ويثيب عليها، كالضالة من الإبل «١» التي هي بمضيعة لا ربّ لها يحفظها ويعتنى بأمرها. أو جعلها ضالة في كفرهم ومعاصيهم ومغلوبة بها، كما يضل الماء في اللبن. وأعمالهم: ما عملوه في كفرهم بما كانوا يسمونه مكارم: من صلة الأرحام وفك الأسارى وقرى الأضياف وحفظ الجوار.
وقيل: أبطل ما عملوه من الكيد لرسول الله ﷺ والصدّ عن سبيل الله: بأن نصره عليهم وأظهر دينه على الدين كله وَالَّذِينَ آمَنُوا قال مقاتل: هم ناس من قريش. وقيل: من الأنصار. وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب. وقيل: هو عام. وقوله وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ اختصاص للإيمان بالمنزل على رسول الله ﷺ من بين ما يجب به الإيمان تعظيما لشأنه وتعليما، لأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به. وأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وقيل: معناها إنّ دين محمد هو الحق، إذ لا يرد عليه النسخ، وهو ناسخ لغيره. وقرئ:
نزل وأنزل، على البناء للمفعول. ونزّل على البناء للفاعل، ونزل بالتخفيف كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي لرجوعهم عنها وتوبتهم وَأَصْلَحَ بالَهُمْ أى حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين، وبالتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النصرة والتأييد.
[سورة محمد (٤٧) : آية ٣]
ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣)
ذلِكَ مبتدأ وما بعده خبره، أى: ذلك الأمر وهو إضلال أعمال أحد الفريقين وتكفير سيئات الثاني: كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق. ويجوز أن يكون ذلك خبر مبتدإ محذوف، أى. الأمر كما ذكر بهذا السبب، فيكون محل الجار والمجرور منصوبا على هذا، ومرفوعا على الأوّل والْباطِلَ ما لا ينتفع به. وعن مجاهد: الباطل الشيطان: وهذا الكلام يسميه علماء البيان التفسير كَذلِكَ مثل ذلك الضرب يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ والضمير راجع إلى الناس، أو إلى المذكورين من الفريقين، على معنى: أنه يضرب أمثالهم لأجل الناس