المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٦٨
رَهِينٌ ومَرْهُونٌ. ويقال في جمع الرَّهْنِ : رِهَانٌ ورُهُنٌ ورُهُونٌ، وقرئ : فَرُهُنٌ مقبوضة «١» وفَرِهانٌ
«٢»، وقيل في قوله : كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
[المدثر / ٣٨]، إنه فعيل بمعنى فاعل، أي : ثابتة مقيمة. وقيل : بمعنى مفعول، أي :
كلّ نفس مقامة في جزاء ما قدّم من عمله. ولمّا كان الرّهن يتصوّر منه حبسه استعير ذلك للمحتبس أيّ شيء كان، قال : بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر / ٣٨]، ورَهَنْتُ فلانا، ورَهَنْتُ عنده، وارْتَهَنْتُ : أخذت الرّهن، وأَرْهَنْتُ في السِّلْعة، قيل : غاليت بها، وحقيقة ذلك : أن يدفع سلعة تقدمة في ثمنه، فتجعلها رهينة لإتمام ثمنها.
رهو
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً
[الدخان / ٢٤]، أي :
ساكنا، وقيل : سعة من الطّريق، وهو الصحيح، ومنه : الرَّهَاءُ للمفازة المستوية، ويقال لكلّ جوبة «٣» مستوية يجتمع فيها الماء رهو، ومنه قيل :«لا شفعة في رَهْوٍ» «٤»، ونظر أعرابيّ إلى بعير فالج فقال : رَهْوٌ بين سنامين «٥».
ريب
يقال رَابَنِي كذا، وأَرَابَنِي، فَالرَّيْبُ : أن تتوهّم بالشيء أمرا مّا، فينكشف عمّا تتوهّمه، قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ [الحج / ٥]، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [البقرة / ٢٣]، تنبيها أن لا ريب فيه، وقوله : رَيْبَ الْمَنُونِ
[الطور / ٣٠]، سمّاه ريبا لا أنه مشكّك في كونه، بل من حيث تشكّك في وقت حصوله، فالإنسان أبدا في ريب المنون من جهة وقته، لا من جهة كونه، وعلى هذا قال الشاعر :
٢٠٠ -
النّاس قد علموا أن لا بقاء لهم لو أنّهم عملوا مقدار ما علموا
«٦» ومثله :
٢٠١ -
أمن المنون وريبها تتوجّع؟
«٧» وقال تعالى : لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ
[هود / ١١٠]، مُعْتَدٍ مُرِيبٍ [ق / ٢٥]، والارْتِيابُ يجري مجرى الْإِرَابَةِ، قال : أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ
[النور / ٥٠]، وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ
(١) سورة البقرة : آية ٢٨٣، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو.
(٢) وهي قراءة الباقين.
(٣) الجوبة : الحفرة.
(٤) الحديث :«لا شفعة في فناء ولا منقبة، ولا طريق ولا ركح ولا رهو». انظر : النهاية ٢ / ٢٨٥، وغريب الحديث ٣ / ١٢١.
(٥) انظر عمدة الحفاظ : رهو.
(٦) البيت في البصائر ٣ / ١١٤ دون نسبة، وهو لديك الجن في محاضرات الأدباء ٤ / ٤٩١، وعمدة الحفاظ : ريب.
(٧) شطر بيت، وعجزه :
والدّهر ليس بمعتب من يجزع
وهو مطلع قصيدة أبي ذؤيب الهذلي العينية. وهو في المفضليات ص ٤٢١، والأغاني ٦ / ٥٨.