البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٦٥
رَبِّكَ
«١». وقرأ عبد اللّه، وابن عباس، وابن جبير، وعلقمة، وباقي السبعة : عباد الرحمن، جمع عبد لقوله : بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ «٢». وقرأ الأعمش : عباد الرحمن، جمعا.
وبالنصب، حكاها ابن خالويه، قال : وهي في مصحف ابن مسعود كذلك، والنصب على إضمار فعل، أي الذين هم خلقوا عباد الرحمن، وأنشئوا عباد الرحمن إناثا. وقرأ أبيّ عبد الرحمن : مفردا، ومعناه الجمع، لأنه اسم جنس. وقرأ الجمهور : وأشهدوا، بهمزة الاستفهام داخلة على شهدوا، ماضيا مبنيا للفاعل، أي أحضروا خلقهم، وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدي. وقيل : سألهم الرسول عليه السلام :
«ما يدريكم أنهم إناث؟» فقالوا : سمعنا ذلك من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فقال اللّه تعالى : سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ عنها
، أي في الآخرة. وقرأ نافع : بهمزة داخلة على أشهدوا، رباعيا مبنيا للمفعول بلا مد بين الهمزتين. والمسبى عنه : بمدة بينهما
وعليّ بن أبي طالب، وابن عباس، ومجاهد، وفي رواية أبي عمرو، ونافع : بتسهيل الثانية بلا مد
وجماعة : كذلك بمد بينهما. وعن عليّ والمفضل، عن عاصم : تحقيقهما بلا مد
والزهري وناس : أشهدوا بغير استفهام، مبنيا للمفعول رباعيا، فقيل : المعنى على الاستفهام، حذفت الهمزة لدلالة المعنى عليها. وقيل : الجملة صفة للإناث، أي إناثا مشهدا منهم خلقهم، وهم لم يدعوا أنهم شهدوا خلقهم، لكن لما ادّعوا لجراءتهم أنهم إناث، صاروا كأنهم ادعوا ذلك وإشهادهم خلقهم. وقرأ الجمهور : إناثا، وزيد بن عليّ :
أنثا، جمع جمع الجمع. قيل : ومعنى وجعلوا : سموا، وقالوا : والأحسن أن يكون المعنى : وصيروا اعتقادهم الملائكة إناثا، وهذا الاستفهام فيه تهكم بهم، والمعنى : إظهار فساد عقولهم، وأن دعاويهم مجردة من الحجة، وهذا نظير الآية الطاعنة على أهل التنجيم والطبائع : ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ «٣». وقرأ الجمهور :
ستكتب، بالتاء من فوق مبنيا للمفعول. شهادتهم : بالرفع مفردا والزبيري كذلك، إلا أنه بالياء والحسن كذلك، إلا أنه بالتاء، وجمع شهادتهم وابن عباس، وزيد بن عليّ، وأبو جعفر، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة، والجحدري، والأعرج : بالنون مبنيا للفاعل، شهادتهم على الإفراد. وقرأ فرقة : سيكتب بالياء مبنيا للفاعل، أي اللّه شهادتهم : بفتح التاء.
والمعنى : أنه ستكتب شهادتهم على الملائكة بأنوثتهم. ويسألون : وهذا وعيد.

(١) سورة الأعراف : ٧/ ٢٠٦.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١/ ٢٦.
(٣) سورة الكهف : ١٨/ ٥١.


الصفحة التالية
Icon