القصة الثالثة قصة إبراهيم عليه السلام
وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً إِذْ قَالَ لاًّبِيهِ ياأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً ياأَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِى أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً ياأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيّاً ياأَبَتِ إِنِّى أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً
اعلم أن الغرض من هذه السورة بيان التوحيد والنبوة والحشر والمنكرون للتوحيد هم الذين أثبتوا معبوداً سوى الله تعالى وهؤلاء فريقان منهم من أثبت معبوداً غير الله حياً عاقلاً فاهماً وهم النصارى ومنهم من أثبت معبوداً غير الله جماداً ليس بحي ولا عاقل ولا فاهم وهم عبدة الأوثان والفريقان وإن اشتركا في الضلال إلا أن ضلال الفريق الثاني أعظم فلما بين تعالى ضلال الفريق الأول تكلم في ضلال الفريق الثاني وهم عبدة الأوثان فقال وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ والواو في قوله واذكر عطف على قوله ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا كأنه لما انتهت قصة عيسى وزكريا عليهما السلام قال قد ذكرت حال زكريا فاذكر حال إبراهيم وإنما أمر بذكره لأنه عليه السلام ما كان هو ولا قومه ولا أهل بلدته مشتغلين بالعلم ومطالعة الكتب فإذا أخبر عن هذه القصة كما كانت من غير زيادة ولا نقصان كان ذلك إخباراً عن الغيب الغيب ومعجزاً قاهراً دالاً على نبوته وإنما شرع في قصة إبراهيم عليه السلام لوجوه أحدها أن إبراهيم عليه السلام كان أب العرب وكانوا مقرين بعلو شأنه وطهارة دينه على ما قال تعالى مّلَّة َ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ( الحج ٧٨ ) وقال تعالى وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّة ِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ( البقرة ١٣٠ ) فكأنه تعالى قال للعرب إن كنتم مقلدين لآبائكم على ما هو قولكم وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَة ٍ مّن نَّذِيرٍ ( الزخرف ٢٣ )


الصفحة التالية
Icon