لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٦٦
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بعينه قال : فو اللّه ما تنخم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون في وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون النظر إليه تعظيما له فرجع عروة إلى أصحابه وقال : أي قوم. واللّه لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي. واللّه إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا واللّه ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره.
وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه. وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون النظر إليه تعظيما له وقد عرض عليكم خطة رشد فأقبلوها فقال رجل من كنانة : دعوني آته. فقالوا : ائته. فلما أشرف على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :
وأصحابه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذا فلان من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعث له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال : سبحان اللّه ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت. ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة وكان يومئذ سيد الأحابيش فلما رآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه، فلما رأى الهدي يسيل إليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إعظاما لما رأى فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما لا يحل صد الهدى في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله قالوا له : اجلس فإنما أنت رجل أعرابي لا علم لك. فغضب الحليس عند ذلك وقال : يا معشر قريش واللّه ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أيصد عن بيت اللّه من جاءه معظما له؟ والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحبيش نفرة رجل واحد. فقالوا : مه كفّ عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال : دعوني آته. فقال : ائته فلما أشرف عليهم قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : قد سهل لكم من أمركم قال معمر قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات أكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علي بن أبي طالب فقال : اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم.
فقال سهيل : أما الرّحمن فو اللّه ما أدري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب فقال المسلمون واللّه ما نكتبها إلا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لعلي : اكتب باسمك اللهم. ثم قال له : اكتب هذا ما قضى عليه محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : فقال سهيل لو كنا نعلم أنك رسول اللّه ما صددناك عن هذا البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد اللّه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : واللّه إني لرسول اللّه وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد اللّه. قال الزهري وذلك لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات اللّه إلا أعطيتهم إياها فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللّه سهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض. فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : وعلي أن يخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به فقال سهيل : واللّه لأتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل وعلي أن لا يأتيك منا رجلا وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. فقال المسلمون : سبحان اللّه كيف يرد إلى المشركين من جاء مسلما.
وروي عن البراء قصة الصلح وفيها قالوا : لو نعلم أنك رسول اللّه ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد اللّه قال : أنا رسول اللّه وأنا محمد بن عبد اللّه ثم قال لعلي : امح رسول اللّه. قال : لا واللّه لا أمحوك أبدا قال : فأرنيه، فأراه إياه فمحاه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بيده. وفي رواية، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الكتاب وليس يحسن أن يكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللّه قال البراء : على ثلاثة أشياء على أن من أتاه من المشركين رده إليهم


الصفحة التالية
Icon