لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٦٣
بهذه الخربة كل غداة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لكنانة : أرأيت إن وجدناه عندك أنقتلك قال : نعم فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقي، فأبى أن يؤديه إليه فأمر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الزبير بن العوام أن يعذبه حتى يستأصل ما عنده فكان الزبير يقدح بزنده على صدره حتى أشرف على نفسه ثم دفعه إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة» (ق) عن أنس بن مالك، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس فركب نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر بياض فخذ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فلما دخل القرية قال : اللّه أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاثا. قال : وخرج القوم إلى أعمالهم فقالوا محمد والخميس يعني الجيش. قال : فأصبناها عنوة فجمع السبي فجاء دحية فقال : يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أعطني جارية من السبي. قال : اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي فجاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : يا نبي اللّه أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير لا تصلح إلا لك قال : ادعوها فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : خذ جارية من السبي غيرها، فأعتقها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وتزوجها. فقال له ثابت : يا أبا حمزة ما أصدقها قال نفسها أعتقها وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق، جهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل وأصبح النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عروسا فقال : من كان عنده شيء فليجئ به.
وبسط نطعا فجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الآخر يجيء بالسمن قال : وأحسبه ذكر السويق. قال : فحاسوا حيسا فكانت وليمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» (ق). عن عبد اللّه بن أبي أوفى قال :«أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن أكفئوا القدور ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا». فقال أناس :
نهى عنها لأنها لم تخمس وقال آخرون : إنما نهى عنها البتة (ق) عن أنس :«أن امرأة يهودية أتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بشاة مسمومة فجيء بها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسألها عن ذلك فقالت : أردت لأقتلك فقال : ما كان اللّه ليسلطك على ذلك. أو قال علي قالوا أنقلتها قال لا فما زلت أعرفها في لهوات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم».
قال محمد بن إسماعيل قال يونس عن الزهري قال عروة قالت عائشة : كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في مرضه الذي مات فيه :«يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخبير فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم» (خ). عن عائشة قالت :«لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر» (ق) عن ابن عمر «أن عمر أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها وكانت الأرض لما ظهر عليها للّه ولرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وللمسلمين فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقرهم بها على أن يكفوا العمل ولهم نصف التمر، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها. حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء وأريحاء.
قال محمد بن إسحاق : لما سمع أهل فدك بما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بخيبر بعثوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسألونه أن يحقن دماءهم وأن يسيرهم ويخلوا له الأموال ففعل بهم ثم إن أهل خيبر سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يعاملهم على النصف ففعل على أن لنا إذا شئنا إخراجكم فصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت خيبر للمسلمين وكانت فدك خالصة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب، فلما اطمأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم اليهودية شاة مصلية، يعني مشوية، وسألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل لها : الذراع، فأكثرت فيها السم، وسمّت سائر الشاة، ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تناول الذراع فأخذها، فلاك منها قطعة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور، فأخذ منها كما أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأما بشر فأساغها يعني ابتلعها وأما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلفظها، ثم قال :
إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم. ثم دعا بها فاعترفت فقال : ما حملك على ذلك؟ فقالت : بلغت من قومي ما لا يخفى عليك فقلت إن كان ملكا استرحنا منه وإن كان نبيا فيسخبرنا. فتجاوز عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومات بشر