معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧
الفعل الذي قبلها من العلم وأشباهه لأنك تجد الفعل غير واقع على أىّ فى المعنى ألا ترى أنك إذا قلت : اذهب فاعلم أيّهما قام أنك تسأل غيرهما عن حالهما فتجد الفعل واقعا على الذي أعلمك، كما أنك تقول : سل أيّهم قام، والمعنى : سل الناس أيّهم قام. ولو أوقعت الفعل على «أَيَّ» فقلت : اسأل أيّهم قام لكنت كانك تضمر أيّا مرّة أخرى لأنك تقول : سل زيدا أيّهم قام، فإذا أوقعت الفعل على زيد فقد جاءت «أى» بعده. فكذلك «أى» إذا أوقعت عليها الفعل خرجت من معنى الاستفهام، وذلك إن أردته، جائز، تقول : لأضربنّ أيّهم يقول ذاك لأنّ الضرب لا يقع على [اسم ثم يأتى بعد ذلك استفهام، وذلك لأن الضرب لا يقع على «١»] اثنين، وأنت تقول فى المسألة : سل عبد اللّه عن كذا، كأنك قلت :
سله عن كذا، ولا يجوز ضربت عبد اللّه كذا وكذا إلا أن تريد صفة الضرب، فأما الأسماء فلا. وقول اللّه :«ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» «٢» من نصب أيّا أوقع عليها النزع وليس باستفهام، كأنه قال : ثم لنستخرجن العاتي الذي هو أشد. وفيها وجهان من الرفع أحدهما أن تجعل الفعل مكتفيا بمن فى الوقوع عليها، كما تقول : قد قتلنا من كل قوم، وأصبنا «٣» من كل طعام، ثم تستأنف أيّا فترفعها بالذي بعدها، كما قال جلّ وعزّ :«يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ»
والكوفيون يجرون «أيا» مجرى من وما فى الاستفهام والجزاء، فإذا وقع عليها الفعل وهى بمعنى الذي نصبوها لا محالة، فيقولون : اضرب أيهم أقبح، وأكرم أيهم هو أفضل. وحكى أنهم قرءوا بالنصب فى الآية «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا».
(١) ما بين المربعين ساقط فى أ.
(٢) آية ٦٩ سورة مريم.
(٣) فى ج، ش : وأكلنا.