المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٥٣
وتارة لمتحمّل القول والرِّسَالَةِ. والرَّسُولُ يقال للواحد والجمع، قال تعالى : لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
[التوبة / ١٢٨]، وللجمع :
ُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
[الشعراء / ١٦]، وقال الشاعر :
١٨٩ -
ألكني إليها وخير الرّسو ل أعلمهم بنواحي الخبر «١»
وجمع الرّسول رُسُلٌ. ورُسُلُ اللّه تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير / ١٩]، وقوله : إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ [هود / ٨١]، وقوله : وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ [هود / ٧٧]، وقال : وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى [العنكبوت / ٣١]، وقال : وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
[المرسلات / ١]، بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف / ٨٠]، ومن الأنبياء قوله :
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ
[آل عمران / ١٤٤]، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
[المائدة / ٦٧]، وقوله : وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
[الأنعام / ٤٨]، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس.
وقوله : يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً
[المؤمنون / ٥١]، قيل : عني به الرّسول وصفوة أصحابه، فسمّاهم رسلا لضمّهم إليه «٢»، كتسميتهم المهلّب «٣» وأولاده :
المهالبة. والْإِرْسَالُ يقال في الإنسان، وفي الأشياء المحبوبة، والمكروهة، وقد يكون ذلك بالتّسخير، كإرسال الريح، والمطر، نحو :
وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً
[الأنعام / ٦]، وقد يكون ببعث من له اختيار، نحو إِرْسَالِ الرّسل، قال تعالى : وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً
[الأنعام / ٦١]، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ
[الشعراء / ٥٣]، وقد يكون ذلك بالتّخلية، وترك المنع، نحو قوله : أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم / ٨٣]، والْإِرْسَالُ يقابل الإمساك. قال تعالى : ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
[فاطر / ٢]، والرَّسْلُ من الإبل والغنم : ما يَسْتَرْسِلُ في السّير، يقال : جاءوا أَرْسَالًا، أي :
متتابعين، والرِّسْلُ : اللّبن الكثير المتتابع الدّرّ.

_
(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين ١ / ١٤٦، والبصائر ٣ / ٧٠، واللسان (أ لك).
(٢) وقال بعض العلماء : الخطاب في هذه الآية للنبي صلّى اللّه عليه وسلم، وأنه أقامه مقام الرسل. راجع : القرطبي ١٢ / ١٢٧.
(٣) هو المهلّب بن أبي صفرة، كان والي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي، وأولاده يقال لهم المهالبة، وله يد طولى في قتال الخوارج، توفي سنة ٨٣ ه.
انظر : أخباره في وفيات الأعيان ٥ / ٣٥٠، والكامل لابن الأثير، وشذرات الذهب ١ / ٩٥.


الصفحة التالية
Icon