البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٧٢
وبعضها من ذهب، فنصب عطفا على محل من فضة. انتهى. والزخرف : الذهب هنا، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي. وفي الحديث :«إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان».
قال ابن عطية : الحسن أحمر، والشهوات تتبعه. انتهى. قال بعض شعرائنا :
وصبغت درعك من دماء كماتهم لما رأيت الحسن يلبس أحمرا
وقال ابن زيد : الزخرف : أثاث البيت، وما يتخذ له من السرر والنمارق. وقال الحسن : النقوش، وقيل : التزاويق، كالنقش. وقرأ الجمهور : لما، بفتح اللام وتخفيف الميم : هي مخففة من الثقيلة، واللام الفارقة بين الإيجاب والنفي، وما : زائدة، ومتاع :
خبر كل. وقرأ الحسن، وطلحة، والأعمش، وعيسى، وعاصم، وحمزة : لما، بتشديد الميم، وإن : نافية، ولما : بمعنى إلا. وقرأ أبو رجاء، وأبو حيوة : لما، بكسر اللام، وخرّجوه على أن ما موصولة. والعائد محذوف تقديره : للذي هو متاع كقوله : تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ «١». وإن في هذا التخريج هي المخففة من الثقيلة، وكل : مبتدأ وخبره في المجرور، أي : وإن كل ذلك لكائن، أو لمستقر الذي هو متاع، ومن حيث هي المخففة من الثقيلة، كان الإتيان باللام هو الوجه، فكان يكون التركيب لكما متاع، لكنه قد تحذف هذه اللام إذا دل المعنى على أن إن هي المخففة من الثقيلة، فلا يجر إلى ذكر اللام الفارقة، ومن ذلك قول الشاعر :
ونحن أباة الضيم من آل مالك وإن مالك كانت كرام المعادن
يريد : لكانت، ولكنه حذف لأنه لا يتوهم في إن أن تكون نافية، لأن صدر البيت يدل على المدح، وتعين إن لكونها المخففة من الثقيلة. وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ :
أي ونعيم الآخرة، وفيه تحريض على التقوى. وقرأ : ومن يعش، بضم الشين، أي يتعام ويتجاهل عن ذكره، وهو يعرف الحق. وقيل : يقل نظره في شرع اللّه، ويغمض جفونه عن النظر في : ذِكْرِ الرَّحْمنِ. والذكر هنا، يجوز أن يراد به القرآن، واحتمل أن يكون مصدرا أضيف إلى المفعول، أي يعش عن أن يذكر الرحمن. وقال ابن عطية : أي فيما ذكر عباده، فالمصدر مضاف إلى الفاعل. انتهى، كأنه يريد بالذكر : التذكير. وقرأ يحيى بن سلام البصري : ومن يعش، بفتح الشين، أي يعم عن ذكر الرحمن، وهو القرآن، كقوله :

(١) سورة الأنعام : ٦/ ١٥٤.


الصفحة التالية
Icon