ على أن من قدر على أمثال هاتيك الأفاعيلِ العظامِ المحيِّرة للعقول والأفهام فقُدرته على أن ينزعَ الملكَ من العجم ويُذِلهم ويُؤتيَه العربَ ويُعِزَّهم أهونُ من كل هيّن عن عليَ رضيَ الله عنه أنه قال قالَ رسولُ الله ﷺ إن فاتحة الكتاب وآيةَ الكرسيِّ وآيتين من آل عمران شهد الله أَنَّهُ لاَ إله إِلا هو إلى قوله تعالى إِنَّ الدين عند الله الإسلام وقل اللهم مالك الملك إلى قوله بِغَيْرِ حِسَابٍ معلقاتٌ ما بينهن وبين الله تعالى حجابٌ قلن يا رب تُهبِطُنا إلى أرضك وإلى من يعصيك قال الله تعالى إني حلفت أنه لا يقرؤكُنّ أحدٌ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ إلا جعلتُ الجنّةَ مثواه على ما كان منه وأسكنتُه في حظيرة القدس ونظرت اليه بعيني كل يوم سبعين مرةً وقضيتُ له سبعين حاجة أدناها المغفرة وأعذتُه من كل عدو وحاسدٍ ونصرتُه عليهم وفي بعض الكتب أنا الله ملكُ الملوك قلوبُ الملوكِ ونواصِيهم بيدي فإنِ العبادُ أطاعوني جعلتهم لهم رحمة وإنِ العبادُ عصَوْني جعلتهم عليهم عقوبة فلا